كن أنت المؤثر

00
00
شئنا أم أبينا أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي وما تقدمه من محتوى وقصصا وترندات تؤثر على جميع نواحي حياتنا. فمنذ أكثر من عقد بدأت تلك المنصات بلعب دور محوري في توجيه الشعوب سياسيا وثقافيا واجتماعيا. ويزداد المشهد تعقيدا يوما بعد يوم، وخاصة بوجود من أطلقوا على أنفسهم لقب المؤثرين، بدون أي ضوابط أو معايير أو أسس، فأصبحت “شغلة اللي ما إلو شغلة”، فانتقلنا من حملات منظمة لها أهدافا واضحة لمحتوى عشوائي، وفي كثير من الأحيان تافه وغير لائق، يؤثر في مزاجنا العام، سلوكنا اليومي، اختياراتنا، ثقافتنا وقيمنا المجتمعية وحتى في توجيه سياساتنا ومواقفنا. وفي ضوء تلك الفوضى نحن أمام خيارين، الأول: أن نترك هذا العالم الافتراضي والذي يتحكم بعالمنا الواقعي بكل تفاصيله. وهنا نكون قد تركنا فراغا كبيرا سيتم ملؤه بمحتوى أكثر تفاهة وسطحية ستؤثر قسرا على حاضرنا ومستقبل أطفالنا. وإما أن نختار أن نكون نحن المؤثرين على المستوى الشخصي والمؤسسي ونقدم محتوى مختلفا، فنقدم المعلومة بطريقة عصرية وجاذبة، ونقود حملات الرأي العام بدعم قضايا إنسانية حقيقة تمسنا جميعا، ونشارك ما يحسن المزاج العام ونحارب السلبية الهادمة، ونعيد أسس التعبير عن الاختلاف بالرأي باحترام وبدون تشكيك وتجريح وتعصب. المعادلة صعبة وتزداد تعقيدا يوما بعد يوم، وخاصة في ضوء تعدد المنصات وتجدد أدواتها بشكل يومي. فباتت أحداث هذا العالم الافتراضي تضرب قيمنا وثوابتنا وموقفنا! وتزعزع ثقتنا ببعضنا وبمؤسساتنا! فلكل حدث ألف رواية وراو، فلم نعد قادرين على تمييز المظلوم من الظالم، والخير من الشر، والحقيقة من الكذب. وفي ضوء عولمة وانفتاح هذا العالم، فإن الحلول صعبة وتحتاج لتدخلات عميقة، أساسها إعادة تعريف وترسيخ منظومة القيم والثوابت، وتبني مشروع وطني للإصلاح الثقافي والتربوي يبدأ من بيوتنا ومدارسنا وجامعاتنا ومؤسساتنا، ونهضة إعلامية عصرية تحاكي برسائلها وأدواتها وآليات طرحها الواقع المفروض علينا من خلال تلك القنوات. وهذا يحتاج إلى العمل بشكل تشاركي وتكاملي حتى نضع حد لتلك الفوضى قبل أن تجهز على ما تبقى من قيم لحاضرنا ومستقبلنا. نسرين قطامش مدير عام مؤسسة الحسين للسرطاناضافة اعلان