لبنان يعلن حالة الطوارئ الاقتصادية: ماذا عن الأردن؟

أعلن لبنان على لسان رئيس وزرائه "حالة الطوارئ الاقتصادية" في البلاد، وقد جاء الإعلان بالتوافق مع مجلس النواب اللبناني وبحضور رئيس الجمهورية. الهدف الأساسي "إصلاح المالية العامة" و"الحفاظ على استقرار الليرة اللبنانية المرتبطة بالدولار"، ولوقف تدهور مؤشرات الاقتصاد السلبية حيث بلغت نسبة الدين العام للناتج المحلي الإجمالي 150 % ونسبة البطالة 40 % والعجز حوالي ربع الموازنة. الأزمة السورية والفساد وتراجع الاستثمار، سيقت كأسباب أساسية لما وصل إليه واقع الاقتصاد اللبناني، وإعلان حالة الطوارئ جاء لكي يتم التعامل مع هذه الأسباب والسيطرة عليها، والأهم، من أجل شحذ همم اللبنانيين بكافة مواقعهم للمساهمة بالنهوض بالاقتصاد ولإيصال رسالة واضحة لهم عن واقع الحال للاقتصاد اللبناني.اضافة اعلان
كلنا نتمنى الخير للبنان وشعبه الكريم والعريق، وبذات المقام نحمد الله ونشكره أن أوضاعنا الاقتصادية في الأردن لم تصل لهذه المرحلة من الخطر، فنسبة الدين بالأردن تراوح عند حدود 95 % من الناتج المحلي الإجمالي، والبطالة 19.2 %، والعجز أقل بكثير من ذلك عند لبنان، وإجراءات المالية العامة والسياسة النقدية تسير ضمن رؤية واضحة وإيجابية بالرغم من قسوتها.
إدراك الأردن منذ سنين طويلة لضرورات الإصلاح الاقتصادي والمالي، واتخاذه القرارات الصحيحة غير الشعبوية، هي التي جعلت مؤشرات الاقتصاد الأساسية تحت السيطرة، ولذلك لم نضطر، للآن، إلى إعلان حالة طوارئ اقتصادية. هذا لا يعني على الإطلاق أن اقتصادنا بوضع جيد، ومشروع ومنطقي أن نقارن أنفسنا بمن حقق نتائج اقتصادية أفضل وليس أسوأ منا، كالشقيقة مصر مثلا التي تشهد ازدهارا ملفتاً، لكن علينا أن نقف وقفة صدق أمام ذاتنا لنرى أننا أدركنا الخطر مسبقاً وبدأنا بالفعل بالخطوات لإصلاحه. ها نحن نسير بتدرج نحو مغادرة النموذج الريعي الذي حكم عقلية إدارة الاقتصاد لعقود، ونتجه، وإن ببطء، نحو تحقيق التوازن بين الإيرادات والمصروفات، والاعتماد على الذات، والبناء على عناصر القوة الاقتصادية والبشرية لدينا.
إذا كان لبنان دخل مرحلة الطوارئ الاقتصادية، فالأردن في مرحلة تستحق أن تسمى "الصمود الاقتصادي". هذا ما يجب أن يعّرف فحوى خطابنا مع أبناء الوطن، وأننا رغم ضيق الحال وضنك العيش نسير على الطريق الصحيح الذي سيبقينا ويقينا من الدخول في مرحلة طوارئ. خطابنا الاقتصادي الآن غير مقنع وغير شفاف، فقد بات حبيس شعبوية السعي لتجميل مشهد اقتصادي يراه الجميع عكس ذلك، وتكرار الحديث عن إنجازات وهمية ومضللة استنزفت الكثير من المصداقية. خذو مثلا أرقام البطالة التي تستمر بحسب الإحصاءات الرسمية بالارتفاع، عكس التصريحات الرسمية التي تتحدث عن تعيين آلاف الأردنيين في أرقام متضاربة وغير موثقة. الأكرم والأصدق، أن يتم الحديث عن واقع الحال الاقتصادي بدقة وشفافية، وأن تبرر الأرقام، وأن ترسم صورة واضحة للنهايات الاقتصادية والمؤشرات التي نسعى لتحقيقها.