لمصلحة من التدخل في سورية؟

سوري يضع قناعا للوقاية من الأسلحة الكيميائية - (ا ف ب)
سوري يضع قناعا للوقاية من الأسلحة الكيميائية - (ا ف ب)

إسرائيل هيوم

رؤوبين باركو
28/4/2013
يحرصون في العالم الإسلامي على الذبح الحلال. والغاية من ذلك منع الذبح الحرام. وبإزاء الذبح المستمر في سورية والذي قُتل فيها الى الآن عشرات الآلاف من المدنيين، بدأ الاميركيون ايضا التدخل بأحكام في شرائع الذبح ويضعون علامات عليه.اضافة اعلان
يبدو ان آلاف الوفيات الغريبة حيث يُقتل آلاف المواطنين لا تعتبر في الغرب "حراماً" بل "ذبح حلال". إن مسألة استعمال السلاح الكيميائي فقط هي التي تخط "الخط الاحمر" أو "تغيير قواعد اللعب"، كما قال اوباما، وهي التي ستبت أمر هل يتدخل الغرب لوقف المجزرة.
على حسب تصريحات اوباما ورئيس الوزراء البريطاني كامرون، تُثار في الآونة الاخيرة تعبيرات "شهادات على استعمال جزئي ضيق" لسلاح كيميائي أو "شهادات محدودة" على هذا السلاح، بصفة تعبيرات تذاكي تتعلق بتدخل مباشر لمواجهة النظام في سورية، ويتبين ان للخطوط الحمراء خصائص مطاطة.
يصعب على اوباما ان يبت الأمر في المنطقة الموجودة في "حرب باردة" أخذت تزداد سخونة. إن الكوريين الشماليين يهددون الولايات المتحدة مباشرة وينوون إعدام سائح اميركي. وتحول العراق "المحرر" الى ميدان قتل بين الشيعة والسنيين برعاية ايران. ويتابع الايرانيون تخصيب اليورانيوم ويستخفون بالغرب بعد ان لم تسبب العقوبات إجهاض الجنين المخيف للقنبلة الذرية الايرانية. وسورية تنتفض عُراها. أما لبنان الذي يبيع النظام السوري مقاتلين من حزب الله فيستعد لحرب أهلية طائفية تنتشر نحوه كاشتعال النار في الهشيم.
وتراقب اوروبا وتركيا والدول العربية السنية واسرائيل في خوف اوباما الذي يتحدث عن "وحدة سورية" وعن "تسوية بالطرق السلمية" في حين ينشئ تحالفا اقليميا على ايران وعلى نظام الأسد، وهو مُحتاج لإعادة الردع الى ضرب جهة ما: أكوريا؟ أم ايران؟ أم سورية؟ لأنه يجب احيانا ضرب كلب الشيخ لردع الشيخ نفسه.
اوباما متردد والروس يشوشون لأن الجيد للاميركيين سيئ لهم. وقد أوضح نائب وزير الخارجية الروسي بوغدانوف أن بلده يعارض تدخل الغرب في سورية بحجة استعمال الغاز مُذكرا بالهجوم على العراق بدعوى كاذبة عن وجود سلاح كيميائي في حوزة صدام. وتابعه وزير الاعلام السوري الزعبي الذي أنكر التهمة واتهم تركيا والثوار بأنهم مُحدثو فرية الغاز.
اسرائيل ايضا في معضلة لأنه اذا بقي النظام السوري فسيبقى هدوء نسبي بسبب جهود اعادة البناء المتوقعة واستمرار الصراع الداخلي في الدولة. واذا حل الإسلاميون محل الأسد (وهذا نتيجة ممكنة للتدخل الاميركي المباشر)، ستتغير خصائص المواجهة في الجبهة السورية من مواجهة عسكرية الى مواجهة لمنظمات لا ترحم.
إن اعادة تشكيل الرؤيا الاستراتيجية المرغوب فيها لاسرائيل يفترض ان تكون شأنا سياسيا خالصا. ويجب على المستويات الاستخبارية ان تساعد سرا بمعطياتها وتوصياتها. يبدو ان تحليلا غير جدي للواقع يشير الى أن الوضع الذي تفضله اسرائيل هو وضع استنزاف متبادل وعدم حسم بين النظام السوري و"الجيش السوري الحر" المؤلف من المنظمات الإسلامية المؤيدة للقاعدة وجبهة النُصرة.
وعلى ذلك فإن رواية الجهات الاستخبارية في الجيش الاسرائيلي المناقضة لموقف الاميركيين، ستحث على إسقاط النظام وتسويد الإسلاميين في سورية بتدخل غربي كما يتضمن شرط اوباما. إن هذه الصيغة الأخلاقية المعلنة على ألسنة أولاد محرقة اليهود موجهة الى الشعب السوري المعادي تعمل بغير المصلحة الإسرائيلية.