كوابيس الرئيس أوباما!

يعرّف علماء "علم النوم والأحلام والكوابيس"، الكابوس: بأنه "حلم مزعج جداً يحدث خلال مرحلة الحلم المعروفة باسم "النوم في مرحلة العين السريعة". ومعظم الناس يدخلون هذه المرحلة من النوم أحياناً بعد 90 دقيقة من النوم، بينما يحصل "الرعب النومي" في مرحلة النوم التي لا تحدث فيها حركة العين السريعة، ويدخلها النائم خلال نحو ساعة من بدء النوم، ويستمر "الرعب النومي" بين 5-20 دقيقة".اضافة اعلان
وهذه الأيام بدأت الكوابيس تغزو البيت الأبيض بسبب احتمالية انهيار سد الموصل. وفي بداية الأسبوع الحالي، أبلغ الرئيس الأميركي باراك أوباما رئيس حكومة بغداد حيدر العبادي -عبر الهاتف- بأن "كوابيس وأحلاماً مزعجة باتت تراوده يومياً في نومه بسبب إمكانية انهيار سد الموصل الذي سيغير خريطة العراق لو حصل".
كوابيس أوباما جاءت بعد تصريحات الجنرال شون ماكفرلاند قائد قوات التحالف الدولي التي أكد فيها أن "الجيش الأميركي لديه خطة طارئة لمواجهة احتمال انهيار سد الموصل"، وأن "كل ما نعرفه أنه إذا انهار فسينهار بسرعة، وهذا أمر سيئ".
بدورها، حذرت وزارة الخارجية الأميركية من أن "السد قد ينهار إذا لم تتوافر الموارد المطلوبة، وأن المياه ستغمر مدناً كثيرة، منها تكريت وسامراء والموصل، وأن مئات الآلاف من الأشخاص ربما يصبحون من دون مأوى من جراء انهيار السد".
محلياً، أكدت دراسة عراقية أن "تخفيض منسوب المياه بشكل كبير سيؤدي إلى حرمان بغداد وصلاح الدين ومحافظات الجنوب من مياه الإسالة خلال الصيف"، وأن "وزارة الموارد تدرس تخفيض منسوب المياه إلى معدلات مقبولة لا تؤثر على تجهيز المياه للمحافظات خلال الصيف القادم"!
كابوس سد الموصل ليس الأول في سلسلة كوابيس الساحة العراقية. ويبدو أن كوابيس الرئيس أوباما لم تظهر للعلن إلا اليوم بسبب احتمالية انهيار سد الموصل، وهو بلا شك كابوس سيدمر مدناً عديدة. لكن هنا نريد أن نسأل الرئيس أوباما: لماذا تغض الطرف عن العديد من الكوابيس المؤرقة في المشهد العراقي؟! ومنها:
- كوابيس المليشيات الفاعلة، والعاملة في اليقظة وليس في المنام. بل إن سفيركم في بغداد -يا سيادة الرئيس- يعرف زعماءها كافة، وأماكن تواجدهم، بل ربما حتى أعدادهم وعتادهم، فلماذا تتجاهلون دورهم، وهي التي ترعب الأبرياء وترهبهم في كل ساعة؟!
كوابيس العراقيين هي التي دفعت منظمة العفو الدولية -قبل يومين- إلى التأكيد على أن "المدنيين يدفعون مرة أخرى ثمن إخفاق العراق في إحكام السيطرة على المليشيات المُنفلتة. وعلى الدول الداعمة لقوات الأمن العراقية وقوات "الحشد الشعبي" أن تُصرّ على أن تضع بغداد حداً لهذه الانتهاكات القاتلة".
- كوابيس الفشل الحكومي في إدارة الدولة، الذي بدأت تداعياته تظهر جلياً عبر حالة الافلاس المتوقعة، التي أعلنت عنها الحكومة، لدرجة أنها ستقتطع
5.3 % من رواتب الموظفين لدعم مليشيات الحشد الشعبي، وأنها تدرس مقترحات لبيع 600 ألف عقار، منها أكثر من ألف من  القصور الرئاسية والمسجلة باسم وزارة المالية، لسد عجز الموازنة. ويمكن لهذه العقارات أن توفر 150 مليار دولار، بحسب ما ذكرت اللجنة المالية النيابية.
- كوابيس الاعتقالات التي أكدها رئيس مجلس القضاء الأعلى مدحت المحمود، وأظهرت أن عدد المعتقلين بلغ 23316 معتقلاً خلال شهرين فقط في العام 2015!
ثم أين كوابيسك -يا سيادة الرئيس- من مجمل صور الألم التي توشحت بها حياة العراقيين في داخل البلاد وخارجها نتيجة لسياساتكم التدميرية التي خربت العراق وأعادته للقرون الوسطى؟!
الحقيقة التي ينبغي أن يتذكرها ساسة الولايات المتحدة أن الكوابيس الواقعية التي يعاني منها العراقيون هي نتيجة للسياسات الحاقدة التي انتهجتها أميركا ضد العراق والعراقيين، والتي جعلت من كارثة سد الموصل لا تغير شيئاً من مجمل معادلة الكوابيس في العراق؛ لأن الكوابيس اليومية وصلت لدرجات لا يمكن للعقل الإنساني استيعابها، وصارت هناك حالة من التآلف والتعايش مع القتل والبؤس والكوابيس!