لماذا تتعثر مشاريع المحافظات؟

معلومات صادمة عن حجم الإنجاز في مشاريع البنية التحتية ومشاريع الوزارات الرأسمالية في المحافظات كشف عنها رؤساء وأعضاء مجالس المحافظات؛ فنحن في الربع الأخير من العام في حين أن حجم الإنجاز في بعض المحافظات لا يتجاوز 12 %  من الحجم الكلي للمشاريع. العمل في مشروع الطريق الصحراوي يبدو معرضا للتوقف بعد دخول المقاولين فيما يسمى بمرحلة التباطؤ في العمل نتيجة عدم سداد مستحقاتهم منذ مطلع العام رغم أن المشروع ينفذ بقرض ومنحة من صندوق التنمية السعودي وينفذ من قبل تحالف شركات سعودية أردنية. 

اضافة اعلان

هذه المعلومات قد يربطها البعض بالعجز المالي الراهن الذي تعانيه الوزارات والمؤسسات الحكومية، ولكن هذا الأمر ليس دقيقا، فقد دفعتني هذه الوقائع للبحث عن المشاريع الرأسمالية التي شملتها الموازنات العامة للدولة في السنوات العشر الأخيرة في المحافظات؛ المفاجأة الثانية أن نسب الإنجاز في معظم السنوات لا تتجاوز 40% وهذا رقم متفائل، بمعنى آخر ان ثمة كذبا رسميا مارسته أجيال من الحكومات باسم التنمية في الوقت الذي تحرك بعض النخب كتابها وإعلامها لشيطنة المجتمعات المحلية وإنتاج فقه يشرق ويغرب في تلفيق قصص تخريب التنمية وتدميرها. 

عمليا؛ لا توجد مشاريع، وما ينجز يتم تدويره على سنوات طويلة أو يمنح تنيفذه لجهات غير مسؤولة وتنفذه بأسوأ المعايير أو لا يُشغل. هل لدى القطاعات المتعددة دراسات تقييمية مستقلة لمصير مشاريع مثل مشاريع جيوب الفقر في العقد الأخير والمصير الذي آلت إليه على سبيل المثال. أعطى امثلة: 12 مصنعا للألبان تم انشاؤها لم يشغل منها إلا مصنع واحد فقط، في بلدة مثل الرويشد التي تعاني ما تعانيه تم إنشاء مصنع ألبان ومزرعة للأبقار ومزرعة للدجاج لم يدخلهما لا بقرة ولا دجاجة ولم يتم تشغيلهما وكان مصيرهما الخراب. في بلدة الجفر انشئت محطة وقود كبيرة العام 2012 بأموال عامة إلى اليوم لم تدخلها نقطة محروقات ولم تشغل، في نفس البلدة تم إعادة ترميم وصيانة سجن الجفر التاريخي منذ سنوات بهدف تحويله إلى مركز للتدريب. رمم المبنى بالفعل لكن لم تر البلدة مركز التدريب. عشرات الأمثلة في مختلف أنحاء المملكة لمشاريع تنفذ ولم تشغل أو تنفذ جزئيا وتهمل أو تحسب على المجتمعات ولهذا لا يشعر الناس بآثار التنمية. 

الحكومة الحالية استشعرت بعض جوانب هذه المشكلة حينما كشفت مجالس المحافظات أن لا إنجازات على الأرض وأن المجالس التنفيذية لا حول ولا قوة بيدها، وذهبت إلى طلب تعديلات على قانون الإدارة العامة لمنح المؤسسات الحكومية المحلية المزيد من الصلاحيات.

علينا ان نعترف وبوضوح أن ثمة حلقات مفقودة في التخطيط والتنفيذ والمتابعة والتقييم لمشاريع التنمية وللمشاريع الرأسمالية في المجمل وتحديدا في المحافظات، فمن غير المعقول أن حجم الإنجاز في هذه المشاريع في محافظة الكرك لا تتجاوز 12 % وفي معان 14 % وفي عجلون وجرش لا تتجاوز 20 % ونحن على بعد شهرين من نهاية العام. 

ثمة تفسيرات متعددة لم حدث هذا العام بوجود مجالس المحافظات من بينها عدم وجود مخصصات بالفعل لهذه المشاريع رغم أن الحكومة خفضت مخصصات مشاريع اللامركزية أي المشاريع الرأسمالية التقليدية بنسبة 35% في بداية العام، أو تمنع المقاولين عن التنفيذ نظرا لعدم وفاء الحكومة بتسديد ديون سابقة أو أن بعض الوزراء قام بالسحب أو إجراء مناقلات من مخصصات هذه المشاريع ومنحها لتنفيذ مطالب أو رغبات لنواب أو متنفذين، على كل الأحوال المسألة ليست وليدة هذا العام بل عملية متراكمة من الفوضى وغياب حد معقول من المسؤولية وغياب نظم للمتابعة والمراقبة والتقييم.