كيري يطالب بقرارات صعبة وباريس تبحث عن ضمانات بعدم امتلاك إيران قنبلة نووية

وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري والإيراني جواد ظريف خلال اجتماعهما في لوزان أول من أمس.-( رويترز)
وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري والإيراني جواد ظريف خلال اجتماعهما في لوزان أول من أمس.-( رويترز)

لوزان - قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس إن المحادثات النووية مع إيران احرزت تقدما حقيقيا، وإنه حان الوقت لاتخاذ قرارات صعبة من أجل التوصل لاتفاق يكبح برنامج طهران النووي. في حين أكد وزير الخارجية الفرنسي على ضرورة الوصول إلى اتفاق متماسك مع إيران يضمن عدم امتلاكها قنبلة نووية.اضافة اعلان
ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية عن الرئيس الإيراني حسن روحاني قوله "لا شيء لا يمكن حله" بين الأطراف التي تسعى إلى التوصل لاتفاق نهائي بحلول نهاية حزيران (يونيو).
وفي وقت سابق، كشف مصدر دبلوماسي أوروبي عن سبب تعثر مفاوضات لوزان حول الملف النووي الإيراني فجأةً وانفراط عقد جولتها الجديدة بعد أن كان الحديث يدور أول من أمس، وهو اليوم الخامس من جولة التفاوض الحالية، عن تقدم قد يدفع بوزراء الخارجية الفرنسي والبريطاني والألماني للحضور إلى لوزان، الأمر الذي تغير في اللحظة الأخيرة، وتقرر أن يحصل هذا اللقاء في مكان ما من أوروبا وأن يقتصر على الأوروبيين والأميركيين دون سواهم، بسبب وجود تباينات في ما بينهم، خصوصاً بين واشنطن وباريس، حيال كيفية التعاطي مع إيران التي غادر وفدها لوزان عائداً إلى طهران.
ويقول المصدر الأوروبي إن وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس اتصل بوفد بلاده إلى لوزان طالباً عدم تقديم أي تنازلات إضافية للإيرانيين قبل أن يوضحوا صحة ما تردد عن أنهم قاموا في السنوات الماضية بتطوير تصاميم لرؤوس حربية نووية.
الأميركيون علّقوا على الموقف الفرنسي بدعوة باريس إلى التركيز على البرنامج الحالي لإيران وليس العودة إلى الماضي، بينما أعرب الإيرانيون عن سخطهم مما يطرحه الفرنسيون واصفين إياهم بـ"مخربي الصفقات"، في إشارة واضحة إلى موقف فرنسي مماثل تقريباً عندما غادر فابيوس المفاوضات عشية التوقيع على اتفاق جنيف المرحلي قبل عام ونصف، ما اضطُرّ وزير الخارجية الأميركي جون كيري حينها للتوجه إلى باريس لإقناع فابيوس بالحضور إلى جنيف مجدداً والتخلي عن تحفظاته.
وكما في جنيف كذلك في لوزان هذه المرة، حيث امتد الخلاف الأميركي - الفرنسي، بحسب المصدر نفسه، ليشمل التسريبات الإعلامية لوفدي البلدين عن سير المفاوضات، والتي تضمنت معلومات متناقضة في حين يُفترض ببلدين شريكين في المفاوضات مع إيران تقديم معلومات لا تكون بالضرورة متطابقة بل متجانسة على الأقل.
وقبل أن يكشف المصدر الأوروبي عن أن الخلاف بين باريس وواشنطن هو الذي أدى إلى فشل جولة التفاوض الحالية، كان مفاوض أوروبي قد كشف عن نقاط التوافق والاختلاف سواء بين إيران والدول الغربية أو في ما بين هذه الدول، وهي التالية:
أولاً: مدة الاتفاق، إذ تريد إيران اختصارها بستة أو سبعة أعوام، ويريدها الفرنسيون لعشرين عاماً، بينما يطرح الأميركيون تسوية لخمسة عشر عاماً.
