لمرضى القلب: حبة دواء واحدة تكفي!

يحتاج المصابون بأمراض القلب والشرايين، لتناول مجموعة من الأدوية - (ارشيفية)
يحتاج المصابون بأمراض القلب والشرايين، لتناول مجموعة من الأدوية - (ارشيفية)

عمان- الالتزام بتناول الأدوية في مواعيدها وأوقاتها الصحيحة يعد من أهم الأعباء التي يواجهها المرضى، وخصوصاً من يعانون من أمراض القلب والشرايين المزمنة. وتتعدد اسباب عدم الالتزام بتناول الأدوية، أهمها كثرة الأدوية الواجب على المريض تناولها في اليوم وفي أوقات مختلفة على المدى البعيد، وما يترتب عليه من عدم قدرة المريض على تذكر تناول الدواء في وقته المحدد، بالإضافة لتعرض المريض لآثار الأدوية الجانبية، والعبء المادي المترتب على المريض عند شراء العديد من الأدوية بشكل دوري. اضافة اعلان
حالياً يعتبر عدم التزام المريض بتناول الأدوية أحد أهم الأخطاء الدوائية الشائعة، ويتسبب بتدهور الحالة الصحية للمريض وفشل الخطة العلاجية وحدوث المضاعفات والحاجة لدخول المستشفى.
ويحتاج المصابون بأمراض القلب والشرايين، لتناول مجموعة من الأدوية تشمل مميع الدم، ودواء خافض للكولسترول، وأدوية منظمة لدقات القلب، إلى جانب أدوية ارتفاع ضغط الدم بشكل يومي ومنتظم. حالياً يولي العاملون بالقطاع الصحي هؤلاء المرضى رعاية خاصة، حيث أن أمراض القلب والشرايين تعد إحدى المشاكل الرئيسية المؤدية إلى الموت المفاجئ حول العالم، وفي محاولة للتخفيف من معاناة هؤلاء المرضى وتشجيعهم على الالتزام في تناول أدويتهم وتحسين نوعية حياتهم، جاءت فكرة إعداد وتصنيع حبة دوائية واحدة تحتوي على ثلاث أدوية أو أكثر بجرعات ثابتة تسمى حبة متعددة الاستطبابات (Polypill). ستمكن هذه الحبة المريض من تناول أدويته المتعددة بحبة واحدة يسهل عليه تذكرها والتعامل معها، بما يعود نفعاً على تحسن حالته الصحية والتقليل من أخطار الإصابة بأمراض القلب والشرايين، كالذبحات الصدرية والجلطات وغيرها.
أول اقتراح لاستخدام حبة دوائية واحدة متعددة الاستطبابات للوقاية من أمراض القلب والشرايين قدم في نشرة لمنظمة الصحة العالمية بشأن الوقاية الثانوية من الأمراض غير السارية في عام 2001م. بعد عامين قدم عالمان دليلا علميا يؤكد فعالية هذه الحبة في الوقاية من أمراض القلب والشرايين، وقد اقترحوا استخدام حبة دوائية واحدة تحتوي على خمسة أدوية وهي: دواء خافض للكولسترول من نوع الستاتين (اتورفاستاتين 10ملغم أو سيمفايتاتين 40ملغم)، وأسبرين (50-125ملغم)، وحمض الفوليك 0.8ملغم، وثلاث أدوية خافضة للضغط من نوع مدر البول، ومثبط مستقبيلات بيتا، ومثبيط لانزيم الانجيوتنسين. وينصح باستخدام هذه الحبة لمن تجاوزوا عمر 55 سنة، أو أي شخص بالغ يعاني من السكري أو أمراض القلب والشرايين. حيث وجدوا أن استخدام هذه الأدوية مجتمعه في حبة واحدة عمل على تخفيض نسبة حدوث الجلطات القلبية بنسبة 88 %، وقلل من نسبة الإصابة بالسكتة بمقدار 80%.  
في تقرير نشر في شهر سبتمبر من عام 2014م، وجد أن أكثر من نصف المرضى الذين يعالجون بثلاثة أدوية مركبة في حبة واحدة للوقاية من أمراض القلب التزموا بعلاجهم بعد تسعة أشهر من بدأ العلاج، مقابل 41 % من المرضى الذين كان عليهم أخذ هذه الأدوية بشكل منفصل، مما يدل على أن الحبة المركبة قد سهّلت على المرضى الالتزام بتناول الدواء وانعكس ذلك على رفع مستوى العناية والرعاية المقدمة للمرضى.
فوائد الحبة الدوائية متعددة الاستطبابات:
