لقاء ملكي وحوار عفوي وصريح مع طلبة "الاردنية"

في لقائه الحواري مع طلبة كلية الأمير الحسين بن عبدالله الثاني للدراسات الدولية، تناول الملك مجموعة واسعة من القضايا الداخلية والخارجية التي تهم الوطن والمواطن. سوف أتوقف عند نقطتين مهمتين وردتا في هذا اللقاء لهما علاقة بالتحول السياسي:اضافة اعلان
النقطة الأولى، وهي الضعف أو الغياب الفعلي للأحزاب السياسية في المشاركة السياسية، وبخاصة ضعف قاعدتها الشعبية الضرورية لإيصال ممثليها للبرلمان، ومن ثم تشكيل الحكومة البرلمانية التي أعلن الملك أكثر من مرة أنها مطمح وهدف للدولة الأردنية للارتقاء بالعمل السياسي، والتقدم باتجاه نظام ديمقراطي حقيقي.
الأحزاب السياسية لأسباب مختلفة، لم تكن قادرة على منافسة القوى الاقتصادية والاجتماعية المختلفة، وإيصال ممثليها للبرلمان لا بل إن العدد الأكبر من أعضاء البرلمان لم يأتوا من رحم الأحزاب السياسية باستثناء عدد قليل. وعليه، فلدينا برلمان ليست له أطر سياسية، أو مرجعية سياسية تساهم في تحديد مواقف الكتل من السياسات العامة سواء كانت مالية أو صحية أو تعليمية، ما يؤدي إلى عدم انسجام السياسات مع بعضها بعضاً أو أحياناً مع فلسفة الدولة الأردنية، وهذا ينسحب على الحكومة كذلك، لأن غالبية الوزراء ليست لديهم مرجعية سياسية أيضاً.
لقد أشار الملك أو تساءل حول إمكانية أن تتحول الكتل البرلمانية لأحزاب سياسية، وهذه قضية مهمة، وربما تكون وصفة أردنية لتطوير الحياة الحزبية، وذلك لأن النواب الحاليين لهم قواعد انتخابية وتجربة برلمانية، ومن ثم تصبح فرصة نشوء الأحزاب أكبر من تشكيلها من الخارج.
المسألة الأساسية التي أشار اليها الملك، هي ضعف الانسجام الفكري والسياسي داخل الكتل البرلمانية، حينما أشار إلى أن الأعضاء يبدون مواقف متناقضة داخل الكتلة الواحدة. قد تكون هناك معوقات كبيرة تحول دون تحقيق ذلك، وربما يكون أهمها أن رؤساء الكتل قد لا يرغبون في مأسسة العمل السياسي حتى لا يخسروا سلطتهم على الكتل، ولعل هذا الموضوع يحتاج في الحديث عنه إلى مقالة أخرى.
القضية المهمة الثانية التي أشار اليها الملك، هي، على ما يبدو، شعوره ببطء إنجاز الإصلاحات السياسية عندما حث الشباب على الضغط على نوابهم وممثليهم فيما يتعلق بتطلعاتهم وآمالهم، وعدم توقع النخبة السياسية سواء كانت المنتخبة أو غيرها، بالقيام بعملية التحّول المطلوبة. إن مثل هذا الطرح هو ما تؤكده النظريات السياسية بأن التغيير لا يمكن أن يحصل دائماً من الأعلى، وأن هناك أحياناً إعاقات تأتي من المؤسسات المختلفة التي تريد أن تحافظ على مصالحها ومكاسبها. وبهذا، فإن رأي الدولة بحث الشباب على العمل العام والمشاركة الفاعلة في العملية السياسية يكون من حيث أسس اختيار مرشحيهم، والاستمرار بالضغط عليهم لتحقيق طموحاتهم وآمالهم.
لقاء القائد مع أبنائه كان دافئاً وصريحاً وشفافاً. وبالرغم من عفوية الحوار، إلا أنه كان غنياً بالأفكار والمعاني التي تحتاج للتوقف عندها، ومن أهمها حث الشباب على أخذ زمام المبادرة: سياسياً واقتصادياً.