كيف نطلق العنان لأفكارنا وقدراتنا؟

Untitled-1
Untitled-1
إسراء الردايدة عمان- كم هي المرات التي يكون بها المرء سببا في فشل أمر ما، على الرغم من بذل جهد كبير لتحقيقه، أو قيامه بممارسة جلد الذات بالإشارة لعدم استحقاقه لما يريد، بل وترديد عبارات سلبية تقود للحد من الاستدامة الفردية. وعندما يقوم الفرد بتأطير نفسه في صورة غير إيجابية، فإنه يكتشف لا إراديا، عن طريق تفكيره السلبي الذي يتحول مع الوقت لنبوءة حقيقية، وقد يتحول مع الوقت لأمر خطير، كونه يحول المخاوف لواقع، وهو أمر يفعله الجميع بطريقة أو بأخرى. وفي حين أنها لا تعني القيام بذلك، فإنها غالبا ما تقترب بشكل خطير من تحويل أكبر مخاوفها إلى واقع. إنه شيء نفعله جميعا (أو فعلناه) بطريقة أو بأخرى، والتي تتطلب جهدا لكسرها. والإحباط التابع لهذه الحالة يؤدي لاستجابة فسيولوجية في الدماغ التي تظهر في حال كان لدى الفرد ميل للاكتئاب، وصعوبة الوقوف مجددا والعودة لنقطة البداية. لماذا نقع في فخ الدوامة السلبية؟ الأفكار، المشاعر والسلوكيات جميعها مترابطة، والتفكير بسلبية، والشعور بسوء غالبا ما يحث على سلوك "التخريب الذاتي"، وهذه السلوكيات غالبا ما تكون خفية وغير مقصودة. كما أن هذه السلوكيات تجعل الفرد يظن بأنه غريب اجتماعيا، غير محبوب أو مقبول، ومثل هذه الأفكار تولد حوارا داخليا لا يخرج من عباءة "أنا سيئ ولا أجيد التواصل، أو لا أستحق أن أكون بين هؤلاء! وسأحرج نفسي بينهم.."، وعبارات مشابهة مختلفة تولد شعورا بعدم الارتياح. وفي حالات الانزعاج يميل الفرد للجلوس بالزاوية بعيدا، كما يتجنبه المحيطون به، والقليل من يتحدث معه، وذلك بسبب لغة جسده التي عكست موقفه وأفكاره وجعلته يبدو غير جذاب يوحي بعدم رغبته بالاختلاط أو الاقتراب من الآخرين، وحين يحدث هذا يبدأ بالتفكير بأنه شخص غير مرغوب أو يسبب الحرج اجتماعيا. وهذا يعزز الكثير من الأنماط السلوكية المشابهة التي تقود الفرد للعزلة، وينشغل بها؛ حيث إن الذين يتمتعون بثقة نفس أقل يقومون بدفع الآخرين بعيدا عنهم بدون قصد، وحتى أنهم يشعرون بالاستياء من شركائهم وينخرطون في تصرفات غير مباشرة للفت الانتباه مثل العبوس أو الأنين والشكوى. وهذه التصرفات تحمي الأفراد من الشعور بالرفض، لأن قول "أنت تؤذي مشاعري" يدفع بالطرف الآخر لقول "لا يهمني"، وهذه السلوكيات غير المباشرة هي تفاصيل، قد لا تسبب الشعور بالرفض وفي الوقت نفسه لن تحقق غايتها أو أي نجاح. وأولئك الذين لا يشعرون بأنهم حاصلون على القدر الكافي من الشريك يميلون للشعور بالسلبية والانعزال، وتهتز ثقتهم بأنفسهم الى جانب شعورهم بالألم وأنهم أقل شأنا، ويغيب إحساسهم بأنهم مرغوبون أو محبوبون، وعليه يمارسون جلد الذات بصيغة "لا أحد يحبني، أنا غير مرئي". وهنا هذه التوقعات التي يحملها الفرد لنفسه تقوده لتحقيق النتيجة، بمعنى أنه حين يفكر بأنه غير مؤهل للحصول على الحب أو النجاح في مهمة ما، وحتى تحقيق هدف بسيط مثل فقدان الوزن، فإن المحصلة هي تحول هذه التوقعات لحقائق ثابتة، لأنها تدخل في دورة الاستدامة الذاتية التي تحول معتقدات الفرد لواقع. كيف نتحرر من تلك الدوامة؟ الطريقة التي يفكر بها المرء تعد عاملا حيويا مهما وقويا جدا، فما يفكر به يصبح محفزا وسلوكا وفكرة، والبداية تكون في تحدي الأفكار السلبية كونها مدمرة، والسعي لتبني وجهات نظر بديلة؛ أي عليه التفكير كما يفعل من حوله، فالدماغ أشبه بمرشح بشكل طبيعي، يعمل على تأكيد ما يعتقد المرء بأنه سيفعله، وهذا يحد من الخطورة في الوقوع في مشكلة أحيانا، ويساعد على تجنب الإجابات الخاطئة. وينطوي في هذه الرحلة أيضا تحديد الخيارات والتفضيلات، والتوقعات الافتراضية، فتفضيل أمر وكره آخر يحد من قدرة الدماغ على الاختيار، ويثبط قدرته على الاكتشاف والتعلم الصائب. والتفكير الزائد يغرق الدماغ في تلك العملية أيضا ويعزز من التوتر، والاستغراق في هذه الحالة غالبا ما يكون مرتبطا بكل ما هو سلبي ما سيزيد الطين بلة، وبدلا من كل هذا تجنب الشك والتفكير المبطن أو غير المنطقي والمبالغ فيه. فالتوتر هنا حالة يخلقها الفرد لمواجهة عدم اليقين، ويعزز الحاجة لمزيد من التفكير فيما سيحدث واتخاذ قرار مبني على تنبؤات وتوقعات أفضل، ولكن الشخص المتعب والمنهك لا يمر بتلك المرحلة، وإنما يقفز مباشرة لدائرة الشعور بالخوف، وينتابه إحساس بعدم اليقين، والتي لا يتمتع بها أحد على الإطلاق بل تولد مزيدا من التوتر والتعب. والأهم من كل هذا هو التركيز على إيجاد حلول كبديل عن الانشغال بالذات نفسها ولومها، فالمشكلة تكمن في أن الناس لا يحررون طاقتهم ليحققوا رغباتهم، فحين يتخيل الناس بلوغ أهدافهم فربما لا يبذلون جهداً كافياً لتحقيقها على أرض الواقع، والناس يشعرون في الغالب بالإحباط، لعدم قدرتهم على الإفصاح عن رغباتهم، ومن ثم يشعرون بالذنب لوجود أفكار سلبية لديهم، معتقدين أن تفكيرهم المتشائم هو جزء من المشكلة.اضافة اعلان