‘‘لسة صغيرة عالزواج‘‘.. لوحات وتصاميم رمزية تحارب الزواج المبكر

معرض لسه زغيره عالزواج
معرض لسه زغيره عالزواج

تغريد السعايدة

عمان- يأتي الفن ليكون حاضراً بالجوانب الحياتية افة. وهذه المرة كان عنوانا يحكي عن العنف ضد المرأة، وتحديدا "زواج القاصرات"، من خلال مجموعة من اللوحات والتصاميم التي تدعم الطفولة، تكاتف فيها طلاب قسم الفنون في جامعة العلوم التطبيقية.اضافة اعلان
أول من أمس، افتتحت جامعة العلوم التطبيقة معرضها الفني السنوي الذي يحاكي في كل مرة قضية تهتم بالمرأة، ولكنها جاءت لهذا العام لتطرح قضية زواج القاصرات، الذي تعكف اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة في العمل على الحد من هذه الظاهرة بتكاتف جميع الجهات الرسمية والأهلية وتوعية المجتمع بالطرق المتاحة كافة، بعد أن أظهرت الأرقام الرسمية وجود ارتفاع في نسبة زواج القاصرات، وتكرار حالات الوفاة لبعضهن أثناء الولادة، بحسب إحصائية المجلس التي أظهرت وفاة فتاة قاصر من بين أربع خلال حالات الولادة.
المعرض حمل اسم "لسة صغيرة عالزواج"، وهو الاسم الذي اعتمدته الحملة الدولية السنوية لمناهضة العنف المبني على النوع الاجتماعي، والذي عرض مجموعة كبيرة من اللوحات الفنية جميعها للطلاب على مقاعد الدراسة الجامعية؛ إذ عبرت رئيسة اللجنة الوطنية لشؤون المرأة، الدكتورة سلمى النمس، لـ"الغد"، عن حماسها للمعرض الذي يجسد الدور المهم الذي تلعبه الجامعات في الانخراط في القضايا الوطنية، وخلق جيل شاب مدرك للعديد من القضايا ومجابهة تلك المشاكل وإيجاد الحلول لها.
ومنذ دخول الزائر للوهلة الأولى للمعرض، يستنتج الهدف منه والقضية التي يطرحها؛ إذ عُرضت اللوحات على أنغام أغنية الفنانة الأردنية نداء شرارة التي قدمتها كمساهمة منها للحملة الوطنية لمحاربة زواج القاصرات، وتحمل العنوان ذاته "لسة صغيرة"، وتظهر رسومات وصور طفلات طال العبوس وجوههن البريئة وهن بفستان أبيض.. فستان الزفاف، عدا عن تصاميم غابت عنها الرؤوس لتبقى اللوحة مبهمة غامضة لا تعطي وجهاً طفولياً ليكتفي المشاهد بتخيل ذلك الوجه الطفولي الذي يتجسد في المعاناة.
اللوحة التي فازت في المركز الأول للتقييم الذي قام به قسم الفنون، خلال المعرض الذي افتتحه رئيس الجامعة الدكتور محفوظ جودة، كانت للطالبة نرجس الفرا، التي قدمت لوحة عبارة عن فستان أبيض يعتليه "مريول المدرسة" وباقة من الكتب المدرسية بدلاً من الورود، والتي كانت بدون وجه، والتي اعتبرها أستاذ الفنون في الجامعة الدكتور علي الحموري، من اللوحات المميزة التي تحارب فكرة الزواج المبكر والحث على متابعة التعليم للفتاة قبل أن تكون زوجة وأما، مشيراً إلى أن الطالبة نرجس هي فتاة صماء، ولكن لديها العزيمة الكبيرة على متابعة حياتها الدراسية، وهي من المتفوقات والمبدعات في القسم.
