"مأزق" الانتخابات النيابية!

أثار استطلاع للرأي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية- الجامعة الأردنية، حول “تقييم أداء حكومة عمر الرزاز بعد عامين على تشكيلها”، أُعلنت نتائجه يوم الأربعاء الماضي، نقطة في غاية الأهمية، تتمحور حول نسبة المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، على صانع القرار والجهات المعنية، أخذها على محمل الجد.اضافة اعلان
النقطة المهمة، تتمثل بعدم ثقة الشعب الأردني بالحياة البرلمانية، والتي تُمثل بمعنى ثان الحياة الديمقراطية بمجملها.. ما يؤكد هذا الطرح هو نتائج الاستطلاع الذي أظهر أن 50 بالمائة من الأردنيين أكدوا عدم مشاركتهم بالانتخابات النيابية المقبلة، في حال تم إجراؤها سواء العام الحالي أو حتى العام المقبل.
النسبة ليست بقليلة، فهي تتكلم عن نصف الشعب الأردني، وإن أي شخص تابع نتائج ذلك الاستطلاع، يستطيع أن يخرج بنتيجة واحدة، مفادها أن النسبة أكثر من ذلك، لا بل وبكثير، وقد تصل إلى نحو 70 بالمائة.
ما يؤيد هذا الاستنتاج هو أن الاستطلاع كشف عن أن 30 بالمائة من الأردنيين فقط، أكدوا مشاركتهم في تلك الانتخابات، بينما كان هناك نسبة 12 بالمائة قالوا “إنهم على الأرجح سيشاركون في الانتخابات”.. ما يعني أن جزءا من هذه النسبة قد يلجأ إلى عدم المشاركة.
ومن ناحية ثانية، أغفلت نتائج الاستطلاع نسبة 8 بالمائة من الأردنيين، لم تذكر عنهم أي شيء فيما يتعلق بالمشاركة في الانتخابات أم لا!.
إن ذلك يعني أن النسبة التي لن تشارك في الانتخابات، تبلغ أكثر من النصف، هذا بالنظر إلى نتائج الاستطلاع.. وإذا ما تم النظر إلى النسب “الخجولة” لمشاركة المواطنين في مراكز الثقل السكاني، في الانتخابات البرلمانية السابقة، فإن النسبة ستتجاوز حتمًا الـ70 بالمائة، الأمر الذي يشير إلى أن حوالي ثلثي الأردنيين لن ينتخبوا.
أصبح من الأمور الاعتيادية في الأردن، أن تكون نسب مشاركة المواطنين، الذين يقطنون في مراكز الثقل السكاني، ضئيلة أو قليلة، وما يدل على ذلك أن نسبة المشاركة في الانتخابات النيابية الماضية في عمان التي يبلغ تعداد سكانها نحو 4.1 مليون نسمة بلغت 23.1 بالمائة، فيما بلغت بمحافظة إربد، البالغ عدد سكانها ما يقرب من الـ1.8 مليون نسمة، 42.6 بالمائة، في حين كانت بمحافظة الزرقاء، التي يبلغ تعداد سكانها حوالي مليون نسمة، 25 بالمائة.
كل ذلك، يضع الجهات المعنية أمام “مأزق” يتعلق برفع نسبة المشاركة في الانتخابات المقبلة، وخصوصًا أننا مقبلون على أكثر من ملف مهم، فالأردن أمام مواجهة قرار “الضم”، الذي تعتزم إسرائيل تنفيذه، والملف الثاني يتمثل بالوضع الاقتصادي، وما يرافقه من ركود ومن بعده انكماش.
كل ذلك، يُوجب عليها؛ أي الجهات المعنية، أن تعد العدة وتشحذ الهمم والقيام بأعمال جبارة وجهود مضنية، في سبيل إقناع الشعب الأردني، الذي بات مقتنعا فقط بمؤسسات القضاء والجيش والأجهزة الأمنية، كي يشارك في الانتخابات النيابية، أيًا كان موعد إجراؤها، هذا من ناحية.
ومن ناحية ثانية، على الجهات المعنية أن تردم أو تقلص فجوة “عدم الثقة بالانتخابات ونظامها”؛ إذ يتوجب عليها إيصال الأردنيين إلى مرحلة اليقين بأن الانتخابات ستكون نزيهة وشفافة وعادلة.. وهنا مربط الفرس!.
صحيح بأن ما يهم الشعب الأردني في هذه الأيام وتلك المقبلة، هو الوضع الاقتصادي والأوضاع المعيشة، والتي تشير الاستطلاعات إلى أنها ستكون الأسوأ في قادم الأيام، بالإضافة إلى الفساد ومحاربته جنبًا إلى جنب مع التهرب الضريبي… لكن ذلك لا يعني الركون إلى ذلك، فحياة ديمقراطية تقوم على أسس سليمة صحيحة، كفيلة بالقضاء على تلك السلبيات، وبالتالي تلقائيًا سيكون جل الشعب أمام صناديق الاقتراع، عازمًا على المشاركة.