مؤشر أداء حكومة النسور الاقتصادي: تباين في النجاحات والإخفاقات

رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور -(ارشيفية)
رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور -(ارشيفية)

سماح بيبرس ورهام زيدان وهبة العيساوي ورداد ثلجي القرالة ورجاء سيف وعمران الشواربة

عمان- تدخل حكومة رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور عامها الرابع، وسط اداء متفاوت فيما تظهره المؤشرات الاقتصادية الأساسية، تحمل في طياتها اخفاقات بمعالجة بعض الملفات الاقتصادية وجرأة في اتخاذ القرارات التي مثلت زيادة في الأسعار في اطار تنفيذها لبرنامج الاصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي والذي انتهى في اب (أغسطس) الماضي.
وترصد "الغد" في هذا الملف اراء خبراء ماليين واقتصاديين في جوانب مالية ونقدية سطرت في معظمها حالة من عدم الرضى وان كان ملف المديونية يعتبر الأثقل على الاجيال المقبلة جراء وصوله مستويات خطرة، رغم تزامنه مع العديد من الاجراءات التي نفذتها الحكومة وجلبت من خلالها الايرادات للخزينة.
فمن ناحية قطاع الطاقة ورغم اعتباره الخاصرة الضعيفة للاقتصاد الوطني والسبب الرئيسي في قرارات رفع الاسعار وما تلاه من اجراءات إلا أنه شهد تقدما خصوصا في مجال الطاقة المتجددة والاعتماد على الغاز المسال لتشغيل محطات الكهرباء .
أما فيما يتعلق بقطاع النقل ورغم انقضاء ثلاث سنوات من عمر الحكومة إلا أنها مكانك سر، وما يزال يواجه التحديات ودون أية انجازات تسجل رغم الأهمية الكبيرة التي يكتسبها قطاع النقل في أي دولة حول العالم .
اما بالنسبة لقطاع السياحة فقد أجمع عاملون في القطاع بأنه عانى إلى حد كبير من عدم إدراك حكومة النسور أهميته، بالاضافة إلى تجاهلها المؤشرات السياحية بعد أن وصلت إلى مستويات متدنية.سيما وأن الحكومة دمجت حقيبتي العمل بالسياحة معا مما اثر على القطاع سلبا.
أما بالنسبة لمشكلتي الفقر والبطالة فيخلص خبراء الى أن حكومة النسور منذ تسلمها زمام السلطة التنفيذية أواخر العام 2012 لم تحقق أي تطور يذكر في معالجة أهم مشكلتين اقتصاديتين ؛الفقر والبطالة.
ورغم تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي وتخفيض العجز من ناحية رقم مطلق أو نسبة الى الناتج المحلي الاجمالي إلا أن الدين العام النقطة السوداء في سجلات الحكومة، فيما كان اداء السلطة النقدية مؤثرا وفاعلا والانتقال في المدد الزمنية المناسبة بين تبني سياسة توسعية أو انكماشية تبعا للموقف مما حقق العديد من الفوائد للاقتصاد الوطني وقاده الى دفة الامان والتي تكللت بالحفاظ على الاستقرار النقدي.
وقفزت المديونية بمقدار 4 مليار دينار في عهد حكومة النسور فحينما تسلمت مهامها كان الدين العام عند مستوى 17.6 مليار دينار بينما بات يبلغ اخيرا 21.6 مليار دينار بزيادة نسبتها 23 %.
بالمقابل تدافع الحكومة عن نفسها في مجال المديونية بأنه يعود الى سببين رئيسين أولهما انقطاع الغاز المصري وتحملها خسائر نتيجة توليد الكهرباء من السولار و زيت الوقود الثقيل بنحو 2.5 مليار دينار الى جانب اللجوء السوري وكلفه الباهظة وضعف المساعدات الدولية.

اضافة اعلان

الخاصرة الضعيفة قطاع الطاقة وتحسن الأداء

وفي هذا الرصد نبدأ بقطاع الطاقة والذي اعتبر الخاصرة الضعيفة للاقتصاد الوطني، حيث كان المحور الأساسي في عملية برنامج الاصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي؛ إذ يرى مراقبون في القطاع الطاقة أنه شهد تقدما في بعض مجالاته في فترة حكومة النسور بخلاف البداية التي استهلتها الحكومة بتحرير اسعار المحروقات وبنسب كبيرة في وقت صعب.
من جهته، قال وزير الطاقة والثروة المعدنية الأسبق د.محمد البطاينة إن "هذا القرار يأتي تنفيذا لسياسات وضعتها الحكومات السابقة، إلا ان د.عبدالله النسور تحمل جرأة اتخاذه في فترة قصيرة بعد توليه مهامه".
