كركوك: بؤرة الزلزال في الحرب الأهلية العراقية التالية

مجموعة من المقاتلين الأكراد في العراق - (أرشيفية)
مجموعة من المقاتلين الأكراد في العراق - (أرشيفية)

جيمس زوزنفيلد - (الديلي بيست)

ترجمة: عبد الرحمن الحسيني

17/2/2015

تهدد التوترات في مدينة كركوك القديمة بالغليان، بينما تتحرك القوات الكردية لتحويل خطوط معاركها مع الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" إلى حدود لدولة كردية. وقد ضمت هذه المدينة تقليدياً خليطاً من المجموعات الإثنية والدينية الرئيسية في العراق -الأكراد والتركمان (العديد منهم شيعة)، والعرب الشيعة، والعرب السنة. لكن المحافظة غنية بالنفط والغاز الطبيعي، وهو ما يعتبره الأكراد أمراً أساسياً بينما يخططون للاستقلال الاقتصادي، خاصة وأن الحكومة الإقليمية الكردستانية وقعت على صفقة نفط كبيرة مع تركيا. وهم لا ينوون تقاسمها. كما أن عداء الأكراد مع الشيعة العرب يصبح أكثر خطورة بازدياد.اضافة اعلان
حتى رغم أن ما تدعى الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" تقف من الناحية العملية على تخوم المدينة، فقد عارض مسعود برزاني، رئيس كردستان العراق، تسليح مواطني المدينة العرب والتركمان، نظراً إلى أن القوات الكردية سيطرت على المنطقة من الحكومة العراقية في الصيف الماضي. وجاء التقدم الكردي بعد استيلاء "داعش" على مدينة تكريت التي تقع إلى الجنوب بين كركوك وبغداد. وفي مقابلة أجرتها معه أخيراً صحيفة الحياة العربية التي تصدر في لندن، قال البرزاني: "لن نسمح لأي قوات بالدخول إلى كركوك"، في رسالة موجهة شكل مباشر إلى الميليشيات الشيعية المدعومة إيرانياً.
هذا الشقاق المتزايد الذي يهدد بالتحول إلى نزاع مسلح مفتوح بين الميليشيات الشيعية والقوات الكردية، هو من النوع الذي كان قد استغله جهاديو "داعش" الأذكياء في الماضي؛ حيث تحرك التنظيم لملء فراغات السلطة التي خلفها الفساد والاقتتال الداخلي بين خصومه وبناء إمبراطوريته في العراق وسورية. وستكون كركوك ونفطها جائزة كبيرة.
اليوم، ترفرف رايات "داعش" على بعد مئات الأمتار فقط من القوات الكردية الواقفة على خط الجبهة المتوترة بالقرب من قرية "مطرة" الواقعة على نهر الزاب الصغير، على بعد 20 كيلومتراً عن مدخل كركوك. وعلى السهل الذي تتخلله الحقول الخضراء من حين لآخر، يتخذ خليط من الوحدات الكردية في القوات العراقية الحكومية، وجنود البشمرغة من الحكومة الإقليمية الكردية، ورجال حرب العصابات التابعين لحزب العمال الكردستاني (الذين تعتبرهم تركيا إرهابيين لكنهم يقاتلون إلى جانب حلفاء الولايات المتحدة في العراق وسورية)، يتخذ هؤلاء مواقع لهم على ضفتي النهر، وتقع الطريق التي تتعقبه هذه الحدود بحكم الأمر الواقع تماماً في مرمى نار قناصة "داعش". وترفع القرى الواقعة على طول الخط السريع الرايات الشيعية بفخر، وتزخر باليافطات الدعائية لرجل الدين مقتدى الصدر ولهادي العامري، قائد منظمة بدر المدعومة إيرانياً. وترفع الميليشيات الشيعية رايات عراقية ودينية على أبراج المراقبة التي تستخدمها عند مداخل البلدات. وسيمثل أي نزاع بين الشيعة والأكراد هنا دعوة لقوات "داعش" للتقدم.
إنه موقف قابل للانفجار بما يكفي لجعل قائد المنطقة المحلي لحزب العمال الكردستاني، أجيد كالاري، يدين بعبارت شديدة تحذيرات برزاني من الشيعة. ويقول قائد حرب العصابات أشيب الشعر بينما يجلس وبجانبه بندقية (م. 16) أسفل علم أصفر يحمل صورة زعيم الحركة السجين (في تركيا) عبد الله اوغلان: "إن هذا التصريح سيفاقم الحالة وحسب. إن ما نحتاجه هو الوحدة لمقاتلة داعش".
يتقاسم مقاتلو كالاري قاعدة مع وحدة كردية من القوات الكردية العراقية على بعد 500 متر من نهر الزاب، وكانت لهم أهمية رئيسية في صد قوات "داعش" الدموية في الأشهر السبعة الماضية. ويعتقد كالاري أن النهر الذي يفصل بين قواته و"داعش" يشكل حداً جيداً للتأشير على منطقة السيطرة الكردية، بالتأكيد، لكنه يتحدث عن خطورة اختيار القتال مع الميليشيات الشعية استناداً إلى الطموحات الكردية لكسب أراضٍ في المستقبل. ويقول بما لا يقبل النقض: "لن تساعد هذه التصريحات الأكراد في الوقت الحالي".
في داخل مدينة كركوك، ثمة شعور بالانقسام وعدم الاستقرار في كل مكان. فقد حلت القوات الكردية محل قوات الحكومة العراقية في العديد من القواعد المعززة بجدار مقاوم للتفجيرات ومراكز الشرطة. وفي نقاط التفتيش حول المدينة، يقف جنودهم في وضع استعداد. وتشكل التفجيرات التي تنفذها "داعش" هناك حدثاً اعتيادياً. وبرغم أن كركوك تعد أكبر مدينة حضرية متنوعة في العراق، فإنها تصبح أكثر انقساماً واستقطاباً بازدياد.
عندما تضرب هجمات "داعش"، يجتاح الخوف المجتمعات العربية السنية في أنحاء المدينة؛ حيث لا يقتصر الخوف على الجهاديين الهمجيين وحسب، وإنما من احتمال التعرض للانتقام العشوائي أيضاً. ولأن "داعش" تدعي بأنها تقاتل للدفاع عن الإسلام السني وتسعى إلى استغلال الانقسامات العربية الكردية، يكون من المحتمل بشكل كبير أن يصبح كل العرب السنة موضعاً للشك وهدفاً بشكل عام لأعمال انتقام شخصية عندما تضرب هجمات "داعش" الإرهابية مناطق الشيعة والتركمان أو الضواحي الكردية من المدينة. وعلى العكس من الشيعة والتركمان، لا يتوافر السنة على ميليشيات مجتمعية لحمايتهم هناك، كما أنهم لا ينطوون على الثقة نفسها بالقوات الأمنية كما يفعل الأكراد، لكن بعضهم يجد قبولا متزايداً في الضواحي الكردية.
[email protected]
*نشرت هذه القراءة تحت عنوان: The Epicenter of Iraq’s Next Civil War