كيف ارتفعت الإيرادات في ظل انكماش النمو؟

Untitled-1-793
Untitled-1-793

هبة العيساوي

عمان- أثار تصريح وزارة المالية أخيرا حول ارتفاع الإيرادات الضريبية استغراب خبراء أجمعوا على أن الأداء الاقتصادي في الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي كان الأسوأ منذ أعوام .. فكيف ترتفع الإيرادات في ظل انكماش النمو الاقتصادي؟
التصريح الأخير لوزارة المالية جاء كالتالي "نجاعة السياسات المالية في المحافظة على الاستقرار الاقتصادي في الأردن أدت إلى ارتفاع الايرادات الضريبية بحوالي 250.2 مليون دينار خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي".
ويتساءل مراقبون "كيف ترتفع الإيرادات الضريبية التي تعتمد على الاستهلاك الذي توقف بشكل شبه كامل لفترة طويلة خلال السنة الحالية؟"
ويجيب خبراء على هذا التساؤل أن ارتفاع الايرادات لم يكن سببه إلا "عملية تجميلية" أجرتها وزارة المالية إذ قامت بنقل بند ايرادات المشتقات النفطية إلى قائمة الإيرادات الضريبية وذلك منذ بداية العام الحالي.
ويؤكد الخبراء أن عملية النقل هذه أدت إلى رفع قيمة الايرادات الضريبية بمقدار 250 مليون دينار وهي العملية التجميلية التي أجرتها الحكومة السابقة لرفع الايرادات فيما تغنت بها الحكومة الحالية على حد وصفهم.
وفي حال الرجوع إلى الأرقام الحقيقية(قبل نقل بند ايرادات المشتقات النفطية إلى الايرادات الضريبية) يظهر أن الايرادات الضريبية تراجعت بنسبة 15 % على عكس تصريح الحكومة أنها ارتفعت 8 %.
ويشار إلى أن قيمة بند الإيرادات على المشتقات النفطية بلغ 461 مليون دينار خلال 8 أشهر.
وبين خبراء لـ"الغد" أن إعادة التصنيف هو السبب وراء ارتفاع الإيرادات منذ بداية العام الحالي، بالإضافة إلى التسويات الضريبية، وليس تحسن الكفاءة الضريبية أو النشاط الاقتصادي.
ورأوا أن الأصل عدم شمول تلك الإيرادات ضمن الإيرادات الضريبية وإنما تفصيلها ضمن بند خاص وليس ضمن ضريبة المبيعات مع ضرورة إظهار المبلغ المحصل منها.
وبلغت الايرادات الضريبية خلال أول 8 أشهر من العام الحالي 3.3 مليار دينار مقارنة مع 3.06 مليار دينار بحسب نشرة وزارة المالية.

اضافة اعلان

رئيس جمعية خبراء الضريبة هاشم حمزة قال إن "الأصل ألا يتم إعادة تصنيف إيرادات المشتقات النفطية، لأن تقسيمات الإيرادات الضريبية معروفة ومفصلة كالدخل، والمبيعات، والعقار والرسوم الجمركية."
وأضاف حمزة أنه يجب أن يكون هناك تصنيف آخر كون أن ضريبية المبيعات هي إيرادات نتيجة الاستهلاك والاستيراد.
وأكد أن إعادة التصنيف لا يظهر دراسة حقيقية وواقعية للإيرادات الضريبية.
ورأى حمزة أن شمول إيرادات المشتقات النفطية مع الإيرادات الضريبية لا يظهر جودة الإدارة الضريبية وفيه ظلم للمكلفين الملتزمين.
وجاء الارتفاع في الايرادات الضريبية بشكل رئيسي محصلة ارتفاع الضريبة العامة على «السلع والخدمات» بما قيمته 222.1 مليون دينار أو ما نسبته 11.3 ٪، وارتفاع حصيلة الضريبة العامة على «الدخل والأرباح» بما قيمته 59.7 مليون دينار أو ما نسبته
6.9 ٪، ويعزى هذا الارتفاع الى تحسن النشاط الاقتصادي بعد انتهاء فترة الحظر الشامل وعودة القطاعات الاقتصادية للعمل، كما وانخفضت حصيلة الضرائب على «المعاملات المالية (ضريبة بيع العقار)» بحوالي 26.3 مليون دينار أو ما نسبته 51.7 ٪، وانخفاض الضرائب على التجارة والمعاملات الدولية بما قيمته 5.4 مليون دينار أو ما نسبته 3 ٪.
كما جاء الانخفاض في الايرادات غير الضريبية بشكل رئيس نتيجة لانخفاض حصيلة «الايرادات المختلفة» بحوالي 526.9 مليون دينار وانخفاض حصيلة ايرادات «بيع السلع والخدمات» بحوالي 183.1 مليون دينار وانخفاض حصيلة ايرادات «دخل الملكية» بحوالي 141.9 مليون دينار وانخفاض حصيلة العائدات التقاعدية بحوالي 1.1 مليون دينار، ويعود سبب التراجع بشكل اساسي الى اعادة تصنيف ايرادات المشتقات النفطية بتحويلها من الايرادات غير الضريبية الايرادات الضريبية.
بدوره قال الخبير المالي محمد البشير إن الإيرادات الضريبية مصنفة ومحددة بالقانون بأربع تصنيفات هي الدخل والمبيعات والعقار والرسوم الجمركية.
وبين البشير أن إعادة التصنيف لا يعطي دقة في حساب الإيرادات الفعلية ويجب عدم شمولها وبيان تفصيلاتها.
ورأى أن التسويات الضريبية التي جرت إلى جانب إعادة التصنيف هي من رفع من قيمة الإيرادات الضريبية منذ بداية العام لذلك هناك تشكيك بالأرقام.
ورأى البشير أيضا أن تجميل الأرقام المالية الهدف منه اقتاع مجلس النواب بأنه لايوجد ضرائب جديدة مفروضة.
من جانبه قال مصدر مطلع طلب عدم ذكر اسمه أن ارتفاع الإيرادات الضريبية ليس بسبب نجاعة السياسة والإدارة الضريبية ولكن هو إعادة تصنيف إيرادات المشتقات النفطية إلى جانب التسويات.
ولفت المصدر إلى أن إعادة التصنيف هو تجميل للأرقام ولا يظهر تحسن الحال، مشيرا إلى أن الإيرادات المحلية هي التي تعكس الواقع الاقتصادي.
ووصلت الايرادات المحلية خلال الأشهر الثمانية الاولى من العام 2020 الى ما قيمته 4119.3 مليون دينار مقابل 4722.0 مليون دينار خلال نفس الفترة من العام 2019، أي بانخفاض بلغ 602.7 مليون دينار، وقد جاء هذا الانخفاض في الايرادات المحلية محصلة لانخفاض الايرادات غير الضريبية بحوالي 852.9 مليون دينار، وارتفاع الايرادات الضريبية بحوالي 250.2 مليون دينار.