لا بدّ من ثورة .. لكن كيف؟!

 

يصيبنا وجع في القلب كلما صدرت قائمة دولية عن المنجزات في مجال معين فقد اصبح نصيبنا الثابت في العالم العربي أن نكون في ذيل القائمة. وليس ما يصدم أن يكون موقعنا في ذيل القائمة فحسب بل حجم الفارق في الأرقام، ولنأخذ آخر مثال وهو قائمة العام 2008 لايداعات براءات الاختراع  لدى المنظمة العالمية للملكية الفكرية فقد بلغ مجموعها حوالي ربع مليون طلب ايداع حصّة الدول العربية مجتمعة 176 طلبا!! مفجع اليس كذلك؟! ولزيادة الاحساس بالفجيعة يكفي القول إن حصّة اسرائيل 1882 طلب ايداع!

اضافة اعلان

 سنفترض لأي سبب أن الرقم الاسرائيلي مشبوه فلننظر الى كوريا الجنوبية فقد بلغت ايداعاتها 7809 ايداعات للعام  2008مقابل 47 ايداعا للشقيقة الكبرى مصر! والدولتان في الستينات بدأتا بمتوسط متشابه من الناتج القومي الاجمالي والتقدم الصناعي، وكان إنفاق كوريا الجنوبية على البحث العلمي والتطوير في ذلك الوقت لا يتجاوز 0.2 % من الناتج المحلي الإجمالي، ليرتفع عام 2000م إلى حوالي 5% بينما ما يزال في مصر يراوح عند 0,05%، أي ان الانفاق على البحث العلمي في كوريا مائة ضعف مثيله في مصر.

خطرت على ذهني الأرقام عن براءات الاختراع التي صدرت قبل 3 اسابيع في 26/3 / 2009وانا اتابع أول من أمس الخبر عن مدينة الحسن العلمية، وكان جلالة الملك قد أطلق مشروع مدينة الحسن العلمية قبل عامين في نيسان 2007 بمناسبة عيد ميلاد الحسن الستين، ويوم الاربعاء كانت هناك دعوة للاعلاميين لم أتمكن من حضورها حيث قدمت سمو الأميرة  سمية عرضا للمشروع الذي يضم جامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا والجمعية العلمية الملكية ومركز الملكة رانيا للريادة، ومن المعلومات التي تستحق الاشارة ان الجمعية العلمية الملكية التي تبلغ موازنتها حوالي 13 مليون دينار تحصل من الحكومة على 300 الف دينار فقط سنويا منذ نشوئها والباقي يأتي من الهبات والمساعدات ومردود الجمعية من انشطتها فهي مرجع في العديد من الفحوصات والاختبارات.

في الواقع ان كلية الأميرة سميّة صرح اكاديمي يمكن الافتخار به اذ يخرج طلبة على مستوى رفيع كما يثبت حين التحاقهم ببرامج للماجستير والدكتوراه في الخارج، لكن التقدم في البحث العلمي والاختراع يتطلب الانفاق بسخاء على هذا المجال وتوفر الحوافز والبيئة الحاضنة والربط مع سوق العمل والانتاج. فهل تنجح مدينة الحسن فيما فشلت فيه الجامعات حتّى الآن؟ نأمل ان تنجح المدينة وتنجح الجامعات العامّة والخاصّة كذلك، والهوّة مع الآخرين كما تشير الارقام اتسعت لدرجة ان الحديث عن التطور لم يعد مجديا فنحن نحتاج الى ثورة في التعليم، وان لم أكن مخطئا فان د. وليد المعاني نفسه استخدم هذا التعبير، ثورة نعم! لكن كيف؟

[email protected]