لوبي نيابي لإعادة إحياء الصوت الواحد بانتظار "ضوء أخضر" من مراكز مؤثرة

يبدو واضحا وجود فريق نيابي، يعمل لإعادة إنتاج الصوت الواحد في قانون الانتخاب، وهذا الفريق يعقد لقاءات دورية منظمة في منازل نواب، لمناقشة هذا التوجه، واستقطاب أكبر عدد ممكن من النواب لتأييده، وإقناعهم به، بما يخلق قوة ضغط معه، وضد أي توجه آخر يدعو لعكسه.اضافة اعلان
"فريق الضغط" هذا، عقد ما يقرب من أربعة اجتماعات متتالية، ويستعد لعقد اجتماع آخر في منزل أحد نواب عمان، وهدف هذه الاجتماعات واحد، وهو خلق "لوبي" نيابي، يسوق لدى أغلبية نيابية للعودة لقانون الصوت الواحد، باعتباره المخرج الحقيقي لكل ما يحدث.
هؤلاء يعتقدون أنهم يملكون ناصية الحقيقة دوما، وأنهم أكثر حرصا على الدولة والحكم والشعب من أي جهة كانت، ويقدمون أنفسهم ناصحين وأوصياء.
ولا يؤيد "فريق الضغط" هذا ما جاء في مشروع قانون الانتخاب الحالي، الموجود لدى اللجنة القانونية، والمتضمن صوتين للناخب، وآخر للقائمة، وبالمجمل فهؤلاء ضد تحسين مشروع القانون، بما فيه امكانية منح الناخب 3 أصوات مثلا.
ولتحقيق هذا المأرب، وخلق اللوبي النيابي، تجري دعوة النواب لحضور تلك الاجتماعات بشكل فردي، ويجري الضغط عليهم، من خلال الاستعانة بكل ما من شأنه تعزيز الخوف لديهم مما هو قادم، حيث يمكن أن تتم الاستعانة، مثلا، بـ "بعبع" الإسلاميين، لتحقيق المراد، ويمكن الاستعانة بـ "فزاعات" أخرى، بما يتوافق مع نائب مستقطب، وكل بحسب موقفه وما يمثل، وما ينفع معه من "فزاعات".
ما يثير الاستغراب هو أن مجموعة النواب، التي تعمل على خلق "مجموعة الضغط" تلك، تتصرف دون معرفة حقيقية بالأنظمة الانتخابية، ودون قراءة متأنية معمقة وغير مسطحة لما يجري في أردننا وفي الإقليم، وأفراد هذه المجموعة يطرحون أنفسهم كساسة مُعتقين!!، ورجال دولة من طراز رفيع!!، وبالتالي، فإنهم يعتقدون بأن الباطل "لا يأتيهم من بين أيديهم ولا من خلفهم".
ثمة محاذير وقلق من أن ينجح مسعى هؤلاء النواب. فالصوت الواحد وصفة لدفن أي تطور إصلاحي منشود، ومن شأنه تعميق التأزيم، وتعقيد الأمور، لا حلحلتها.
أيها السادة، وصفتكم تلك تعني بقاء الأمور كما هي عليه، إذا، ما معنى الذهاب إلى صناديق الاقتراع، دون رؤية جديدة لقانون الانتخاب؟!! والإبقاء على الرؤية السابقة (الصوت الواحد)، والتي لم يعد خافيا أن الهدف منها كان إقصاء الآخر، حيث نتج عنها لاحقا تفتيت البلاد والعباد والوطن إلى عشائر وحمائل وقبائل، ونحن الذين كنا نطمح لانجاز، دولة مدنية عصرية، نباهي بها الديمقراطيات الناشئة، دولة أساسها القانون وعمادها المواطنة، وهذا لا يحصل ونحن مصرون على اجترار نفس الحلول السابقة، ونعيد إنتاج منتجنا القديم، ولذات الأهداف.
ما الذي يفيدنا لو ذهبنا آخر العام إلى الانتخابات المبكرة، فيما القوى الموجودة في الشارع اليوم قد قاطعت الانتخابات، وأصرت على موقفها، بسبب الصوت الواحد، وقتها سيكون عمر المجلس المقبل أقل من عمر هذا المجلس؟!
دعونا لا نذهب بالبلاد إلى مزيد من تأزيم، ولنقتنع بأهمية إنتاج قانون انتخاب، يحقق حدا معقولا من المشاركة، قانون غير مفصل على مقاس هذا الفريق أو ذاك، وليفصل على مقاس الوطن، الذي يتسع للجميع مهما اختلفت مشاربهم وأفكارهم وآراؤهم ومواقفهم.
ما أتمناه أن لا ينجح "فريق الضغط" في خلق اللوبي الذي يخطط له، وأطمح أن "تفرمل" مجموعات ضغط أخرى هذا التوجه، والبحث عن الوسائل السياسية والتشريعية، التي تمكن من نقل المتواجدين في الشارع إلى قبة البرلمان، ولا يتم ذلك إلا بالتوافق على قانون عصري، وقتها ليقاطع من يريد أن يقاطع، ولكن ليس له الحق عندها مهاجمة المجلس المقبل، أو أن يقول إنه مزور أو مبتور، لأن المجلس المقبل سيكون قد خرج من رحم قانون انتخاب توافقي.
أن يصر البعض على أسرنا وحبسنا في دائرة الصوت الواحد، تحت يافطة الخوف من الإسلامييين، فتلك فزاعة واهية، أصلها البحث عن مصالح ضيقة، فمن لا يستطيع اقناع الناس والناخبين به، فمن الأفضل له أن لا يعود للبرلمان المقبل، فنحن لا نريد قانونا يفصل على مقاس نواب حاليين، دون الالتفات إلى مقاس الوطن.
مؤخرا، بدأت أصوات تتحدث عن خيارات بديلة لتوافقات نيابية لقانون الانتخاب، يمكن أن تختلف عما يقدمه البعض، أبرزها منح الناخب حق انتخاب 3 مرشحين، بمعنى 3 أصوات لكل ناخب، مع إلغاء فكرة القائمة الوطنية، وهذا مقترح إيجابي، رغم أن الحفاظ على فكرة القائمة، من شأنه نقلنا من مرحلة العمل الفردي إلى العمل الجماعي.
ربما يكون خيار 3 أصوات بدون قائمة مناسب لإنقاذ الانتخابات المقبلة، ووضع حد لقوى شد عكسي، تعمل بقوة لإعادتنا لمربع الصوت الواحد، وخيار الـ 3 أصوات يمكن البناء عليه مستقبلا وتطويره.