لم يجدوا أهداف "داعش" فقتلوا عشرات المواطنين الأبرياء

قرية الباروز التي تعرضت لهجمات جوية أميركية راح ضحيتها 64 امرأة وطفلا العام 2019 - (صورة جوية)
قرية الباروز التي تعرضت لهجمات جوية أميركية راح ضحيتها 64 امرأة وطفلا العام 2019 - (صورة جوية)
هآرتس بقلم: ديب فيليبس واريك شميت 15/11/2021 الجيش الاميركي أخفى هجمات جوية في سورية التي قتل فيها 64 امرأة وطفلا. هذا ما نشرته السبت الماضي صحيفة "نيويورك تايمز". حسب التقرير الهجمات نفذت في 2019 قرب بلدة الباروز بناء على طلب وحدة اميركية سرية للعمليات الخاصة والتي نفذت عمليات برية في سورية اثناء الحرب ضد تنظيم "داعش". هذا حدث في الايام الاخيرة للحرب ضد "داعش". طائرة مسيرة للجيش الاميركي حلقت في 18 آذار (مارس) 2019 عاليا فوق منطقة ترابية قرب الباروز في شرق سورية، احد المعاقل الاخيرة لـ"داعش" المسيرة بحثت عن اهداف عسكرية، لكنها شخصت فقط جمهور واسع من النساء والاطفال الذين تجمعوا على ضفة نهر الفرات. ولكن في حينه ظهرت طائرة حربية اميركية من نوع اف15 والقت قنبلة بوزن 227 كغم على تجمع النساء والاطفال. عندما انقشع الدخان هرب بعض الاشخاص من المنطقة بحثا عن ملجأ. ولكن طائرة حربية كانت تراقبهم ألقت قنبلة اخرى بوزن 907 كغم وقتلت معظم الناجين. في غرفة عمليات الجيش الاميركي في القاعدة الجوية في قطر فان رجال الجيش الذين كانوا يشاهدون الصور التي بثتها الطائرة المسيرة كانوا قلقين. من أنزل هذا؟، كتب احد رجال الجيش في جهاز الدردشة الداخلية وآخر رد عليه "في هذه الاثناء اسقطنا 50 امرأة وطفل". حسب صحيفة "نيويورك تايمز" فان الجيش الاميركي لم يقم بإجراء في أي يوم تحقيق داخلي في الهجمات الجوية في سورية في 2019، رغم أن مستشار قانوني في سلاح الجو الاميركي، الذي حضر في مركز العمليات اثناء الهجوم، اعتقد أنه من المحتمل أن تكون قد ارتكبت جرائم حرب. حسب تقرير "نيويورك تايمز" فان قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الاميركي والتي اشرفت على العمليات الجوية للولايات المتحدة في سورية اعترفت للمرة الاولى في الاسبوع الماضي بالهجمات. في القيادة قالوا إن الهجمات كانت "مبررة استنادا الى الدفاع عن النفس" ومتزنة. ايضا "تم اتخاذ خطوات من اجل منع تواجد مدنيين" في منطقة الهجوم. في البيان الذي نشرته أول من أمس قيادة المنطقة الوسطى للولايات المتحدة ورد أن 80 شخصا قتلوا في هجومين في سورية في 2019، من بينهم 16 مقاتلا من "داعش" و4 مدنيين. وحسب الجيش فانه من غير الواضح اذا كان القتلى الآخرون هم من المدنيين لأن هناك نساء واطفالا ايضا شاركوا في القتال. في الجيش الاميركي قالوا ايضا إنهم "يشمئزون من فقدان حياة ابرياء ويتخذون جميع الوسائل الممكنة لمنع ذلك. في هذه الحالة نحن ابلغنا بأنفسنا وحققنا في الهجوم حسب الدلائل التي في ايدينا ونتحمل المسؤولية الكاملة عن فقدان حياة غير متعمد". الهجمات الجوية حدثت في الوقت الذي كانت فيه " قوات سورية الديمقراطية" (اس.دي.اف) واقعة تحت نار شديدة ومعرضة للخطر من جانب مقاتلي "داعش". في الجيش الاميركي قالوا إن " قوات سورية الديمقراطية" ابلغوهم بأنه لا يوجد مدنيون في المنطقة. المفتش العام في وزارة الدفاع الاميركية فتح تحقيقا في الحادث في 2019، لكن حسب صحيفة "نيويورك تايمز" في تقريره لا يوجد أي ذكر لعمليات القصف القاتلة، وعمليا لم يتم في أي وقت اجراء تحقيق جذري وذاتي من قبل الجيش أو الادارة بشكل عام. صحيفة "نيويورك تايمز" استندت في تقريرها على وثائق سرية وصلت اليها وعلى ما وصفته تقارير سرية، ايضا استندت على مقابلات مع اشخاص كانوا مشاركين مباشرة في الهجوم. "القيادة كان يبدو أنها مستعدة لاخفاء ذلك. لم يرغب أي أحد في الانشغال بذلك"، قال جين تايت الذي عمل على هذه الواقعة من قبل مكتب المفتش العام في وزارة الدفاع، ووافق على الحديث عن التفاصيل غير السرية فيها. "عندما يرغب الناس في عمل ما هو صحيح، لكن لا يكون احد في مركز القيادة يريد أن يسمع عن ذلك فان هذا يجعلك تفقد الثقة