كيف ستبدو سورية في العام 2019 ؟

Untitled-1
Untitled-1
ستيفن ستار – (ذا أراب ويكلي) 16/12/2018 ترجمة: علاء الدين أبو زينة في حين أن الأسوأ من الصراع السوري قد انتهى، فإن العام المقبل يحمل لسورية الكثير من الأمور غير المؤكدة. * * * قبل عام من الآن، نشر المعهد الهولندي للعلاقات الدولية "كلينغندايل" تقريرا مفصلاً حول ما يعتقد بأن سورية ستبدو عليه في العام 2019. وقال التقرير أن أيا من أربعة سيناريوهات محتملة يمكن أن يتحقق: سيادة سلام هش؛ صراع عالي الكثافة بعد انقلاب قصر يطيح ببشار الاسد؛ سيادة ظاهرة أمراء الحرب؛ أو صراع متجمد منخفض الكثافة. وسيكون السيناريو الرابع، كما أكد التقرير، مرتبطا بعملية تطهير عرقي واسعة النطاق. والآن، بعد مرور عام على صدور ذلك التقرير، يمكننا القول بيقين نسبي أن أيا من النتائج الأربعة ليس محتملا. وإذن، ما الذي ينبغي أن نتوقعه لسورية خلال الاثني عشر شهرا المقبلة؟ كبداية، من المرجح أن يصبح النظام فاعلا أكثر مركزية مما كان عليه في السنوات الأخيرة. وكان قد وقف خلال عامي 2017 و2018 على الهوامش، سامحاً لراعيتيه، إيران وروسيا، بأن تهيمنا على الروايات العسكرية والدبلوماسية. وفي العام المقبل، ربما يتحول النظام إلى جانب الهجوم، وينهي مسألة محافظة إدلب بمساعدة القوة الجوية الروسية. كما سيبحث أيضاً عن الضغط على لبنان، والأردن وبعض دول الخليج لإعادة إعمار سورية عن طريق عرض عقود بناء مربحة عليها. يمكن لجهد إعادة إعمار كبير –مع توفير الخدمات العامة للمدنيين في المناطق الموالية للحكومة والمناهضة لها على حد سواء- أن يضع دمشق على الطريق نحو علاقات أفضل مع العواصم الغربية. ولتعزيز معاودة التقارب، ربما يعرض نظام الأسد إنهاء حظره المفروض على مجموعات الإغاثة الأجنبية، ويمكن أن يوافق على طلبات تأشيرات الدخول التي تقدمها الوكالات الإنسانية الدولية. ويمكن أن يسمح ذلك بتجديد العلاقات الدبلوماسية بين سورية والدول الغربية، وهو ما قد يفضي إلى ضخ هائل للمساعدات، بما في ذلك لإعادة الإعمار. هل سيستجيب الغرب ويشارك في اللعبة؟ ربما ليس في العام 2019، أو حتى في العام التالي، لكنه يبدو من المرجح أن يتم في مرحلة ما غفران خطايا دمشق –إن لم يكن نسيانها. ومع ذلك، وبالنظر إلى سجله، فإن أيا من هذا لا يعني أن النظام يمكن أن ينهي عنفه الطائفي وقمعه اللذين خدماه جيدا لأكثر من نصف قرن. بوضع روسيا جانبا، تشكل تركيا البلد الأجنبي الوحيد الذي لديه مصلحة مُهمة على الأرض في سورية. وقد افتتحت تركيا حرماً جامعياً في جرابلس في شمال سورية في تشرين الأول (أكتوبر). وهي إشارة إلى أن أنقرة تنوي أن تظل في الجوار لوقت طويل. يشك البعض في أن هذا الإجراء ربما يكون سحابة دخانية لأن لدى أنقرة بضعة خيارات أخرى على المدى البعيد في شمال سورية. فهي لديها القليل الذي يمكن أن تكسبه من مواصلة دعم مجموعة "هيئة تحرير الشام"، وربما تتخلى عن المجموعة المتطرفة في العام 2019. وبدلاً من ذلك، ربما تختار أن ترفع الرهان على العناصر الكردية في المنطقة. من المحتمل أن يكون العام 2019 أول عام كامل منذ 2010 الذي تختبر فيه سورية السلام على نطاق واسع. ومع ذلك، فإن ما يتبقى هو اقتصاد محطم مع القليل من الفرص الاقتصادية-الاجتماعية لسكانها المنهكين. لاحظ تقرير المعهد الهولندي عن سورية، الذي غطى شؤون التجارة والاقتصاد، أن معدل التضخم كان ثابتاً في العام 2017 وأن أسعار بعض المنتجات انخفضت في بعض الأحيان. وفي حين أن هذا لا يعني بالضرورة أن الاقتصاد مهيأ للتحسن، فإنه يشير إلى أن انهياره الكارثي قد وصل إلى أدنى انخفاض، والذي ينبغي أن يشرع بعده في النهوض. في حين أنه قد يتبين أن تقرير معهد كلينغندايل جانب الصواب كثيراً، فإن عناصر من كل واحد من سيناريوهاته المقترحة يتردد صداها بوضوح. فهو يقترح، محقاً، أن التهديد الذي يشكله الإرهاب الجهادي سوف يستمر لأن أسبابه الكامنة ما تزال قائمة. يقول تقرير المعهد الهولندي: "يشكل الافتقار إلى الحكم الشامل وتكافؤ الفرص في ظل نظام الأسد الجذور التي تمكّن الصراع و‘الدولة الإسلامية’ من النمو ". في حين أن تنظيم "داعش" قد تبدد، فإن الشروط التي أفضت إلى صعودة لم تفعل. وتكشف محادثات مع معارف داخل البلد عن أن الحياة في سورية تستمر في أن تكون تمريناً في التحمل. ولم تبذل الحكومة أي محاولة أصيلة لكبح جماح الاقتصادات السوداء المحلية، وهو ما سيلحق الضرر بالجميع سوى أولئك الأكثر ولاء من أخلص الأتباع. وعلى هذا النحو، سوف تتعزز الفجوة بين النظام والسكان بشكل عام وستصبح أكثر وضوحاً في العام 2019. في حين أن الجزء الأسوأ من الصراع قد انتهى، فإن العام المقبل يطرح الكثير مما يعوزه اليقين في سورية. وربما يجد البلد نفسه مدفوعاً أكثر على الطريق نحو وضع اقتصادي يائس. ومن دون ضخ جرعات كبيرة من النقد الأجنبي، فسوف يبقى البلد ذاهبا إلى مزيد من الضنك والوهن. *صحفي أيرلندي عاش في سورية من العام 2007 إلى العام 2012. وهو مؤلف كتاب "الثورة في سورية: شاهد عيان على الانتفاضة"، الذي صدر عن مطبعة جامعة أكسفورد في العام 2012. *نشر هذا المقال تحت عنوان: What will Syria look like in 2019?اضافة اعلان