لماذا اثار مسلسل من بطولة 4 نساء ضجة كبيرة في باكستان؟

أثار المسلسل حفيظة الباكستانيين بسبب محتواه الجريء
أثار المسلسل حفيظة الباكستانيين بسبب محتواه الجريء

أحدث مسلسل باكستاني جديد يسمى "تشوريلز " يُعرض عبر شبكة الانترنت، ضجة في البلاد بسبب موضوعه الجريء وطريقة عرض المسلسل لبطلاته.

اضافة اعلان

يضم المسلسل المؤلف من 10 حلقات مجموعة من النساء ينتمين لخلفيات اجتماعية مختلفة، ويجتمعن معاً لتأسيس في وكالة سرية للتحريات، تسمى تشوريلز (تعني ساحرة بلغة الأوردو ).

وأثار المسلسل جدلاً عندما حظرته هيئة تنظيم وسائل الإعلام في باكستان عقب رد فعل عنيف على مقطع من المسلسل انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي.

طلبت الهيئة من منصة الفيديو الهندية " زي 5 " التي بثت المسلسل حجبه عن الجمهور الباكستاني، فامتثلت المنصة للطلب.

وعبر عاصم عباسي، مخرج المسلسل، عبر تويتر، عن خيبة أمله من هذه الخطوة ، قائلاً إنه يشعر بخيبة شديدة لأن الحرية الفنية والمحتوى الفني الذي كان موضع تقدير في الخارج، تم خنقه في بلد المنشأ.

نساء الداليتمن هن النساء المضطهدات أكثر في العالم؟

ولكن، بعد الكثير من الانتقادات، أعيد بث المسلسل على منصة "زي 5" وأصبح متاحاً للجمهور الباكستاني، وهو ما أكده عباسي أيضاً.

ولكن بحلول ذلك الوقت، كان معظم الباكستانيين قد شاهدوا المسلسل فعلياً من خلال النسخة المقرصنة على مواقع أخرى.

كشف الحقائق القاسية

يدور العرض حول أربع نساء - محامية من الطبقة العليا تحولت إلى ربة منزل، ومنظمة حفلات مغرورة، وملاكمة مراهقة، وقاتلة حديثة العهد، جمعتهن المظالم الأبوية. وانضمت إليهن المزيد من النساء لاحقاً، وافتتحن متجراً للأزياء كواجهة لوكالتهن السرية.

والهدف من عملهن هو مساعدة النساء الأخريات على معرفة معلومات حول الأزواج الذين يشتبه بأنهم يخونون زوجاتهم.

ولكن بعد عرض عدة حلقات من المسلسل، بدا أنه يمسُّ قضايا حساسة مثل زواج القاصرات والتحرش والإساءة والزواج القسري والعنصرية وعدم المساواة الطبقية والمثلية الجنسية، وهوس المجتمع بصاحبات البشرة الفاتحة، بدءاً من تهديد زوج مسيء إلى إنقاذ عنصر في الوكالة من زواج قسري.

وكان للنقاب الشرعي الذي يستخدمنه افراد الوكالة، دور فعال في حمايتهن وإخفاء هويتهن أثناء قيامهن بمهامهن.

هل هناك خيانة "صغيرة" أو "جزئية"؟

مشهد من تشوريلز
التعليق على الصورة،يكشف مسلسل تشوريلز حقائق قاسية عن المجتمع الباكستاني

ويكشف المسلسل عن بعض الجوانب القاسية للمجتمع الباكستاني وينتهي بوعود لإنتاج جزء ثان له.

وفي مقابلة مع الصحيفة الهندية البارزة "هندو" بارزة، قالت بطلات المسلسل الأربع: "إن تشوريلز ليس وجبة مستساغة لدى الجميع، ولا يحظى بالقبول من قبل جميع الباكستانيين، وكل واحدة منا نحن الأربع، تدافع عن شيء بسيط مثل الحريات المدنية والمساواة للجميع".

"تغيير قواعد اللعبة" للنساء الباكستانيات

أثنى الكثيرون على المسلسل في كل من باكستان والهند، حتى أن بعض المعلقين وصفوه بأنه "غير قواعد اللعبة" بالنسبة للنساء في باكستان.