وبين البطاينة أن اتخاذ هذا القرار لم يأت اعتباطا نظرا للظروف الحرجة التي كان يمر بها القطاع والتي رتبت مديونية على الحكومة نيابة عن شركة الكهرباء الوطنية.
أما دون ذلك؛ قال البطاينة إن "سياسة الحكومة فيما يخص مجالات أخرى في قطاع الطاقة كانت استكمالا لما بدأته حكومات سابقة، خصوصا في مجال الطاقة المتجددة وتحديث منظومة الموانئ في العقبة للمساهمة في ادخال الغاز الطبيعي بديلا اقل كلفة للوقود التقليدي".
في الوقت ذاته؛ طالت مماطلات وتأخيرات لانجاز بعض المشاريع الكبرى في القطاع؛ بحسب البطاينة؛ قبل ان يتم تجاوزها مثل ما حدث في مشاريع الصخر الزيتي ومشاريع العروض المباشرة للطاقة المتجددة؛ معللا ذلك بحداثة هذه المشاريع بالنسبة للمملكة.
من جهته، يرى استاذ الطاقة ومدير المشاريع الأوروبية في الجامعة الأردنية د.احمد السلايمة ان حكومة النسور استلمت في ذلك العام قطاع طاقة مثقلا اصلا، لأن ازمة انقطاع الغاز المصري كانت في بداياتها دون وجود بديل متاح بكلفة مناسبة، في وقت كانت فيه ايضا اسعار النفط العالمية مرتفعة.
ملف آخر كان من القرارات الصعبة التي اتخذتها الحكومة هو رفع اسعار التعرفة الكهربائية على عدة مراحل، حيث وضعت آنذاك خطة بدأتها في العام 2013 لرفع اسعار التعرفة الكهربائية مع بداية كل عام حتى العام 2017 بنسب تصل إلى 15 % على مختلف الشرائح باستثناء الشريحة المنزلية الاولى لفئة الاستهلاك اقل من 600 كيلوواط ساعة شهريا.
في هذا الخصوص؛ قال السلايمة ان "خسائر شركة الكهرباء الوطنية في ذلك الوقت كانت كبيرة ومبالغا فيها، وان انقطاع الغاز المصري لم يكن السبب الوحيد في ذلك، وانما تبعات خصخصة قطاع الكهرباء من قبل حكومات سابقة وإبقاء مسؤولية تأمينها بوقود التوليد على عاتق "الوطنية" الامر الذي حملها تكاليف وفرق الاسعار ما بين التوليد والبيع للمستهلكين".
بالمقابل؛ استطاعت الحكومة برأي السلايمة، تحقيق ايجابيات في القطاع اهمها السير في قانون الطاقة المتجددة والمشاريع التي اطلقت بموجبه سواء في مجال طاقة الشمس أو الرياح والتي بدأت تنتج فعلا، وهو أمر لم يكن موجودا سابقا، إضافة إلى النجاح في ادخال الغاز الطبيعي من مصادر عالمية متعددة إلى المملكة.
المستثمر في قطاع الطاقة المتجددة ومدير عام شركة قعوار للطاقة، حنا زغلول، قال إن "الفترة الماضية كانت مهمة لقطاع الطاقة المتجددة على وجه الخصوص، وشهدت دخول شركات متعددة الانتاج الفعلي للكهرباء من الطاقة الشمسية طاقة الرياح بعد توقيع الاتفاقيات الخاصة بذلك معها وان تأخرت لبعض الوقت".
وبين زغلول ان الحكومة استطاعت التعاون بشكل اكبرمع القطاع الخاص لاخراج مشاريعه إلى حيز الوجود؛ مشيرا إلى ان مشاريع الطاقة عموما تحتاج إلى فترة زمنية طويلة لإنجازها.
قطاع النقل.. مكانك سر
أما فيما يتعلق بقطاع النقل ورغم انقضاء ثلاث سنوات بعمر الحكومة إلا أنه مكانك سر، وما يزال يواجه التحديات ودون أي انجازات تسجل رغم الأهمية الكبيرة التي يكتسبها قطاع النقل في أي دولة حول العالم .
وأكد هؤلاء أن الحكومة تراخت كثيرا في تطبيق المشاريع التي يتم طرحها بالاضافة إلى وجود مشاريع عالقة منذ سنوات، ولم تول أي من الحكومات جدية في تطبيقها وأهمها حافلات التردد السريع.
