لحظة، "العمل" لم يمت

26-3

الداد ينيف

معاريف  

لا حاجة لاستدعاء خدمات الدفن. فحزب العمل لم يمت بل إنه ليس في حالة من ينازع الموت، وقد بدأت هذا الأسبوع العملية الأليمة لاستبدال الأجيال.

اضافة اعلان

87 بطاقة "ضد" كانت تنقص بالإجمال في صناديق الاقتراع كي تنهي بالضربة القاضية وتقطع بالسكين مؤخرات "وزرائنا" عن جلد الغزال الذي اصبح في السنوات الاخيرة جلد اجسادهم الطبيعي. ولكن مثلما في الملاكمة، لا يتحقق النصر احيانا بالضربة القاضية في الجولة الاولى، وسيكون هناك داع لعدة جولات اخرى لنزع المبايين عن كراسيهم الوزارية.

بعد هذا القدر الكبير من السنين التي تحول فيها حزب العمل الى مدمن "سلطة" ليس بسيطا شفاؤه في يوم واحد، بضربة واحدة.

لقد احتاج اسحق رابين سنتين من 1990 حتى 1992  قبل أن نجح في إقناع الحزب بانه هو وحده قادر على تنحية هذا المهزوم الخالد، شمعون بيريز، عن كرسي الرئيس الذي اصبح مع السنين فارسا من فرسانه.

هناك حاجة لكثير من الصبر ورباطة الجأش والتصميم والاعصاب الحديدية إذ ان الحال سيكون صعبا. صعبا ومعقدا. بل وستكون هناك لحظات يتحقق فيها الامر بالكاد. وسيكون هناك قرف ودموع. ولكن في السنة القادمة سيتحقق الأمر.

في النهاية ستكون هناك انتخابات تمهيدية لرئاسة الحزب، وايهود باراك، الذي استنزفت قواه وفقد ثقته بقدرته على ان ينتخب لقيادة الدولة، سيخلي كرسيه لزعيم شاب، في عمر طوني بلير حين انتخب لرئاسة الوزراء في بريطانيا، او باراك اوباما الذي بدأ حملته الساحرة الى جادة بنسلفانيا 1600 وواشنطن دي سي في الولايات المتحدة.

واذا اراد نتنياهو، يمكن لايهود باراك ان يبقى على كرسيه في وزارة الحرب كتعيين شخصي إذ ان "مصلحة الدولة تسبق كل شيء وانا لا اطارد الكراسي".

حزب العمل سيبدأ من جديد من دونه. وقبل كل شيء سيعرف لنفسه ما هو ومن هو وبماذا يختلف وبماذا يؤمن وما هي خطوطه الحمراء.

بعد ذلك سيبدأ حملته لاحتلال القلوب. من بيت الى بيت، من بلد الى بلد، من جمهور الى جمهور، وسيكون هذا معقدا. إذ ان ايهود باراك عود الجميع في السنتين الاخيرتين بان الكلمة ليست كلمة، والوعد ليس وعدا والطريق الوحيد الذي يبدي الاستعداد للانتحار من أجله هو طريق مناحيم بيغن في تل ابيب.

هذا هو الطريق الذي يسير فيه، عدة مرات في اليوم من الطابق الـ31، قصر ماكنغهام خاصته في ابراج إكيروف، نحو الطابق الـ 14 في وزارة الحرب، منه واليه. فجأة هناك حاجة للاقناع بان حزب العمل هو حزب الحقيقة، وانه يقول ما يقصد ويفعل ما يتعهد.

ولدى بيبي 55 شهرا من الحكم، وهذا زمن كافٍ، اكثر مما ينبغي، من اجل عودة أعضاء العمل منتصبي القامة، منتعشين، واضحين، حادي الرأي، اسرائيليين ووطنيين، وقادرين على اقناع الناس بأنهم بديل واقعي.

وعندها، ستتم تنحية بيبي قبل نهاية عهده، واسقاط الليكوديين والعودة الى دفة الحكم. هذا بالضبط ما يفعله في الديمقراطية حزب يهزم في أكبر المعارك الانتخابية. بيبي فعل هذا في المرة السابقة. والليكود ليس وحده قادرا على اجتراح التغيير. وعندها، فإن هذه الايام التي تجعل مقترعي حزب العمل في الانتخابات الاخيرة يخجلون خجلا فظيعا وان تحمر وجوههم حقا، ستذكر كتاريخ بعيد، غامض ومشوش.