لماذا يترك الأردن وحيدا؟

مع أن الأنباء تتحدث عن تأجيل الرئيس ترامب قراره بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، إلا أن البيت الأبيض أوضح أن قرار نقل السفارة نهائي وأن الرئيس أجل موعد تنفيذ هذا القرار فقط. وواضح أن التلويح بتنفيذ قرار نقل السفارة وقبل ذلك، رفض الإدارة الأميركية تجديد ترخيص مكتب المنظمة في واشنطن، وربط تجديده ببدء محادثات مباشرة بين السلطة وإسرائيل، إضافة إلى التسريبات حول صفقة القرن التي يحملها مبعوث ترامب للمنطقة والتي ملخصها الرجوع عن حل الدولة وكذلك الرجوع عن حل الدولتين وتقديم حل يمكن وصفه بحل اللادولة، أقول إن الهدف من هذه التحركات هو الضغط على السلطة الفلسطينية لبدء محادثات استسلام وتسليم وتوقيع اتفاقية إذعان وهزيمة بإعلان إغلاق للملف الفلسطيني ومصادرة حقوق الفلسطينيين.اضافة اعلان
في هذه الظروف يتصدى الأردن وحيداً لمشروع نقل السفارة، فقد حمل جلالة الملك إلى أميركا والعالم رسالة قوية في مواجهة نقل السفارة، وهذا التحرك الأردني هو دفاع عن دور الاردن ووصايته على المقدسات وعن مصالح حيوية وطنية أردنية، ولا يجب أن نخفي ذلك، فإن وصاية الأردن على المقدسات هي حماية حقيقية لها وهي شرف يليق بنضال الأردن والأردنيين من أجل دعم القضية الفلسطينية والسلطة الفلسطينية التي لا حول لها ولا قوة. كما أن هذا التحرك الأردني هو خدمة للعروبة والإسلام، والأردن بهذا التحرك السياسي لا يبحث عن دور سياسي – مع أنه ليس في ذلك غضاضة - بقدر ما يقوم بدوره الوطني العربي الإسلامي، مع أن التصدي لمشروع نقل السفارة يتعارض مع هدف مبعوثي صفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية، وهم للأسف الذين يقدمون دعماً مادياً واقتصادياً للأردن يحتاجه أكثر من أي وقت مضى، ولكن هذا لم يمنعه من الوقوف في مواجهة مشاريع نقل السفارة ما أمكنه ذلك، وتقديم خطاب يصف هذا العمل باعتباره كارثة في المنطقة.
والحقيقة أن الوصاية والسيادة الأردنية ليست فقط على المقدسات، بل إن كافة أراضي الضفة الغربية عند احتلالها  كانت أرضاً أردنية، وتحت سيادة دولة معترف بها دولياً، وبهذا فإن لها حصانةً  تمنع بموجبها دولة الاحتلال بموجب القوانين والمعاهدات الدولية المحتل من تغيير ملامح الأرض المحتلة أو تهجير سكانها، يضاف إلى ذلك أيضاً أن السيادة والوصاية القانونية للأردن على الضفة الغربية هي الرد القانوني والسياسي على مشاريع اليمين الإسرائيلي المأفون المتمثلة بمقولات (الخيار الأردني والوطن البديل). ولكن للأسف قاوم بعض العرب وصاية الأردن وسيادته على الضفة الغربية، لدرجة انك تشعر أن الاحتلال الصهيوني لبعضهم أفضل عندهم من السيادة الأردنية على الضفة الغربية، ولهذا ضغطوا في مؤتمر الرباط لفك الارتباط القانوني مع الضفة الغربية مسقطين بذلك أهم حماية قانونية للضفة الغربية من مستوطنات الصهيوني وابتلاعه للضفة الغربية، وهذا ما حصل!
نعيدها في الأردن ونقول: الاردن وطن عظيم، ولكنه ليس دولة عظمى، ومع ذلك فإنه يحاول جاهداً الدفاع عن المقدسات في ظل انقلاب المنطقة سياسياً واستراتيجياً وفي ظل الإفلاس السياسي للنظام العربي، والأردن اليوم هو آخر الدول المحترمة التي تقوم بهذا الدور، ولهذا فإنه يحتاج إلى موقف شعبي يشد من عضده السياسي، موقف على مستوى الشارع والمؤسسات الشعبية والعربية والإسلامية ترسل من أرض الواقع رفضاً شعبياً لمخططات ترامب وصحبه للاعتداء وتهويد المقدسات. لقد شددت رسالة جلالة الملك على أن نقل السفارة سيكون له تداعيات شعبية على الساحة الشعبية والعربية والسياسية وإن قرار نقل السفارة سيواجه بغضب شعبي وسيفجر المنطقة. فهل يتحرك الشارع الأردني والعربي لنصرة الاردن ووقف نحر القضية الفلسطينية؟!