يأتي ذلك في وقت اعتبر فيه البنك الدولي أن ملف النقل العام في الأردن يشكل خيبة أمل ومصدراً لمشاكل كبيرة تصطدم بها المملكة سنوياً، وذلك ضمن إطار أجندته الأخيرة التي صدرت في حزيران (يونيو) 2014 حول قطاع النقل.
وعزا البنك ذلك الأمر إلى سوء تخطيط وعدم التزام بعض العاملين في القطاع، فضلاً عن التراخي الحكومي، وقال البنك "في ضوء أن الأردن دولة متحضرة إلى حد جيد؛ نلحظ تزايداً مستمراً على وسائل المواصلات وخاصة في المدن".
وقال الخبير الاقتصادي؛ زيان زوانة "قطاع النقل يعتبر من الحاجات الأساسية للمواطنين، ويشكل عاملا مهما لتطوير التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العالم".
وأضاف "الحكومة ما تزال مقصرة في دعم قطاع النقل عموما بشقيه الركاب والبضائع، حيث إن الموازنات التي ترصد سنويا لغايات تطوير القطاع هي موازنات ضعيفة مقارنة بما تنفقه دول العالم عموما على تطوير شبكة النقل".
ولفت زوانة إلى واقع النقل العام الحالي والذي يتمثل بعدم استدامة تقديم الخدمة للمناطق، وكذلك نسبة التغطية المنخفضة للمناطق ذات الكثافة السكانية القليلة وانخفاض مؤشرات الكفاءة والفعالية وفق المعايير المعتمدة عالميا.
وأكد أهمية تكامل منظومة النقل العام والاستفادة من الخبرات والتجارب العالمية، وإيجاد حل جذري لشبكة النقل عموما وعلى مستوى المملكة، وذلك من خلال شراء الملكيات الفردية وإعادة بناء الشبكة من شركات قادرة على تقديم الخدمة بجودة عالية وتتحمل مسؤولياتها أمام الحكومة.
بدوره؛ أكد وزير النقل الاسبق هشام المساعيد أن المشاريع التي تم طرحها منذ سنوات في قطاع النقل العام لها اهمية وقدرة على احداث نقله نوعيه في القطاع.
وأضاف "على الرغم من ضرورة انجاز هذه المشاريع الا ان هنالك تحديات تواجه القطاع وتحول دون تطبيقها، خاصة الكلف التي تحتاجها هذه المشاريع ليتم انجازها".
رافد العملة الصعبة
 أجمع سياحيون استطلعت "الغد" آراءهم أن القطاع عانى إلى حد كبير من عدم إدراك حكومة النسور أهميته، بالاضافة إلى تجاهلها المؤشرات السياحية بعد أن وصلت إلى مستويات متدنية.
واستدل هؤلاء إلى قيام رئيس الوزراء بالجمع في بداية تشكيلها حقيبتي السياحة مع العمل بحقيبة واحدة، مما اعتبروها تقصيرا في ادراك للقطاع وفاقم من حجم معاناة القطاع السياحي.
وأشاروا إلى ان الحكومة بعد ذلك ادركت اهمية وزارة السياحة وعملت على فصل الوزارة وتم تسليمها لوزير متفرغ، وبعد ذلك بدأ القطاع يحصل على تسهيلات وإعفاءات على الرسوم والضرائب كان لها آثار ايجابية على القطاع السياحي على المدى البعيد والقريب.
وطالب سياحيون الحكومة بإعادة النظر بشكل شمولي للانظمة والقوانين المعمول بها في وزارة السياحة، اضافة إلى زيادة الترويج والتسويق للمواقع السياحية في المملكة بالخارج والعمل على ضرورة وضع خطة حقيقية للقطاع السياحي للنهوض به وتطويره.
وقال رئيس جمعية وكلاء السياحة والسفر شاهر حمدان "الحكومة في بدايات تسلم د.عبدالله نسور رئاسة الوزراء بدأت مؤشرات القطاع السياحي بالتراجع نتيجة ما تمر به المنطقة المحيطة من نزاعات اثرت على قدوم السياح إلى المملكة".
وبين حمدان أن الحكومة انذآك عملت على دمج وزارة السياحة والآثار وكانت تجهل اهمية القطاع السياحي على الاقتصاد الوطني؛ حيث تسلم وزير البيئة حقيبتين ومن ثم تسلم بعدها وزير جديد حقيبتين وزارة العمل ووزارة السياحة الأمر الذي ادى إلى تجاهل الحكومة للقطاع وزاد العبء على العاملين في القطاع السياحي".
