كيف وصلت شركات أردنية ناشئة إلى الإقليمية والعالمية؟

إبراهيم المبيضين - مع الإقبال الكبير من قبل الشباب على إنشاء شركاتهم الريادية الخاصة، ووسط اهتمام وتطور تشهده بيئة ريادة الأعمال في المملكة، استطاعت شركات ناشئة أردنية الوصول إلى الإقليمة والعالمية، كما تمكنت من تحقيق ما يعتقد البعض أنه "مستحيل".

تحقيق ما يراه البعض "مستحيلا" يقف وراءه العديد من الأسباب والعوامل، بحسب خبراء في هذا الشأن، ولعل أهمها "فرادة الفكرة" و"ملاءمتها لكل الأسواق". وتمكنت شركات ناشئة أردنية من الوصول الى "الإقليمية" و"العالمية" بالتوسع في عملها، وتمكنت أخرى من استقطاب استثمارات من جهات وصناديق إقليمية وعالمية. وأكد الخبراء أهمية أن يركز الريادي دائما على أن تكون فكرته قابلة للتوسع والنمو، والتركيز على القطاعات والتوجهات التقنية الحديثة التي تشهد طلبا عاليا في كل العالم، مثل الذكاء الاصطناعي، على سبيل المثال. وأشاروا الى أهمية تجاوز تحدي التمويل، وخصوصا في مرحلة الفكرة. ويحتل قطاع ريادة الأعمال في الأردن المركز الرابع على مستوى الإقليم، مع وجود 17 مؤسسة تمويلية للمشاريع الريادية، منها 14 صندوقا استثماريا خصصت مجتمعة 110 ملايين دولار للاستثمار في المملكة، وأكثر من 40 حاضنة ومسرعة أعمال في المملكة. وثمة أرقام رسمية أخرى تظهر أن الأردن يحتضن 200 شركة ناشئة مسجلة، كما تظهر الأرقام أن العام 2021 شهد ارتفاعا في حجم الاستثمار في الشركات الناشئة في المملكة، إذ وصل إلى حوالي 120 مليون دينار، مقارنة بحوالي 20 مليونا في العام الذي سبقه. وأكد رئيس مجلس إدارة صندوق "أويسس 500" -الشركة المتخصصة في دعم وتمويل رواد الأعمال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا- مروان جمعة، أنه لم تعد هناك حدود أو جغرافيا في قطاع التقنية والريادة لأن الفرص والمنافسة في هذين القطاعين أصبحت عالمية. وأكد جمعة أن الأردن شهد، خلال العقدين الماضيين، الكثير من قصص النجاح الأردنية في مجال ريادة الأعمال على مستوى التوسع في العمل في أسواق عربية وعالمية، أو استقطاب الاستثمارات من جهات عالمية، منها شركات أسسها أردنيون في دول أخرى أو شركات ناشئة انطلقت من الأردن وحققت النجاح. وقال إن آخر هذه النجاحات ما حققته شركة "ريبلت" التي استطاعت، مؤخرا، استقطاب اهتمام "جوجل" لتدخل معها بشراكة استراتيجية. وبين جمعة أن شركة "ريبلت" أسسها شباب أردنيون مبدعون درسوا في مدارسنا وجامعاتنا وتعبوا في تطوير مهاراتهم وأنفسهم لتصبح شركتهم من أهم الشركات العالمية في مجال البرمجة والذكاء الاصطناعي، ما يعني أن الفرصة متاحة أمام الشباب الأردني للتفوق والنجاح إذا ما طوروا مهاراتهم. وأكد جمعة أن الشركة الناشئة إذا ما بنيت على فكرة فريدة من نوعها أو اختراع يحمل ملكية فكرية، فإن نسب نجاحها ستكون عالية. وأشار الى أن على الريادي دائما أن يجيب على سؤال رئيسي هو: كيف أستطيع التوسع خارج الأردن؟؛ لأن السوق المحلية اليوم هي سوق محدودة وصغيرة، والقابلية للتوسع والنمو هي الأكثر جذبا للمستثمر أو الشريك الاستراتيجي، كما أكد أهمية وجود فريق عمل قوي متنوع المهارات حتى يتمكن من الاستمرار. وقال إنه على الريادي دائما أن يفكر في "ميزة تنافسية" عالية في صلب الحل التقني أو الخدمة أو المنتج الذي يقدمه أو في طريقة تقديم هذا الحل، كما أكد أنه يجب دائما تسليط الضوء على نجاحات الشركات الناشئة الأردنية وتسويقها بالشكل الأمثل لتحفيز باقي الشباب على ريادة الأعمال. الريادي الأردني عبد الرحمن الحباشنة، أكد أن الفرص كثيرة ومتوافرة أمام الشباب الأردني لإنشاء شركات ناشئة متميزة يمكن أن تصل الى السوقين العربية والعالمية، وخصوصا في المجال التقني. وشدد على أن انتشار الانترنت جعل من عملية الوصول والانتشار واستقطاب الاهتمام العربي والعالمي سهلة على الرياديين، لكنها من جهة أخرى وفرت تحديا يتمثل في المنافسة الشديدة من كل أنحاء العالم، ما يستدعي التركيز من قبل الشباب والمقبلين على إنشاء شركات ناشئة لإيجاد حلول تقنية فريدة من نوعها وتحمل ملكية فكرية حتى تتمكن من مجاراة هذه المنافسة العالمية. وقال الحباشنة "إن على الشباب الأردني، وحتى يتمكن من النجاح، أن يركز تفكيره وجهده في إنشاء شركات تقدم خدمات أو منتجات تلائم وتسد حاجات في كل الأسواق، لأن السوق المحلية محدودة وصغيرة لا تسمح في العادة بالتوسع والنمو". ولفت الى أن الخبرات الأردنية في المجال التقني متقدمة ومشهود