لقاء في مدرسة اليوبيل

أمضيت صباح يوم السبت الماضي الموافق 23/3 في مدرسة اليوبيل، وبصحبة طيبة من أعضاء النادي الاقتصادي في المدرسة. وقد كانت السيدة سهى جوعانة المديرة قد طلبت مني قبل أكثر من شهر أن أرعى النقاش الموسمي لأعضاء النادي حول مواضيع الاستثمار، والدين الخارجي، وقروض البنك الدولي، والتصدي للبطولة. وقد قسّم أعضاء النادي أنفسهم إلى أربع مجموعات، تناقش كل واحدة منها موضوعاً من هذه الموضوعات الأربعة. وقد كان دوري محصوراً في أمرين. الأول أن أقدم مداخلة في البداية أتحدث فيها عن الاقتصاد الأردني، والثاني أن أجيب على الأسئلة المنهجية التي أثارها الطلاب من كل من المجموعات الأربع. وقد كان أكثر ما اعجبني طبيعة الأسئلة التي وجهت إلي من الطلبة، ومن النماذج على الأسئلة التي قدمت إلي هي من الأفضل لنا اقتصادياً الاقتراض الداخلي أو الخارجي؟ من أحسن بحكم تجربتكم العمل في القطاع العام او القطاع الخاص؟ كيف يمكن لنا أن ننطلق نحو النمو ونحن بالكاد قادرون على سداد الالتزامات المترتبة علينا؟ كيف سيفيدنا اقتصاد المعرفة في تحقيق النمو الاقتصادي؟ إذا كانت الحكومة أكبر من اللازم وتعين موظفين أكثر مما تحتاج، فكيف سنجعلها أكثر فاعلية وإنتاجياً؟ وقد قمت بالإجابة عن الأسئلة بشكل مطول حتى اقدم لهم اكبر قدر من المعلومات، فعندما سألوا عن البنك الدولي، أخبرتهم عن الفرق بين البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. فالأول مهتم أكثر بالتنمية وإعادة الهيكلة ويقدم قروضاً طويلة الأجل، بينما يهتم الصندوق بسياسات التصحيح، ويقدم قروضاً قصيرة الأجل نسبياً. وذكرتهم أن كثيراً من المسؤولين في السلطتين التشريعية وحتى التنفيذية يخلطون بينهما. وفي معرض الحديث عن الخروج من الحلقة المفرغة حيث تقتضي متطلبات التنمية وجود أموال، ويقتضي توفر الأموال حصول التنمية التي تتطلب استثماراً، والاستثمار يتطلب المال، فإننا بحاجة إلى إعادة ترتيب أموالنا، ووضع ذلك المال في الاستثمار بدلاً من انفاقه على زيادة الرواتب، أو تقديم المنح، وهذا خيار صعب سياسياً. وذلك لأنك تطلب من الناس الصبر والثقة فإنك إن حمّلتهم مزيداً من الأعباء فسوف تعوضهم عن ذلك بمشاريع ووظائف تمكنهم من جعل صبرهم مجزياً. وأخبرتهم عن تجربة تورجوت أوزال في تركيا، وعن تجربة مهاذير محمد في ماليزيا. وقد سررت لما كنت أشاهد نشرة أخبار أن رئيس وزراء الباكستان "عمران خان" قد قال نفس الشيء في تعقيب له على زيارة "د. مهاذير محمد" له في إسلام أباد. الطالب الذي أدار حفل الافتتاح كان مبدعاً، ولم يلحن ولا مرة في اللغة. وكذلك الطالب رئيس النادي الاقتصادي الذي بدا ملماً بالمواضيع وواثقاً من نفسه. ولقد أضاف على بعض إجاباتي عن أسئلة الطلبة نقاطاً مهمة تدل على فهمه المتميز لما يقول. وعدت إلى البيت مليئاً بالفخر. إذا كان هؤلاء الدواسر يمثلون الجيل القادم فنحن بخير وعافية، ونحن باعتمادنا على هؤلاء المثقفين المفكرين والمبدعين، سوف نتجاوز الصعاب، لأن نقص المال مهما كان بلاء لا يصمد أمام وفرة العنصر البشري المتميز. أوَ ليس الإنسان أغلى ما نملك؟ إن نظام تشكيل اللجان في المدرسة يتطلب منهم أن يعقدوا ندوات تهم الوطن ملتزمين بشعار "على خطى النهضة نرتقي"، وهم الذين يقومون بإدارة لجانهم، ويدبرون التمويل لاجتماعاتهم. وقد نجح الطلاب في إقناع بنك الاستثمار وأورانج على دعم ندوتهم. وهكذا تتشكل قيادات تعتمد على نفسها، وتنأى عن الرعوية.اضافة اعلان