كيف يمر مثل هذا الكلام؟!

عندما يشير أحدنا إلى إنجازات اليهود العلمية والتكنولوجية في إسرائيل أو في غيرها، بإطلاق ودون تأهيل، فإن الإشارة تعني أن صاحبها يبرر اغتصابهم فلسطين، ويعطيهم حق إبادة أهلها: بيولوجياً، وجغرافياً، وثقافياً.اضافة اعلان
أتحدث عن ذلك بمناسبة قيام كاتب سوداني (مرجاني) بالإشارة لهذه الإنجازات في جريدة الشرق الأوسط، وتوبيخ وإدانة الشعب الفلسطيني لعجزه عن مطاولتها أو تجاوزها، وكأنه يؤيد – نتيجة لذلك - اغتصاب اليهود فلسطين وما حل بأهلها على أيديهم.
نقول للسيد مرجاني وأشكاله: إن إنجازات اليهود العلمية والتكنولوجية لا تعطيهم الحق في اغتصاب فلسطين كما لا تسقط حق الشعب الفلسطيني وأي شعب آخر مثله كالهنود الحمر والروهنجيا في أوطانهم التاريخية حتى وإن كانوا أشد الشعوب تخلفاً وهمجية. تلكم كانت سياسة أو مبررات الاستعمار في الأمس وقد ولت إلى غير رجعة.
يتكلم الكاتب وكأنه وزير إسرائيلي كما يقول الكاتب اليهودي سمدار بيري في جريدة يديعوت أحرنوت (في 6/11/2017 والغد في 7/11/2017) إذا كان الأمر كذلك فلماذا تخلى السودان عن جنوبه للبدائيين أو (للزنوج) فالسودان في الشمال أكثر تقدماً منهم بكثير فلماذا لم يغتصب وطنهم؟!!!
وللأسف الكاتب لم يشر إلى التخلف العثماني الذي ران على عقول الفلسطينيين وبقية العرب لأربعمائة عام، ولا إلى النهضة الأوروبية العلمية والتكنولوجية الموازية التي جعلت اليهود الذين غزوا فلسطين منها يتفوقون عليهم بمقدار تلك المدة. لو كان هذا الكاتب متابعاً لسياسة الاغتصاب الإسرائيلية لفلسطين لتحدث عن قائمة طويلة من المواد الكيماوية والمخبرية الممنوع وصولها إلى المدارس والجامعات الفلسطينية، لمنعها من الابتكار والاكتشاف والاختراع. تستغل إسرائيل انجازاتها العلمية والتكنولوجية لتغييب الحق الفلسطيني وكسب تعاطف العالم مع سياستها في استئصال الشعب الفلسطيني.
***
على أثر مقال: هندام المعلم/ة تنطّح أحدهم لاتهام الكاتب وزميله الأستاذ ذوقان عبيدات بالشيخوخة (الكبر عبر) على ما جاء فيه وعلى نقدهما للتعليم. حبذا لو كانت هناك موضوعية لفهم دور النقد هنا وهو تطوير التعليم وتحقيق أفضل المصالح للمعلم/ة والتلميذ/ة وبالتالي للوطن.
لطالما ميزنا في كتاباتنا عمل المعلم/ة عن غيره من الأعمال بأنه رسالة، والرسالة أكبر من المهنة، وأن المدرسة تبنى على المعلم/ة لا على الأرض وإلا كان الناقد مجرد منافق أو جاهل.
هو للأسف يعيرنا بكبر السن غير مدرك أنه مثلما هو الآن كنا من زمان، وأنه مثلما نحن الآن قد يكون، ولكن عقولنا شابة ومنفتحة ونتعلم على الدوام، بل وتولد كل يوم بينما عقول بعض الشباب مراهقة أو شائخة أو مغلقة ومفتاحها ضايع. لو لم يكن الأمر كذلك لأدرك سلامة فكرة الهندام وجمالها وقيمتها وأثرها في التعلم والتعليم، ولتبناها ودعا إلى إعمالها.
***
المعلم/ة نوعان: معلم شامل ولا أقول كامل، ومعلم جزئي ولا أقول ناقص. أنتم قولوا ذلك إذا أردتم.
والمعلم الشامل هو الذي يهتم بالمتعلم/ة ككل أي من جميع النواحي، أياً كان الموضوع الذي يعلّمه: جسمياً وعقلياً ومعرفياً، أو مهارات وسلوكات وقيم تمكنه من الفرح بالحياة، والنجاح في عالم سريع التغير. إنه المعلم النموذج أو القدوة في العلن وفي السر. إنه بالقدوة أو الأداء يبث قيم النظافة والأناقة والأمانة والنزاهة والصدق والتفكير الناقد والمبدع طيلة الوقت فليس بالوعظ أو بالتلقين يتعلم التلاميذ والتلميذات.
أما المعلم الجزئي فهو الذي يقول: لا يخصني سوى الموضوع الذي أعلمه ولا شيء غير أو بعد ذلك. إنه سُبّة لا قدوة فما أقل..!! وما أكثر..!! أرجو القارئ إكمال العبارة.