لا تسوية للمنحنى: الدول العربية مثقلة بالديون

Untitled-1
Untitled-1

تقرير خاص - (الإيكونوميست) 5/11/2020

ترجمة: علاء الدين أبو زينة

اضافة اعلان

بيروت - ربما لم يعد السائحون إلى شواطئ مصر ومواقعها التاريخية بعد، لكن مستثمري المحافظ عادوا. منذ أيار (مايو)، تخاطف الأجانب أكثر من 10 مليارات دولار من الديون بالعملة المحلية، ما عكس اتجاه عمليات البيع التي حدثت في الأيام الأولى لوباء "كوفيد-19". وهناك حماس مماثل في جميع أنحاء المنطقة. فقد أصدرت الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي رقما قياسيا قدره 100 مليار دولار من الديون العامة والديون للشركات في الأشهر العشرة الأولى من العام. وتغازل سندات الخزانة المستثمرين المحليين أيضًا، وإن لم يكن ذلك دائمًا ناجحًا: فقد ووجهت الحكومة التونسية بالرفض عندما طلبت من البنك المركزي شراء سندات الخزانة.
تنغمس الدول العربية الآن في نوبة من الاقتراض. وحتى قبل وصول "كوفيد-19"، كانت الكثير منها تأخذ ديونًا جديدة لمواجهة أسعار النفط المنخفضة والاقتصادات الراكدة. وأدى الوباء إلى زيادة احتياجاتها. وبحلول العام المقبل، ستكون نسب الدين العام في العديد من هذه البلدان في أعلى مستوياتها منذ عقدين. وتدين 11 من الدول المصدرة للنفط والغاز في المنطقة بمتوسط 25 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي من العام 2000 إلى العام 2016. وفي العام المقبل، ستصل مشاريع صندوق النقد الدولي من تلك النسبة إلى 47 في المائة. والزيادات أقل حدة في الدول التي ليس لديها موارد للطاقة -وإنما فقط لأن لديها مستويات عالية من الديون مسبقاً.
وليس هذا دائماً مدعاة للقلق. سوف تصل نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في المملكة العربية السعودية إلى 34 في المائة العام المقبل، ارتفاعاً من 17 في المائة في 2017. وستتضاعف مستويات الدين في الكويت والإمارات العربية المتحدة إلى 37 في المائة و38 في المائة تقريبا على التوالي. وهذه الأرقام تظل منخفضة بشكل مريح. فلدى هذه الدول الثلاث بنوك مركزية جيدة التجهيز أو صناديق ثروة سيادية حيوية ومتدفقة. ورأس المال رخيص: حققت شريحة 35 عاما من سندات اليوروبوند السعودية الصادرة في كانون الثاني (يناير) عوائد أقل من 4 في المائة.
وتبدو الدول الأخرى المنتجة للنفط أكثر اهتزازًا. ومن المتوقع أن تصل نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في البحرين إلى 131 في المائة العام المقبل، صاعدة من 34 في المائة في المتوسط من العام 2000 إلى العام 2016. وستكون سلطنة عُمان مدينة بنسبة 89 في المائة. وكانت كلتاهما إلى حد كبير خارج أسواق السندات في وقت سابق من هذا العام. ولا تقدم أسواق النفط سوى القليل من الأمل لميزانياتها: فقد أدى الإغلاق المتجدد في أوروبا والحالات المتزايدة من الإصابة بـ"كوفيد-19" في أميركا إلى انخفاض الأسعار في تشرين الأول (أكتوبر).
وفي أماكن أخرى من المنطقة، قلب الوباء أعواما من الإصلاحات المالية. فقد قلصت مصر الدعم وفرضت ضريبة القيمة المضافة بعد اقتراض 12 مليار دولار (على مدى ثلاثة أعوام) من صندوق النقد الدولي في العام 2016. وخفضت العجز من 11 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2016 إلى 7 في المائة العام الماضي وكانت في طريقها إلى خفض ديونها وبلغت نسبة الناتج المحلي الإجمالي 79 في المائة في العام 2021. إلا أن الوباء أعادها إلى صندوق النقد الدولي لطلب قرض بقيمة 5.2 مليار دولار. ومن المتوقع أن ترتفع ديونها في العام المقبل لتصل إلى 91 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وسيكون الأردن قريباً خلفها بنسبة 89 في المائة وتونس 86 في المائة.
في الوقت الحالي على الأقل، يبدو المستثمرون متحمسين للديون المصرية. فالعائدات مرتفعة -دفعت الدفعة الأخيرة من سندات الخزانة لأجل ستة أشهر حوالي 13.5 في المائة- وأدى حكم عبد الفتاح السيسي الصارم إلى محو المخاوف بشأن عدم الاستقرار السياسي. لكن المشاعر يمكن أن تكون متقلبة. بين آذار (مارس) وأيار (مايو)، تدفقت 12.7 مليار دولار خارجة من الأسواق المحلية.
يعرض كل هذا الاقتراض عوائد محدودة للدول العربية. فهناك أكثر من 70 في المائة من ميزانية الكويت مخصصة لرواتب وإعانات القطاع العام. وتحمل الحكومة الديون ليس لتمويل إصلاحات، وإنما للحفاظ على البيروقراطية المتضخمة. وكانت الدول العربية أيضًا بخيلة في حزم التحفيز الخاصة بمرض "كوفيد-19". فقد خصصت ما معدله 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للمساعدة المتعلقة بالوباء، مقارنة بـ3 في المائة لجميع الأسواق الناشئة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى محدودية القوة المالية.
ساعد الاقتراض الدول العربية على التأقلم، لكنه أدى أيضًا إلى تفاقم هذه المشكلة (تنفق مصر مسبقاً ما يقدر بنحو 9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على خدمة الدين). ومن المتوقع أن تظل أسعار النفط منخفضة العام المقبل، وستكون الصناعات الحيوية مثل السياحة بطيئة في التعافي. وستحد أحمال الديون الثقيلة من المدى الذي يمكن للحكومات العربية أن تهز به اقتصاداتها الراكدة.

*نشر هذا التقرير تحت عنوان: Not flattening the curve: Arab states are loading up on debt