كما احتوت اللوحات على صور لألعاب، تمثل الطفولة، ولكن حُكم عليها بالإعدام من خلال "خاتم الزواج"، الذي تحول نصفه في لوحة أخرى لحلوى، وهي المرتبطة بالطفولة كذلك، بينما ظهرت الطفلة في صورة ثانية وهي في "عربة تسوق"، وكُتبت عبارة "الطفولة لا تباع"، وأخرى ظهرت فيها طفلة وهي "مغلفة" داخل علبة للألعاب، وكأنها سلعة تُباع وتشترى بدون إرادة ووعي منها "مسيّرة وليست مُخيرة".
وعبرت النمس، عن إعجابها بالأفكار الجميلة والرمزية التي قدمها الطلاب، وتُظهر حرفية كبيرة في استخدام الفن والأدوات والألوان وتسخير التكنولوجيا والتطبيقات في التصاميم التي خرجت من تحت أنامل المشاركين، وأظهرت نظرة مميزة معبرة في طرحهم للقضية، والبراعة في التعبير عن الأفكار، مبينة أن المجلس سيكون له تعاون مع الطلبة في توظيف هذه الأعمال الفنية ونشرها بطرق مختلفة سيتم دراستها فيما بعد.
وبحضور نائب رئيس مجلس الأمناء، الدكتور هيثم أبو خديجة، قال رئيس جامعة العلوم التطبيقية، الدكتور محفوظ جودة، في تصريحه لـ"الغد": "إن من أهداف الجامعة تجويد العملية التعليمية وتعزيز الهدف العملي فيها، ولكن يتزامن ذلك مع زيادة التشاركية والخدمة المجتمعية للطلاب وتنمية المجتمع المحيط، لذلك نسعى لأن يكون هناك تعزيز لهذه المشاركة في المؤسسات كافة من خلال العديد من الأنشطة التي تشارك فيها الجامعة، كما في التعاون مع اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة".
وأضاف جودة "أن المرأة هي نصف المجتمع، ومن خلال العمليات التدريسية، هنالك عمل مع الجهات المختصة بشكل ملائم في مناهضة أشكال العنف ضدها بمختلف أشكاله، ومن ضمن ذلك "زواج القاصرات"".
وتم خلال الحفل توزيع الشهادات التقديرية على الطلبة الفائزين في أفضل ثلاث لوحات، عبرت كل واحدة منها بطريقة رمزية وفاعلة في محاربة "زواج القاصرات"، كما تم تقديم دورع متبادلة بين الجامعة والمجلس الوطني لشؤون المرأة. كما قام قسم الفنون بتقديم مجموعة من اللوحات التي عُرضت في العام الماضي حول محاربة العنف ضد المرأة بأشكاله كافة، كما تم عرض فيديو قصير تناول أرقاماً وإحصائيات حول نسبة زواج القاصرات التي تزداد بشكل مستمر، والعنف اللاحق الذي تتعرض له هؤلاء الفتيات، وجميعها أرقام "واقعية"، بحسب النمس.
ومن جهته، قال عميد كلية الفنون في الجامعة، الدكتور عصام أبو عوض "إن هذه اللوحات الفنية هي من ضمن مساق "تصميم جرافيك3"، الذي يختص بتصميم الملصقات، ويتم خلاله تناول 12 قضية اجتماعية وبيئية وصحية، يقومون بتصميم الملصقات لها، كما سيتم التعاون مع مركز الحسين للسرطان في تصميم ملصقات لمحاربة التدخين"، مضيفاً أن اللوحات سيتم عرضها في أماكن عدة خارج نطاق الجامعة في المرحلة المقبلة.
وبين أبو عوض، أن انخراط الطلاب في موضوع اجتماعي كالزواج المبكر، يعبر عن رأيهم بهذه القضية ومدى الوعي في إيجاد حلول لمحاربتها، ويسقط ما يدور في خاطره من فكرة على اللوحة، مشيراً إلى أن انغماس الطالب في مواضيع ذات قضية تهم المجتمع يعزز فيهم روح التفاعل مع مجتمعهم، وطرحها بشكل سلس ورمزي.