كلوني يبحث عن ملاذ للحب والغفران في "الأميركي"

الرباط - بطاقة متجددة واحترافية راقية، ينتزع أداء جورج كلوني إعجاب أوسع شرائح الجمهور والنقاد، وهو يلعب بطولة فيلم الحركة والتشويق "الأميركي" للمخرج أنتون كوربين، متجاوزا تصنيفه النمطي في مصاف ممثلي الجاذبية الجسدية والقوة الذهنية القاهرة. وبالرغم من أن قصة الفيلم تحاكي نماذج عديدة للمسار السردي في أفلام الحركة، إلا أن فضاءه النفسي يتسع لرصد مسار مركب وعسير لقاتل محترف يحاول الانسحاب من دائرة "المهام القذرة"، والانخراط في حياة جديدة بجرعات أقل من الخطر والخوف والعزلة. وفي هذا المسعى يبدو جورج كلوني، تحت إدارة مخرج ذي مرجعية فوتوغرافية تركت بصماتها في مناظر العمل، في ثوب تشخيصي جديد يراهن على سبر الأعماق السحيقة لشخصية تنشد التحول والتحرر من الماضي، متحركا في فضاء درامي يطبعه اقتصاد الحوار وبطء الإيقاع المنسجم مع جغرافية القرية الإيطالية التي يلجأ إليها جاك (كلوني) ساعيا إلى تقاعد مريح من مهنة القتل المؤدى عنه. فبعد عملية خائبة، يتفق جاك مع رئيسه على التواري في القرية الهادئة محاولا ترتيب مستقبل جديد لحياته. الشخوص التي يلتقيها في ملاذه الريفي ذات دلالات بليغة الإيحاء. يبدو قس القرية بمثابة أفق للغفران والتخلص من أدران الماضي الأثيم، بينما تظهر بائعة الهوى كلارا قرينة لجاك في توقها إلى القطع مع حياتها الوضيعة والهجرة إلى أرض أخرى برفقة الحبيب الأميركي الوافد. من المفارقات الجمالية المثيرة للاهتمام في هذا العمل، ذلك التعايش المميز بين بطء الإيقاع المتناسب مع فضاء الأحداث القروي بزمنه الممتد والرتيب، والتوتر الداخلي للبطل، جاك، المفتقد للشعور بالأمان والمتحسب لمطاردات زملائه في مهن التصفية الجسدية، وهو ما عكسته حركات الكاميرا المتكررة وهي تسلط عدستها على البروفايل الخلفي للبطل المتيقظ لكل الحركات والسكنات، أو ترصد خطواته الحذرة والمتوترة في أزقة القرية. وكما في الرواية الأصلية التي استند عليها الفيلمA Very Private Gentleman لمارتن بوث (1990)، فإن النهاية لن تكون أميركية مطلقة، حيث تؤول الكلمة لماضي البطل كمطارد هادم لآمال الولادة الجديدة، ويذهب انتظار الفتاة المحبة كلارا لصديقها الأميركي قرب النهر سدى، بعد أن تنال منه رصاصة رئيسه السابق في العمل الذي لم يرقه تقاعد أحد رجاله البارعين. وعلى أكثر من صعيد، يمثل "الأميركي" نقلة مهمة في مسار المخرج بعد نجاح فيلمه الأول Control حول حياة قائد فرقة روك انجليزية شهيرة، رغم أن المعني بالأمر يتمسك بتواضعه إذ يقول "لمدة فاقت 35 عاما عملت مصورا فوتوغرافيا متخصصا في البورتريه. السينما مغامرة جديدة بالنسبة لي. ما زلت أبحث عن أسلوبي".اضافة اعلان