لغة الجسد: مرآة للبوح بمكنون النفس وشيفرة لفك ما يفكر به المرء

لغة الجسد: مرآة للبوح بمكنون النفس وشيفرة لفك ما يفكر به المرء
لغة الجسد: مرآة للبوح بمكنون النفس وشيفرة لفك ما يفكر به المرء

إسراء الردايدة

عمان- ليس من السهل على المرء قراءة النص والكلام غير المنطوق في حركاته وحركات من حوله، فكل إيماءة ولفتة ونظرة، بدءا من طرق تحريك الرأس وانتهاء بدعسة القدم تنبء عن صاحبها الكثير، وتشكل الانطباع الأول الذي يعطي رأيا عاما عن شخصيته وهو الانطباع الذي يكون مؤثرا في الغالب.

اضافة اعلان

حركة الجسم وإيماءاته جزء من الكلام غير المنطوق، بحسب مستشارة ومدربة مهارات الاتصال وفن الخطابة زين غنما التي تبين أن ما يصدر عن المرء من حركات لاسيما في اللقاء الأول "يعطي انطباعا عنه بمجرد النظر إليه"، منوهة إلى أن هذه الانطباعات ترتبط غالبا "بالشكل الخارجي والحركات الصادرة عن الشخص بدءا من كلماته المنطوقة وصولا إلى حركة عيونه وليس انتهاء بتلويحات اليدين".

ومن هنا تؤكد غنما على أهمية الانتباه للحركات التي تصدر عن كل فرد "لعكس انطباع غيبابي عنه من جهة وحتى تتوافق مع ما يريد التعبير عنه من دون أي تناقض من جهة ثانية"، مشددة على ضرورة فهم هذه الحركات ودورها في تحسين موقفه أمام من حوله والأثر الذي تتركه في ذاكرتهم". لافتة إلى أن الحركات الصادرة عن الشخص "لا يجب أن تؤخذ منفصلة عن بقية حركاته؛ إذ إنه لا يجب تفسير، على سبيل المثال، نظرة العين بخلاف حركات الوجه وتعابيره بل يفضل ربط الحركة بالموقف والمكان والكلام المتبوع قبلها او بعدها، وفق غنما التي ترجع سبب ذلك إلى أن "هناك كثيرا من الحركات الجسدية ذات الدلالات المختلفة، وتفسيرها قد يكون خاطئا إن لم ننتبه للموقف الذي حصلت فيه وكل حركة يختلف تفسيرها من شخص لآخر".

وفهم الحركات ولغة الجسد لا تتطلب خبيرا، وفق غنما التي ترى أن "الفهم والوعي الكافي لمن يخاطبنا يمكن إذا انتبهنا لكل كلمة يتفوه بها أو حركة تصدر عنه أن يجعلنا ذلك قادرين على قراءته بشكل أفضل وتزداد هذه المهارة بالممارسة وزيادة الوعي بفهم الشخصيات المختلفة".

وتؤكد غنما أن "فهم من حولنا يتطلب منا الانتباه لكل ما يصدر عن المرء من حركات، بخاصة إذا أردنا التعامل معه وفهم مايريد قوله"، مبينة أن لغة الجسد "طريقة للتواصل وتحليل الآخرين لاتخاذ قرارات صائبة وأخرى تمكننا من فهم ما يخفيه بعضهم وهو امر يساعد على تفادي أخطاء أو تجاوز مواقف صعبة"، فمراقبة حركات المرء "لا تعني التطفل بل القراءة والتواصل بطريقة بعيدة عن الكلمات لأن الإشارات تكمل الكلمات التي تحتبس احيانا في داخل النفس وترفض الخروج في مواقف مختلفة".

ويتفق مع ماذهبت إليه غنما الخبير في لغة الجسد ومؤلف كتاب "Psychology of Persuasion" ومؤلف أكثر من 20 كتابا حول هذا الموضوع د. كيفين هوغان إذ يؤكد على دور لغة الجسد في إقناع الآخرين واتخاذ القرارات وتأثيره على العلاقات الإنسانية.

ويجمل هوغان في كتبه العديد من الحركات التي لها علاقة في قراءة الآخرين بدءا من العين وحتى القدم مستعينا بآراء خبراء من المجال نفسه منها:

- إزاحة الشعر عن الوجه: حركة تمزج بين التوتر العصبي والمغازلة، وتلفت انتباه من يقوم بها خصوصا الفتيات.

- الابتسامة: فالابتسامة الحقيقية يمكن تمييزها برغم كل حقنات البوتكس، بحسب أستاذة الخدمة الاجتماعية في جامعة لويزفيل انيتا باربي، مبينة ان الابتسامة الحقيقية هي التي تشارك في رسمها عضلات العين، لمن يبتسم لأكثر من خمس ثوان وهي التي لايمكن تزييفها بابتسامة باهتة تعكس نية سيئة او ضحكة صفراء.