1 - سهولة التزام المرضى بالعلاج، حيث أن التزام المرضى بتناول حبة دوائية واحدة أفضل من التزامهم بتناول عدة أدوية يومياً.
2 - استخدام حبة دوائية واحدة تحوي أدوية متعددة يحسن من النتائج العلاجية ويحقق الأهداف المرجوة من الخطة العلاجية.
3 - الحبة الدوائية المركبة سهلة الصرف والتعامل من قبل المريض والطبيب.
4 - استخدام أدوية متعددة في حبة واحدة يحسن من فعاليتها العلاجية ويقلل من الآثار الجانبية لها.
5 - تقليل التكلفية المادية والاقتصادية لتصنيع وشراء الأدوية، حيث أن القيمة الشرائية لحبة دوائية مركبة تعتبر أقل من القيمة الشرائية لكل دواء على حدا.
6 - تقليل الحاجة لزيارة الطبيب وعمل التحاليل والفحوصات الطبية.
سلبيات استخدام الحبة الدوائية متعددة الاستطبابات: على الرغم من فوائد الحبة الدوائية المركبة إلا أن لها بعض السلبيات الواجب ذكرها وهي:
1 - ليس بالإمكان حتى الآن وصف عمل هذه الحبة بالمثالية التي يعمل بها كل دواء مكون لها بشكلٍ منفرد، حيث وجدت بعض الدراسات أن بعض هذه الأدوية عند وضعها بحبة مركبة تعطي نتيجة أقل من النتيجة المتوقعة منها، كما أن الأعراض الجانبية للأدوية قد تؤدي إلى عدم التزام المرضى بالعلاج.
2 - لا يوجد دليل علمي كافي يؤكد فعالية الحبة الدوائية المركبة لمن هم تحت سن 55 عاماً.
3 - هناك مخاوف من أن اعتماد المرضى علي تناول الحبة المركبة قد يؤدي إلى تهاونهم في الالتزام بأداء التمارين الرياضية وإتباع نظام الحياة الصحي والتي تعد عامل أساسي للتقليل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب؛ وذلك كاعتقاد أن الحبة الدوائية المركبة تغني عن اتباع أساليب الحياة الصحية.
4 - لا يعتبر استخدام الحبة الدوائية المركبة علاجاً مثالياً لدى المرضى الذين لديهم عامل خطورة عالي جداً، والأفضل أن يتم معالجة هؤلاء المرضى كلٌ حسب حالته.
5 - يواجه الأطباء صعوبة في التحكم وتعديل جرعة كل دواء موجود داخل الحبة الدوائية المركبة، حيث يتم تصنيع الحبة بجرعات ثابتة من كل دواء وبالتالي لا يمكن التحكم بالجرعات بما يتناسب مع كل مريض وحالته المرضية.
6 - يجب مراعاة عدم وجود تفاعل دوائي- دوائي بين الأدوية عند وضعها مجتمعة في حبة دوائية واحدة.
7 - ما زال هناك مشكلة في تقبل المرضى لأخذ هذه الحبة لمنع حدوث الأمراض.
اليوم وبعد أكثر من عقدٍ كامل من تصنيع الحبة الدوائية المركبة أو متعددة الاستطبابات وعلى الرغم من التحديات التي واجهتها، إلا أن البيانات الموجودة تؤكد أن استخدام حبة واحدة تحوي أدوية متعددة هو حل مناسب للوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية، وهو مفضل من قبل كل من المرضى والأطباء، كما أن المؤسسة العامة للغذاء والدواء الأمريكية قد وافقت على العديد من التركيبات الدوائية التي تحتوي على أدوية خافضة للضغط وأدوية خافضة للدهون بعد التأكد من أن الأدوية الموجودة بهذه التركيبات تعمل كما هو متوقع منها كما بينت الدراسات الدوائية الفيزيائية والحركية، وهذا جعل الـمؤسسة العامة للغذاء والدواء الأمريكية تثني على استخدامها في شهر سبتمبر من العام الماضي وعلى نتائج استخدامها.

إعداد: هبه "عمر فاروق" الخياط/ دكتور صيدلة
إشراف: د. زينب يحيى الصبح
قسم الصيدلة السريرية
حملة "دكتور صيدلة نحو رعاية صيدلانية مثلى"
جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية
[email protected]