كلفة حوادث المرور يدفعها الضحايا.. والمجتمع

من يتابع أخبار حوادث المرور اليومية؛ قتلاً وجرحاً، وتشويهاً وإعاقات ومآسي دائمة، وتدميرا للممتلكات.. يصاب بالرعب من احتمال تعرضه لها، حتى وإن كان غير ذي صلة.اضافة اعلان
وإذا كان الأمر كذلك، فليس من مصلحة الفرد والمجتمع منح رخصة سوق سيارة لأحد قبل التأكد من إتقانه السياقة؛ فنياً وإدارياً وأدبياً، بحيث لا يتوقع منه ارتكاب مخالفة أو التسبب في الحوادث المرورية. وربما يجب –لهذا لغرض– إخضاع كل طالب رخصة لفحص نفسي أيضاً، لتحديد المتهورين والطائشين الذين يشتبه بهم الطبيب النفسي أنهم كذلك، والذين قد ينجون بالصدفة من الحوادث التي تقع على أيديهم ومن تبعاتها التي يتحملها غيرهم.
إن السائق الذي لا يلتزم بربط حزام الأمان، أو بصيانة السيارة بصورة دورية أو عندما يلزم، يعرض الجميع للإصابة أو الموت أكثر من غيره من الملتزمين بذلك، كما تفيد الدراسات المرورية. كما يجب على السلطات المعنية إعداد الطرق الصالحة للسير الآمن، مع الشواخص والإشارات الواضحة والظاهرة.
عندما يقع حادث مروري، مؤسف أو غير مؤسف، فإنه يكلف المجتمع الكثير؛ مثل قيام سيارات أو مروحيات الدفاع المدني بنقل المصابين أو القتلى إلى المستشفيات، والذين قد يخلفون يتامى وراءهم، يقع عبؤهم على المجتمع/ الدولة. وبذلك يضغطون على الموارد الشحيحة كل يوم، من دون أن يسهموا بأقل القليل من الكلفة. وعليه، يجب علينا جميعاً أن لا نمرّ مرور الكرام بأنباء الحوادث، بل أن نصرّ على ترخيص متشدد، وسياقة مسؤولة وآمنة.
ينطبق هذا الوضع من حيث الجوهر على الموظفين والعمال في القطاعات الثلاثة: العام، والخاص، والأهلي؛ الذين لا يقومون بأعمالهم بصدق وأمانة. كما ينطبق على الذين يلقون بنفاياتهم في الشارع من بيت أو شقة أو عمارة أو سيارة. وينطبق كذلك على الذين يحصلون على إجازات مرضية وما هم بمرضى، وعلى الذين يتعاطون التدخين أو الكحول والمخدرات بشراهة أو يدمنون عليها، لأن ذلك يؤثر سلباً على إنتاجهم وإنتاجيتهم، ويعتبر انتهاكاً لالتزاماتهم بيوم عمل كامل بأجر، مقابل يوم عمل كامل.
لقد بينت البحوث استمرار أثر تعاطي التدخين أو الكحول أو المخدرات على الفاعل لمدة أربع وعشرين ساعة على الأقل بعد تناولها؛ فلا يستطيع أن يحاجج أنه تعاطاها في وقته الخاص وعلى حسابه الخاص وأن لا دخل لأحد فيه، لأن تعاطيه أو إدمانه يؤثر سلباً على الأداء في نهار اليوم التالي.
لقد بلغ التشدد في ذلك بإحدى الشركات الأميركية أن أجبرت موظفيها على إجراء فحص بول للتأكد من أنهم لا يدخنون أو يشربون الكحول أو يتعاطون المخدرات خارج أوقات الدوام، فيؤثر ذلك سلبياً على أداء الشركة. وقد فُصل من العمل من تبيّن أنه يدخن. كما قامت شركة أخرى بطرد حارس لأنه سمين زيادة عن الحد، على الرغم من قيامه الحسن بواجبه.
إن اتساع حوادث المرور، وتمارض الموظفين والعمال أو تغيبهم الزائد عن المعقول، كما تعاطيهم التدخين والكحول والمخدرات أو الإدمان عليها، لا يخلق اقتصاداً مزدهراً، ولا يؤدي إلى تحسين الأحوال المعيشية للفاعلين وبقية الناس. وإذا كانت الحكومات والإدارات تغض الطرف عن ذلك أو تتساهل فيه، فإن على الضمير أن يأمر صاحبه بالتوقف عنه، لأن الضمير هو صاحب القرار النهائي، وعندما يكون حياً وصارماً فإن صاحبه لا يحتاج إلى شرطي سير أو رادار أو إدارة تراقبه وتحاسبه.
لقد اقترح أحد المفكرين المفجوعين بحوادث المرور وانتهاك الموظفين لواجباتهم، طرح سؤال على الواحد منهم: ماذا تحب أن يكتب على شاهد ضريحك بعد عمر طويل؟ أو كيف تحب تلخيص حياتك على هذا الشاهد؟