-رمشة العين: رمش العين العادية تتراوح بين 6-8 في الدقيقية، ولكن تحت الضغط ترف عين الفرد أكثر بشكل دراماتيكي وهذا يعبر عن فزع وتوتر أو حرج.

-عض الشفاه، يحصل لعق الشفتين من دون ان يدري الفرد حين يكون تحت وطأة الضغوطات او وضع محرج؛ حيث يحاول بحركته هذه أن يهدئ من روعته بحسب عالمة النفس كارول كينزي غومان ومؤلفة كتاب " Nonverbal Advantage".

-حك الأنف: أنت في ورطة وتكذب، هو تفسير عالم النفس واستاذ الاتصالات في جامعة لويزفيل مايكل كننغهام الذي يبيت أن التوتر عند إخفاء امر ما يسبب توسعا في الشعيرات الدموية في الأنف مستدعيا الحاجة لحكه، وهي حركة تدل ايضا على دهاء الشخص وذكائه.

- إرسال نظرات دفاعية: وهي لعبة العيون، وتمارس عادة بين الرجل والمرأة عند احتدام النقاش بين الطرفين وتشوش فكر المرأة بتفكير الطرف الآخر بها وهي نظرة تدعو للمجابهة، وأحيانا بمثابة دعوة للتقدم والتجرؤ على الإفصاح بما يريد الطرف الآخر التعبير عنه.

-إغلاق العينين: عبر فركهما او تغطيتهما وحتى اغلاقهما لمدة أطول من المدة التي ترمش فيها العين عادة تعني محاولة الفرد في نأي نفسه عن بعض الإشارات السمعية والبصرية وهي آلية لمنع الدماغ من استقبال أمر غير مرغوب به أو معالجة تهديد ما.

-النظر لأسفل: وهي حركة تقدم لتخطيط وتكتيك، وغالبا مايقوم بها الأطفال الصغار، وهي النظرة ذاتها التي تدفع الآباء للاستجابة لمطالب صغارهم، ومن يمارسها أمامك فهو يبحث عن تعاطفك، وينتظر منك ان تكون لطيفا واشتهرت بهذه النظرة الليدي ديانا.

- إمالة الرأس: تحريك الرأس وإمالته لجهة محددة؛ حيث يدور حوار او نقاش، فهذا يعني أن صاحب الحركة يحاول استراق السمع للحديث الدائر، هي حركة تنم عن اهتمامك خصوصا عندما تقوم بتحريك كتلتك الجسدية مع رأسك وكأنك تحاول الاقتراب بأذنك أكثر فأكثر.

- رفع الحاجبين او تلعيبهما: رفع كلا الحاجبين أو احدهما هو تعبير حقيقي عن الفضول او الاهتمام المزعج لأمر ما، في حين يعني تخفيض الحاجبين مشاعر سلبية تنتاب صاحبهما بحسب لورزا غيريرو أستاذة علم الاتصال في جامعة أريزونا.

- تدليك الجبين أو شحمة الأذن، هي إجراءات عن عدم الارتياح أو الضعف والوضع نفسه ينطبق على حركة فرك الساقين ببعضهما أثناء الجلوس فهي أشبه بتمسيد النهايات العصبية في بعض من اجزاء الجسد ما يساعد ذلك على خفض ضغط الدم ومعدل ضربات القلب الناتجة عن التوتر.

- اللعب بالأظافر: وهو علامة على قلة الثقة بالذات والجبن، ومحاولة فرقعة الأصابع وحتى النقر بها يعني أنك غير واثق من قرارك ولا تستطيع الاختيار بين أمرين.

- التململ: حين تلاحظ ازديادا في حركة الجسد أكثر من أي وقت مضى وأنت جالس محركا حذاءك وكأنه على وشك الانزلاق، فهو مؤشر على عدم شعورك بالراحة وهي حركة للتخفيف من حدة التوتر ودلالة على الرغبة بالخروج من الوضع والمكان الذي أنت فيه وكأن الجسد يستعد للذهاب في رحلة سريعة أو جولة قصيرة بعيدة عن المكان الحالي ولذا إن شعرت في هذا الشعور في مكان العمل قم بعقد كاحليك لتهدئة نفسك حتى لاتعكس انطباعا سلبيا عن نفسك.

ومن هنا ترى غنما أن الجسد مرآة للبوح بمكنون النفس، والعقل الباطن يعكس كل ما يريد المرء أن يخفيه لذا من المهم انتباه الشخص لما يصدر عنه وعن الآخرين من حركات تسهم في فهم ما يفكر به وما يتمتع به من صفات.

 

[email protected]