كورونا... الوقاية بداية العلاج

الثابت علميا ان فيروس كورونا سريع الانتشار، وهو الامر الذي يجيب عن سؤال حول توسع تفشي المرض حول العالم بهذا الشكل، والثابت ان نسبة الشفاء من هذا الفيروس عالية جدا تفوق الـ95 %، وان دول العالم قلقة من سرعة الانتشار اكثر من قلقها من نسب الوفاة. والواضح ان الحكومة كسلطة تنفيذية تعمل جهدها وفق الإمكانيات لمحاصرة الفيروس والحد من انتشاره، والخطوات الاخيرة التي اتخذتها تأتي في سياق تطويق المرض والحد منه، والجهود المبذولة والخطوات التي أعلن عنها تصب في اتجاه درهم وقاية خير من قنطار علاج، وهذا يجعلنا نتوقع خطوات وقرارات حكومية اخرى مثل تعطيل المؤسسات العامة والخاصة ووقف وسائل المواصلات العامة، واخرى ربما تكون أصعب. الامر الذي يتوجب ملاحظته دون قلق ان عدد الإصابات في ظل عودة الآلاف لأرض الوطن ووجودهم في حجر صحي سيرفع عدد المصابين خلال الأيام القادمة، وفي حال لا قدر الله ارتفعت الاعداد، فهو أمر متوقع، يتوجب مقابلته بالكثير من التزام حتى نخرج من مرحلة اكتشاف الامرض لمرحلة تطويقه. اليوم، المسؤولية تقع على الجميع، فالمواطن عنصر رئيسي في رفع منسوب الوقاية، ولهذا فإن بعض التصرفات والفيديوهات والتسجيلات الصوتية غير الدقيقة التي يبثها مواطنون وترفع منسوب الهلع والخوف عند الناس تساهم في زعزعة الثقة بينهم وتدخلهم في حالة هرج ومرج ليس هذا وقتها، كما ان حملات التنمر التي شاهدناها خلال اليومين الماضيين وتصيد اي حركة او كلام إنما يصب في زعزعة الامن الاجتماعي، وهي تصرفات يتوجب وقفها والحد منها وعدم المساهمة في نشرها. لست ضد التأشير لمواطن الخلل بهدف تصويبها، ولست ضد نشر التوعية المجتمعية من قبل الناس، ولكني لا أنحاز ابدا لأي تصرف لا يستند لحقيقة واضحة ويرتقي لمستوى الإشاعة ونشر القلق، ولهذا فإن مواقع التواصل الاجتماعي وروادها والناشطين عليهم توخي اقصى درجات الدقة في نقل المعلومة والتيقن منها قبل نشرها، فالناس قلقة ولا يجوز رفع منسوب القلق عندهم من خلال نشر معلومات مغلوطة او تسجيلات غير واقعية. شخصيا، رصدت خلال ايام ومن خلال وسائل التواصل الاحتماعي حالة غير مسبوقة من المنشورات والفيديوهات والتسجيلات حول كورونا بعضها منشورات تعكس تفهم أصحابها لحجم المشكلة ودور مواقع التواصل الاجتماعي في التأشير لأماكن الخلل ان حصلت، وبعضها الآخر عبارة عن منشورات تنقل معلومات غير دقيقة وغير علمية او مؤكدة، فمن فيديوهات لمعلومات عن الفيروس لا تستند لحقائق علمية، لأخرى تعترض على هذا القرار وترفض تطبيقه، وثالثة تساهم في زيادة الهلع وأغلبها غير واقعية. أعتقد حازما ان الخطوة الاولى التي تمكننا كمجتمع من تجاوز الأزمة هو الوقاية، والوقاية تأتي من خلال الالتزام بالتعليمات التي صدرت والحد من النقل والاختلاط، والحفاظ على الطلاب في البيت وعدم الزج بهم في الشارع وتقبل الحجر الصحي باعتباره خطوة مجتمعية وقائية للشخص ومخالطيه، والتزام البيت خلال فترة لـ14 يوما، بعدها سيكون بإمكاننا تطويق الفيروس ومعرفة المصابين به وعلاجهم، ومنع انتشاره في المجتمع، فكورونا ليس فيروسا عاديا وإنما متطور ينتقل بسرعة ولا تحمينا منه الخزعبلات التي ينشرها البعض وإنما ينفعنا الوقاية بالقدر الكاف والتعامل معه من قبل الناس بجدية وروح الفريق الواحد. نأمل ألا نصل لاحقا لتطبيق قانون الدفاع رقم 13 لسنة 1992 الذي يتم تفعيله بإرادة ملكية سامية، والذي يعطل القوانين الاخرى، وأن نتجاوز الأزمة ومحاصرة الفيروس دون اللجوء لهذا القانون الذي يعتبر بداية لإعلان احكام عرفية، ولذا وحتى نتلافى قانون الدفاع وغيره فإن المطلوب وعي مجتمعي بالالتزام بالقرارات الحكومية التي اتخذت حتى الآن، والإيمان ان الوقاية بداية العلاج ووقف نشر الإشاعات وحملات التنمر عبر مواقع التواصل الاجتماعي. : Jehadmansi@اضافة اعلان