لو كان في الأردن!

مثلما يوجد في بلادنا كراسٍ للمصلين للفئة العمرية من 50 - 100، يوجد في أستراليا بطولة للسباحة للفئة العمرية من 100 - 104.
فقد حطم سباح أسترالي سيتم 100 عام من عمره الشهر القادم الرقم القياسي في مسابقة 100 متر سباحة لتلك الفئة العمرية، بينما قد يعجز عواجيزنا عن تحطيم هذا الرقم على أجهزة الضغط والسكري!  اضافة اعلان
100 عام وما يزال يمارس رياضة السباحة، ونحن من أتم 60 أصبح يتيمم للصلاة بسبب وجع المفاصل وعدم قدرته على الوقوف.
100 عام وما يزال لديه القدرة على القفز والسباحة، ونحن بعد الـ 60 نعتذر عن عدم حضور أي مناسبة أن كانت ستقام في مكان عليه درج!
100 عام وما يزال لديه طموح بتحطيم الأرقام القياسية، ونحن بعد الـ 60 نستعد لحسن الختام ونضع في الجوامع كولر ماء كصدقة جارية عنّا!
يقول الرياضي العجوز: إنه كان سباحا قويا في شبابه وتوقف عن السباحة في بداية الحرب العالمية الثانية ومن ثم عاد لممارستها في عمر 80، بينما في بلادنا من يتوقف عن تناول الأدوية ليوم واحد يعود محمولا على الأكتاف الى المقبرة!
ويضيف أنه يسبح ثلاث مرات في الأسبوع ويمارس أيضا التدريبات الرياضية، وصديق عزيز ذبح خاروفا ابتهاجا أن والده السبعيني مشى لعشرة أمتار دون مساعدة العكازة!
لو كان هذا الأسترالي في الأردن، لمارس في مثل هذا العمر رياضة الحبي وليس السباحة، ولكان الرقم القياسي الوحيد الذي حطمه هو في عدد شبكيات القلب.
استطاع أن يسبح في مثل هذا العمر بسبب هداة البال، فهو لم يبع وطاة في أطراف سيدني لتعليم أولاده ومن ثم لا يجد لهم وظائف حتى  في الدرك، وهو لم يقترض من البنك  لتزويج أحد أبنائه على أمل أن يسدد النقوط ثمن الغداء فجامله أكثر الحضور بالله يخلف عليك فأصبح مهددا بالسجن، وهو لم يأكل منسفا في حياته وإلا كان ملفه الطبي الآن أكبر من ملف أيران النووي ولما استطاع أن يقود السيارة وليس الفوز ببطولة! 
يسبح بكل هذه الحيوية، لأنه لا يشعل لمبتين في بلده فتأتيه فاتورة الكهرباء وكأنه أشعل مفاعلا نوويا، ولا يعبئ البنزين كما لو تم استخراجه من بطن الحوت وليس من باطن الأرض، ولا يشتري كيلو اللحمة كما لو كان الجدي خريج هارفارد، ولا يفغم بندورة نسبة الهرمونات فيها أكبر من نسبة النجاح في التوجيهي!
100 عام وكله صحة ونشاط، لأنه لا ينتظر الخروج من عنق الزجاجة، ولم يتقاعد من الضمان الاجتماعي براتب لا يكفيه كازا للصوبة.
من هم بمثل منتصف عمره في بلادنا، لا يستطيع أن يقطع الشارع وليس أن يقطع مسبحا، فعدد الأدوية المصروفة له أكثر من أعضاء مجلس الأمن الدولي بسبب ما نرى ونسمع في بلادنا.
إن نجح هذا العجوز الأسترالي بتحطيم الرقم القياسي في السباحة، فهناك عجوز ياباني نجح في تسلق الجبال، وهناك عجوز بريطاني نجح في الملاكمة، وهناك عجوز سنغافوري نجح في القفز عن الحواجز، بينما حتى الآن لم ينجح أي عجوز أردني حتى بالصلاة دون الجلوس على كرسي.
هو يسبح بمثل هذا العمر لأن كل شيء لديهم صالح للعيشة، ونحن بعد الجامعة نبدأ التسبيح حتى ربنا يخلصنا من هالعيشة!