لا تكسروا أعوادهم قبل أن تشتد

تتسارع وتيرة المطالب بتوسيع نطاق العفو العام ليشمل إسقاط القروض الجامعية عن مقترضيها الطلبة، كونها تثقل كاهل الفقراء، وهي مطالب يجب دعمها وحمل لوائها والنضال المستميت من أجل تحقيقها مهما بلغت كلفتها المالية، رغم إدراكنا صعوبة المهمة نظرا لأن العفو طالما استهدف الغرامات وليس أصول المبالغ.اضافة اعلان
آلاف الطلبة من خريجي الجامعات يقبعون الآن تحت وطأة قروض مالية استفادوا منها أثناء دراستهم لمواجهة ضيق الحال المادي لذويهم، وغلاء أسعار الساعات الدراسية في جامعات حكومية غدا هدفها الأول تحصيل أكبر مبلغ مالي من أجل الإيفاء بالتزاماتها.
هؤلاء الخريجون هم اليوم عرضة للملاحقة القانونية من قبل وزارة المالية بعد أن عجزوا عن سداد ما ترتب عليهم من قروض، وهذه نتيجة طبيعية، فهؤلاء لن يجدوا أموالا يكسبونها بعد تخرجهم لعدم توفر فرص عمل (18.6 نسبة البطالة بحسب الأرقام الرسمية وهي بحسب خبراء اقتصاديين تفوق ذلك)، وبالتالي فلا مجال للتسديد، فيغدو الطالب معرضا لأن يقع في شرك هذه الديون.
وبحسب الأرقام الرسمية فإن حجم القروض المقدمة من صندوق دعم الطالب الجامعي والمستحقة للسداد بلغت 52 مليون دينار، سدد منها 23 مليونا، فيما تتحدث مصادر أخرى عن 105 ملايين دينار حجم القروض الكلي المتراكم على هؤلاء منذ العام 2012 وهو العام الذي بدأ فيه منح الطلبة مدة عامين فترة سماح، إلى جانب 5 أعوام يجب على الطلبة خلالها سداد كامل المبلغ.
أما عدد الطلبة الذين استفادوا من صندوق دعم الطالب منذ نشأته العام 2004/2005 وحتى 2017/2018 فبلغ نحو 320539 طالبا وطالبة، بقيمة وصلت إلى 250 مليون دينار أردني.
هذا يعني أن الخريج يغادر أسوار جامعته وهو مقيد بسلاسل يصعب فكها، وقد كسر عوده قبل أن يشتد رغم تأكيدات مدير مديرية الأموال الأميرية في وزارة المالية بسام الشخانبة أنه "لم يتم توقيف، ولن يتم توقيف أي طالب أو كفيل لعدم سداده القرض الذي حصل عليه من صندوق دعم الطالب الجامعي".
في دول عربية لا تعيش اقتصادا أفضل من اقتصادنا يتم توفير خدمة التعليم مجانا للطلبة سواء في المدارس أو الجامعات، انطلاقا من أن هذه الخدمة هي مسؤولية الدولة تجاه أبنائها سواء من المقتدرين أو الكادحين من الطبقة الفقيرة، بيد أن ما تعانيه الجامعات من ضائقة مالية كبيرة جراء سوء الإدارة، وعدم القدرة على ضبط الإنفاق، وضعف الدعم الحكومي، دفع بها إلى اللجوء إلى جيب الطالب.
وزير التعليم العالي السابق الدكتور وليد المعاني قدم مقترحا في غاية الأهمية من أجل مجانية التعليم العالي، حيث يرى أن هذا المقترح يحتاج إلى تمويل سنوي متدرج الزيادة على 5 سنوات، ويغطي جزءا من المبالغ المستوفاة منه بدل رسوم طلبة البرنامج العادي.
وجاء في المقترح أنه يمكن تمويل هذا التعليم من خلال الصندوق الوطني للتعليم الذي ينشأ بقانون ويتبع للبنك المركزي ويموله الشعب الأردني برسم يفرض على لتر البنزين متدرجا من 20 فلسا في السنة الأولى إلى 64 فلسا في السنة الخامسة وما بعدها. ولا ينفق من هذا الصندوق إلا على التعليم العالي ولا يقترض منه ولا تطبق عليه معايير الفوائض المالية، ويدفع البنك المركزي فوائد على هذه الأموال مثل ما يدفع للبنوك. هو صندوق يموله القاطنون على الأرض الأردنية لفائدة التعليم العالي المجاني لأبناء الشعب الأردني.
ويرى المعاني أنه بهذا المقترح حدد مجال التمويل من أبناء هذا الشعب؛ متكافلين متضامنين، يدفع الجميع لمن التحق بالتعليم الرسمي تنافسا. وهو تمويل يمنع بعض الطبقة الوسطى من الذوبان والتلاشي. كما أنه أنموذج يساعد على توجيه الناس للتعليم التقني.
ما يقارب 70 فلسا كفيلة بأن تنهي أزمة شعب كامل مع التعليم الذي ينهك قدراته المعيشية، وبات مهددا بالقانون جراء قروض لن يستطيع أغلب الطلبة سدادها في وقتها المحدد.