ثانياً: العقوبات الأوروبية والأميركية حصل تقدم بشأنها وقد تُرفع خلال فترة تمتد من بضعة أشهر إلى عامين، لكن الخلاف يدور حول عقوبات الأمم المتحدة التي تريد إيران رفعها أولاً ويرفض الغربيون ذلك قبل الحصول منها على ضمانات واضحة حول سلمية برنامجها النووي، مع تفاوت في مواقف الغربيين حول هذه النقطة بين الأكثر مرونة كالولايات المتحدة والأكثر تشدداً كفرنسا.
مجلس الأمن كان أصدر بين عامي 2006 و2010 ستة قرارات من بينها القرار 1929 الذي يقع تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ويتيح استخدام القوة. وترمي إيران، بحسب متابعين لسير المفاوضات، إلى هدفين من خلال التركيز على رفع عقوبات مجلس الأمن: إسقاط الشرعية الدولية عن العقوبات الأوروبية والأميركية (التي تشمل قطاعات المصارف والنفط والتجارة والطيران المدني)، والهدف الثاني إقناع دول مهمة كالصين والهند وبدرجة أقل تركيا بالعودة إلى شراء النفط الإيراني المحظور شراؤه حالياً بفعل عقوبات الأمم المتحدة.
ثالثاً: حصل تقدم خلال مفاوضات لوزان حول الشفافية والوصول إلى المواقع الإيرانية لكن الغربيين يريدون تعهدات مكتوبة وواضحة، لأن لديهم في هذا المجال تجارب سلبية خصوصاً مع كوريا الشمالية.
رابعاً: النقطة الأكثر تعقيداً، يقول المفاوض الأوروبي، تتعلق بالمهلة الزمنية التي يجب أن تفصل إيران عن إنتاج قنبلة نووية في حال انهيار الاتفاق أو انتهاء مدته، فطهران كانت تمتلك قبل توقيع اتفاق جنيف المرحلي 200 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 %، فيما المطلوب لصنع القنبلة هو 240 كيلوغراماً، كانت إيران ستبلغ هذه العتبة خلال ثلاثة أشهر. المطلوب غربياً أن يكون الإيرانيون على بعد عام كامل من القدرة على إنتاج القنبلة النووية وليس بضعة أشهر فقط. الوفد الإيراني رفض التنازل حول هذه النقطة الأكثر صعوبة، بحسب المفاوض الأوروبي.
علاقة الملف السوري بتعثر مفاوضات لوزان
وإذا كانت لبعض الأسباب المذكورة أعلاه علاقة مباشرة بتعثر مفاوضات لوزان فإن سبباً إضافياً قد يكون من بين أبرز عوامل هذا التعثر، وهو أن الفرنسيين لا ينظرون بعين الرضا إلى تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري حول ضرورة التفاوض مع الرئيس السوري بشار الأسد، والتي أدلى بها الأسبوع الماضي بعد أيام قليلة من زيارته باريس ولقائه نظيره الفرنسي لوران فابيوس.
وتقول مصادر متابعة لهذا الملف إنه لا يُستبعد أن يكون موقف باريس في لوزان مفاجأة فرنسية حول إيران رداً على المفاجأة الأميركية حول سوريا، رغم التوضيح الصادر من واشنطن لتصريحات كيري، "فالضرر قد وقع"، بحسب يقول الرسميون الفرنسيون وعلى رأسهم رئيس الوزراء مانويل فالس الذي نادراً ما يعلق على مواضيع تتصل بالسياسة الخارجية تاركاً ذلك للوران فابيوس.
مهما يكن من أمر فإن المفاوضات حول إيران ومعها ستُستأنف الأربعاء المقبل في مدينة أوروبية على الأرجح، قد تكون جنيف أو لوزان نفسها، أو مدينة أخرى، وستظل الملفات الإقليمية حاضرة على الأقل في أذهان المفاوضين، وحتى لو لم تُناقش على طاولة مفاوضات مخصصة حصراً للموضوع النووي، فمن غير المستبعد أن تناقشها الوفود، خصوصاً الأميركي والإيراني، على هامش التفاوض، في الممرات أو خلال استراحة بين جلستي تفاوض كما حصل خلال مفاوضات فيينا العام
الماضي.-( وكالات)