
هاشم عقل*
تجديد اتفاقية تصدير الحبوب الأوكرانية بعد انتهاء فترة تمديدها خلال شهر آذار (مارس) الحالي سيكون تأثيره إيجابيا على دول منطقة الشرق الأوسط.
وتعتزم أوكرانيا وروسيا المشاركة في محادثات لتجديد اتفاقية تصدير الحبوب التي تنتهي مدتها في غضون أيام، وهو ما قد يشكل طوق نجاة لدول الشرق الأوسط التي ما تزال تعاني بالفعل من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وما سببته ببعض دول المنطقة من أزمات أبرزها القفزات الكبيرة في معدلات التضخم، لكن عدم التجديد قد يكون “كارثيا”.
واتفاقية تصدير الحبوب المعروفة بـ “مبادرة حبوب البحر الأسود” وقعت في 22 تموز (يوليو) من العام الماضي برعاية الأمم المتحدة وتركيا وتسمح بتصدير الحبوب الأوكرانية المكدسة بالصوامع والموانئ بسبب الحرب. وتم تجديد الاتفاقية في تشرين الثاني (نوفمبر) لمدة 120 يوم لتنتهي في 18 آذار (مارس) الحالي.
وتحت مظلة الاتفاقية تم تصدير ما لا يقل عن نحو 18 مليون طن من الحبوب والمواد الغذائية، وفق بيانات الأمم المتحدة وتقديرات مركز التنسيق المشترك في تركيا الذي يشرف على تنفيذ الاتفاقية.
وقال مسؤول كبير في الحكومة الأوكرانية، إن أوكرانيا بدأت محادثات مع شركائها حول تمديد مبادرة تصدير الحبوب، فيما تراجعت روسيا عن قرارها بعدم المشاركة في المحادثات لتعلن يوم الخميس الماضي أن مندوبين لموسكو يعتزمون مناقشة تجديد الاتفاقية في جنيف اليوم الاثنين.
لكن عدم تجديد المبادرة -في ظل التوترات والتقلبات السياسية بين البلدين- سيكون كارثيا مع وجود ملايين على شفا المجاعة في إفريقيا، بحسب تصريحات لمدير برنامج الأغذية العالمي في شباط (فبراير) الماضي.
ودول الشرق الأوسط ليست بمنأى عن هذه التبعات السلبية بالنظر إلى أن “منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مُعرضة لتداعيات” الحرب في أوكرانيا كون بعض بلدان المنطقة تجمعها علاقات تجارية وثيقة مع أوكرانيا وروسيا، بحسب تقرير سابق للبنك الدولي.
وقال مدحت نافع الخبير الاقتصادي والمستشار السابق لوزير التموين والتجارة الداخلية المصري، إن التوصل لتمديد الاتفاقية وإجراء محادثات مع الدول المستفيدة منها وعلى رأسها دول منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية سيكون له تأثير إيجابي نظرا لتأثير الحرب الروسية الأوكرانية على سلة الغلال والحبوب بهذه المناطق.
إن “أي تقدم يتم إحرازه في هذه الاتفاقية مهم جدا بالنسبة للمنطقة الشرق الأوسط.
وتشهد دول عربية منها مصر وتونس والمغرب ولبنان -وهي بلدان تعتمد على الواردات الغذائية من أوكرانيا و/أو روسيا خاصة القمح والحبوب- ارتفاعات كبيرة منذ العام الماضي في معدلات التضخم لديها مدفوعة بارتفاع أسعار المواد الغذائية في ظل تداعيات الحرب في أوكرانيا التي تسببت في تعطل سلاسل توريد الحبوب، مثلما توقع البنك الدولي سابقا.
وأوكرانيا وروسيا هما من أكبر مصدري القمح في العالم، الذي تُعد مصر أكبر مستورديه عالميا. والقمح هو عنصر غذائي رئيسي في كثير من بلدان الشرق الأوسط.
ومن المهم بالنسبة لتجديد اتفاقية تصدير الحبوب “أن تدخل حيز التنفيذ بالرعاية الأممية والتركية لتجنب أي خسائر ممكن أن ترفع من تكلفة النقل والتأمين بالنسبة لصادرات الحبوب ووقتها لن تكون بضاعة جذابة للدول المصدر إليها في ظل الأزمات المالية التي تواجهها جميع الدول حاليا”.
وليس مستبعدا أن تقوم موسكو حال تنفيذ الاتفاقية دون “الحصول علي موافقتها” باستهداف السفن التي تحمل شحنات الغلال والحبوب الأوكرانية المصدرة، حيث سبق أن روسيا جمدت الاتفاقية “لمزاعم أن أوكرانيا وحلفاءها بيستخدمون السفن في تهريب الأسلحة لأوكرانيا وليس لتصدير الحبوب.
وما تزال الحرب في أوكرانيا مستمرة منذ أكثر من عام بعدما اندلعت في شباط (فبراير) 2022 إثر غزو روسيا لأوكرانيا.
* خبير اقتصادي