وأشاد النقاد والخبراء بالعرض قائلين إنه يفتح آفاقاً جديدة، ويحطم الصور النمطية ويضع المرأة القوية في صلب المشهد.

ووصفت صحيفة باكستانية يومية بارزة مسلسل تشوريلز بأنه "تحفة نسوية"، وقالت "إن العرض قد يكون بداية حوار للكثيرين، إن لم يكن أكثر من ذلك".

وقالت صحيفة باكستانية رائدة تصدر باللغة الإنجليزية: "بالتأكيد، مسلسل تشوريلز ليس من النوع الذي اعتاد هواة الدراما والبرامج الباكستانيين على مشاهدته، لكن صانعي العرض غير آسفين على إنتاجه".

وأضافت أن العرض استحوذ على قلوب "هواة الدراما الباكستانيين" لانه تضمن كل "المكونات الصحيحة"، وبالمثل، ذكرت صحيفة "ذا إنديان إكسبريس" الهندية، "أن القوة الحقيقية للمسلسل تأتي من تجسيدها لشخصية المرأة عن قرب".

مشهد من تشوريلز
التعليق على الصورة،ممثلات مسلسل تشوريلز

رد فعل عنيف على وسائل التواصل الاجتماعي

واجه المسلسل رد فعل عنيف في باكستان بسبب تصويره لنساء يتناولن الكحول و يرتدين ملابس لا تتماشى مع المجتمع المحافظ ويستخدمن ألفاظاً بذيئة.

وانتشر مقطع من العرض الذي بدأ في أغسطس/آب، على وسائل التواصل الاجتماعي.

وظهرت إحدى الشخصيات، تُدعى شيري التي تلعب دورها الممثلة المخضرمة هينا خواجة حياة ، تتحدث صراحة عن تقديم خدمات جنسية للرجال من أجل تسلق سلم النجاح.

أثار هذا المشهد تحديداً، غضب مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الذين قالوا إن مثل هذا المحتوى يروج للرذيلة ويجب حظره.

وعادة ما تتخذ الدولة ذات الأغلبية المسلمة موقفاً صارماً بشأن المحتوى الذي يعتبر جريئاً جداً بالنسبة لمسلسلات التلفزيون والمسلسلات التي تُعرض عبر شبكة الانترنت.

وكان أحدث مثال على ذلك إعلان عن البسكويت وُصف بأنه "مخلّ بالحياء"من قبل هيئة تنظيم وسائل الإعلام الباكستانية وهيئة تنظيم الإعلام الإلكتروني".

مشهد من تشوريلز
التعليق على الصورة،مشهد من تشوريلز

أصوات داعمة

لم يكن حظر الحكومة الباكستاني للمسلسل موضع ترحيب لدى كل الباكستانيين مثل الممثلين والمخرجين وغيرهم من المشاهير .

ونشر الممثل الباكستاني البارز عثمان خالد بوت، سلسلة تغريدات عبر فيها عن غضبه ومذكّرا السلطات بالعمل على حل قضية اغتصاب تصدرت عناوين الصحف مؤخراً.

وكتب بوت على تويتر : "لقد تم حظر تشوريلز... تهانينا! والآن، أرجو أن تركزوا غضبكم على حقيقة أن الشرطة فشلت في إلقاء القبض على المتهم الرئيسي في حادث الاغتصاب على الطريق السريع".

كما أعربت الممثلة المعروفة سينم سعيد عن نفس المشاعر تجاه القيود المفروضة على المحتوى.

وغردت قائلة: "حظر الإعلانات الراقصة والأفلام الجريئة والمسلسلات على شبكة الإنترنت لن ينهي الاغتصاب إذا كان هذا هو الهدف، كم نحن منافقون ! هل يجب أن يحدث كل شيء خلف الأبواب المغلقة؟".

وكتب البودكاستر الشهير أوزير يونس: "إنه لأمر مدهش أن يواجه الرجال في بلد فيه أعلى معدلات مشاهدة للمواد الإباحية، مشكلة مع مشهد من مسلسل تشوريلز الذي يسلط الضوء على الواقع القاتم لما يجب على النساء التعامل معه في مكان العمل. إذاً، احظروا أفلام الأكشن الباكستانية أيضاً، لأن باكستان باتت تعاني من أزمة عنف وقتل!".