بالمنظومة". تايت، الذي كان في السابق ضابطا في سلاح البحرية الاميركي وعمل طوال سنوات كمحلل مدني في وكالة الاستخبارات وفي المركز الوطني لمحاربة الارهاب قبل انتقاله الى مكتب المفتش العام، قال إنه انتقد غياب العمل في هذا الموضوع. في نهاية المطاف ترك وظيفته في المكتب. حسب الصحيفة فان المستشار القانوني لسلاح الجو الاميركي، الكولونيل دين واو كورسكي، الذي قال إن الهجمات تشكل جرائم حرب محتملة حذر من ذلك امام المفتش العام لوزارة الدفاع. بعد سنتين على الهجوم وعندما لاحظ كورسكي بأنه لم يتم اتخاذ أي شيء حول الموضوع ارسل رسالة الكترونية الى لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ كتب فيها: "أنا اعرض نفسي لخطر كبير من عمل انتقامي عسكري"، هذا بسبب ارسالي هذه الشكوى للجنة. "شخصيات رفيعة في الجيش الاميركي اخفت بشكل متعمد ومنهجي الهجوم"، كتب كورسكي في الرسالة الالكترونية، التي وصل مضمونها الى صحيفة "نيويورك تايمز". وقد كتب ايضا بأنه تم ادخال الى يوميات الهجمات تسجيلات كاذبة، "بصورة من الواضح أنها هدفت الى اخفاء الاحداث". وقد اعتبر عدد القتلى "مرتفع بدرجة مخيفة" وقال إن الجيش لم يعمل حسب ما يقتضيه الابلاغ والتحقيق في الهجمات. هجوم قاتل الباروز كان فعليا هو المعقل الاخير لـ"داعش" في سورية . خلال اكثر من شهر كان مقاتلو "داعش" محاصرين في كيلومتر مربع واحد من حقول مزرعة محروقة، بين خيام مرتجلة وسيارات مثقبة بالرصاص وتحصينات حفرت بأيديهم، كان هناك عشرات آلاف النساء والاطفال، بعضهم كانوا هناك بإرادتهم وبعضهم بغير ارادتهم. الحصار فرض على مقاتلي "داعش" بهدف تجويعهم. خلال ستة اسابيع استسلم 29 ألف شخص، معظمهم من النساء والاطفال. مسيرات الجيش الاميركي مسحت معسكر التنظيم 24 ساعة ولمدة اسابيع. حسب ضباط فانهم عرفوا تقريبا كل ما يحدث في المعسكر، بما في ذلك التحركات اليومية لمجموعات النساء والاطفال الذين تجمعوا للاكل والصلاة والنوم قرب ضفة النهر. طاقم البحث في الصحيفة استعرض مئات الصور والافلام القصيرة وتوثيق الاقمار الصناعية للمعسكر الذي يقع في الباروز. في الصورة التي صورت قبل يوم من الهجوم تظهر عدة خيام مرتجلة في النقطة التي اصابها الهجوم. ما حدث في 18 آذار كان أمرا مختلفا عليه في ذاك اليوم، عند الفجر، بدأ مقاتلو "داعش" الذين بقوا في المعسكر هجوما مضادا على رجال الجيش الاميركي. وحسب الجيش فان مقاتلي "داعش" اطلقوا النار عليهم وألقوا قنابل وارسلوا انتحاريين الى الجبهة. الاميركيون ردوا بهجمات جوية مكثفة الى أن نفد مخزون الصواريخ الموجود في ايدي رجال "داعش" في الصباح. في الساعة العاشرة صباحا ابلغت قوات سورية الديمقراطية بأنهم يتعرضون للنيران وللخطر وطلبوا أن نهاجم من الجو، هذا حسب الجيش الاميركي. مسيرة من المسيرات لاحقت مجموعة من المقاتلين التي مرت عبر المخيم الذي كان فيه نساء واطفال. المسيرة حلقت فوقهم ونقلت ببث مباشر صور بجودة عالية من الميدان الى مركز المراقبة في قطر. ولأن قوة المهمة عملت بمستوى سرية كبير، قال الضباط للصحيفة الاميركية، فان رجال الجيش في قطر الذين شاهدوا الصور التي وصلت من المسيرة لم يكونوا يدركوا أن قوة المهمة كانت تنوي استدعاء الهجوم الجوي. وصف قيادة الجيش لما حدث على الارض يتناقض مع التوثيق من الطائرة المسيرة، هذا ما قاله ثلاثة اشخاص شاهدوا الصور. شخصان أو ثلاثة اشخاص وليس 16 شخصا كانوا يتجولون قرب التجمع. لقد كانوا يحملون بنادق، لكن لم يكن يبدو أن اعمالهم بررت هجوما جويا قاتلا. مصدران شاهدا منظومة المحادثة الداخلية قالا إن رجال الجيش كتبوا بأنهم لاحظوا نساء واطفالا وشخصا يحمل السلاح، لكنهم لم يذكروا أي نشاطات حربية. ضابط في وحدة القوات الخاصة أمر بفتح النار. وحسب الجيش الاميركي فان القائد في الميدان استدعى القصف من الجو. يوميات الهجوم في ذاك اليوم اخفت الحادث كحماية ذاتية. من بين القتلى في الهجوم كان 64 امرأة وطفلا، الذين في نفس اللحظة لم يكونوا يعملون بأي نشاط أو بهجوم ضد اهداف قوات سورية الديمقراطية.اضافة اعلان