لها، وقد أثبتت نجاحها في الكثير من الحالات، وبأن التطور الحاصل في بيئة ريادة الأعمال الأردنية اليوم. ومن جانبه، قال الخبير في مجال ريادة الأعمال نضال قناديلو "إن الأردن خرج العديد من قصص النجاح في مجال ريادة الأعمال والشركات الناشئة الناجحة التي استطاعت التوسع عربيا وعالميا أو استقطاب الاستثمارات من جهات إقليمية وعالمية"، ولكنه قال "إن السؤال المهم هو: كيف يمكن أن نزيد وتيرة النجاحات والشركات الناشئة الناجحة، خصوصا أن الدراسات العالمية تظهر أن أكثر من ثمانين بالمائة من الشركات الريادية معرضة للفشل في أولى سنوات عمرها". وبين قناديلو أن هناك الكثير من العوامل التي يمكن أن تسهم في زيادة نجاح الشركات الناشئة الأردنية، ومنها ما يتعلق بالريادي أو الشركة التي يجب أن تركز على فكرة فريدة من نوعها وتحمل ميزة تنافسية في الأسواق المحلية والعربية والعالمية، فكرة وشركة قابلة للتوسع، وهو الأمر الذي يجلب اهتمام المستثمرين. وأكد أن بيئة ريادة الأعمال تطورت كثيرا في السنوات الماضية وأن هناك العديد من البرامج الحكومية الداعمة للرياديين، مع زيادة في عدد الصناديق الاستثمارية الداعمة لريادة الأعمال. ولكنه أوضح أنه ما تزال هناك فجوة في محور التمويل للشركات في مرحلة الفكرة، وهي مرحلة مهمة جدا لبدء عمل الشركة واستمرارها مستقبلا. وشدد على أهمية زيادة عدد حاضنات الأعمال التي يمكن أن تخرج أكبر عدد من الشركات الناشئة سنويا التي يمكن أن تفرز، بدورها، عددا من النجاحات. ودعا قناديلو الرياديين والشباب للتركيز على التوجهات التقنية الحديثة في أعمالهم وشركاتهم وأفكارهم، وخصوصا مجال الذكاء الاصطناعي الذي بدأ يغير معادلات العالم الرقمي مع دخوله لكل القطاعات الاقتصادية الحيوية. وتمكنت شركة "ريبلت" (Replit) من استقطاب اهتمام شركة عالمية بحجم "جوجل" لتدخل معها بشراكة استراتيجية، هدفها تطوير وتوسيع نطاق تطبيقات الشركة في مجال أدوات البرمجة بالذكاء الاصطناعي. وتأسست الشركة في العام 2016 بشغف ثلاثة شباب أردنيين من خريجي الجامعات الأردنية هم: أمجد مسعد (خريج جامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا) وهيا عودة (خريجة جامعة عمان الأهلية) وفارس مسعد الذي ترك دراسة الهندسة الكيميائية ليلحق شغفه في عالم البرمجة. وفي الثلث الأخير من العام 2021، برزت قصة نجاح للشباب الأردني وفي قطاع نام كقطاع الألعاب الالكترونية، عندما جرى الإعلان رسميا عن شراء مجموعة "ستيل فرونت" السويدية للألعاب الالكترونية لشركة "جواكر" للألعاب الالكترونية التي أسسها شباب أردنيون وانطلقت من الأردن في العام 2009. وأعلنت المجموعة السويدية -المتخصصة في قطاع الألعاب الالكترونية- عن عملية الاستحواذ على 100 % من الأسهم في شركة (جواكر) مقابل مبلغ إجمالي مقدم قدره 205 ملايين دولار أميركي على أساس نقدي وخال من الديون. وأعلنت شركة "Fresh Del Monte Produce"، المتخصصة في مجال إنتاج وتوزيع وتسويق الفواكه والخضراوات الطازجة، العام الماضي، رسميا، عن استثمارها في شركة "ديكابولس" الناشئة الأردنية، التي تمتلك حلا تقنيا ونظاما لتتبع سلامة الأغذية باستخدام "البلوك تشين". ووفقا للإعلان، استحوذت شركة "Fresh Del Monte Produce" على 39 % من أسهم شركة "ديكابولس" الأردنية التي لم يتجاوز عمرها الخمس سنوات، ولكن لم يتم الإفصاح عن قيمة الاستثمار. وجرى الإعلان، منتصف العام الماضي، عن استقطاب "طماطم"، الشركة الناشئة الأردنية -المتخصصة في تطوير ونشر ألعاب الموبايل، استثمار وشراكة استراتيجية مع صندوق الاستثمار العالمي "MSA Novo" العالمي؛ الذراع الاستثمارية لشركة "MSA Capital" والمالك لأكثر من 35 شركة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا. وتمكنت شركة "هايبر بييه" الناشئة، التي تعمل كبوابة دفع الكتروني في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، اليوم، من استقطاب استثمارات جديدة بقيمة إجمالية بلغت قرابة 37 مليون دولار، في خطوة من شأنها تطوير حلول وخدمات الشركة في مجال الدفع الالكتروني ونقلها الى شركة متخصصة في مجال التقنية المالية "الفينتيك" ودعم التوسع في أسواق جديدة في المنطقة. واستطاعت شركة "هايبر باي" HyperPay، التي أسسها الأردني مهند عبويني في الأردن قبل سبع سنوات من أن تستقطب الاستثمارات عبر جولة تمويل بقيادة شركة Mastercard ومشاركة كل من Amwal Capital Partners وAB Ventures.

اقرأ المزيد : 

اضافة اعلان