وأوضح حمدان انه من اليوم الاول لاستلام وزير السياحة والاثار نايف الفايز حقيبته الوزارية عادت الامور إلى مجراها حيث انه تم لقاء القطاع السياحي بالملك عبدالله الثاني، وتم عرض التحديات التي تواجه القطاع السياحي امام الملك ومن ثم لمسنا تقرب حكومي للقطاع السياحي من خلال عدة قرارات تم اتخاذها لتنشيط الحركة السياحية وجذب السياحة.
وأشار حمدان إلى أن حكومة عبدالله النسور ادركت اهمية القطاع السياحي واتخذت عدة اجراءات منها تخفيضات على رسوم التاشيرات إضافة إلى تخفيض الضرائب على الطيران العارض، والعمل على انشاء تذكرة موحدة لدخول المواقع السياحية وتخفيض التعرفة الكهربائية على الفنادق العاملة في المملكة.
وأضاف حمدان "المطلوب من الحكومة حاليا وضع خطة حقيقية للقطاع السياحي والنهوض به في ظل تراجع المؤشرات السياحية إلى مستويات متدنية اضافة إلى توعية المجتمعات المحلية لأهمية القطاع السياحي في تنمية المجتمعات وتطوير اداء القطاع العام في التعامل مع القطاع السياحي".
ومن جهته؛ بين رئيس لجنة السياحة النيابية في مجلس النواب منير الزوايدة " ان الحكومة ومنذ استلام  النسور حقيبة رئاسة الوزراء كان هنالك عدم ادراك وغياب عن مشهد ما يواجه القطاع السياحي من معاناة نتيجة ما يدور في المنطقة".
وأشار إلى ان رئيس الوزراء لم يكن تصل له الصورة الكاملة عن الوضع السياحي الذي تشهده المملكة.
واوضح الزوايدة ان اللجنة السياحية في مجلس النواب وضعت الحكومة بالصورة التي يمر بها القطاع السياحي والتراجع الكبير الذي وصلت إليه المؤشرات السياحية نتيجة ما يدور في المنطقة من نزاعات ادت إلى عزوف السياح الاجانب عن القدوم للمملكة.
وأضاف "يجب ان يكون هنالك اعادة نظرة شمولية في التعليمات والانظمة والقوانين المعمول بها في وزارة السياحة، حيث ان اللجنة طالبت اكثر من مرة لسرعة تعديل الانظمة المعمول بها في وزارة السياحة، إضافة إلى انظمة الجمعيات السياحية التي تحتاج إلى التطوير والتعديل".
وانخفضت معظم المؤشرات السياحية في المملكة منذ بداية العام الحالي؛ فالدخل السياحي في المملكة خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي تراجع بنسبة 9 %، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفقا للأرقام الرسمية لهيئة تنشيط السياحة.
وبحسب الأرقام؛ بلغ الدخل السياحي للمملكة حتى نهاية شهر آب (أغسطس) من العام الحالي حوالي 1.966 مليار دولار، مقارنة بـ2.156 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
وفيما يخص أعداد السياح القادمين إلى المملكة؛ بينت الإحصائية تراجع إجمالي أعداد السياح القادمين إلى المملكة خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي بنسبة 10.2 % مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفق إحصائية هيئة تنشيط السياحة.
النسور: منتقد شرس للفقر والبطالة في البرلمان وعاجز عن الإنجاز
يخلص خبراء إلى أن حكومة رئيس الوزراء النسور منذ تسلمها زمام السلطة التنفيذية أواخر العام 2012 لم تحقق أي تطور يذكر في معالجة أهم مشكلتين اقتصاديتين؛ الفقر والبطالة؛ بحسب خبراء اقتصاديين.
وعلى الرغم من مواقف النسور، عندما كان نائبا في البرلمان، حول الفقر والبطالة والتي تراوحت بين تشكيك بالأرقام وانتقاد لأسلوب الحكومات في معالجتها، إلا أنه لم يحقق تقدما حين استلم زمام السلطة.
وأثناء حكومة معروف البخيت الثانية؛ حيث كان النسور من ضمن النواب الذين يريدون إعادة طرح الثقة بالحكومة؛ وصف النسور الحكومة بأنها "بطيئة ومتعثرة".
وأكد في إحدى كلماته ضرورة مكافحة جيوب الفقر في البادية والقرى والمخيمات، ومنع تهشم الطبقة الوسطى، التي تشكل الهيكل العظمي الذي يقوم عليه الاقتصاد.
وفي تصريحات للنسور قبل عدة أشهر حول انجازات حكومته؛ أشار إلى أنّ معدلات البطالة كانت في 2012 حوالي 12.2 %، فيما قدرت في 2013 بحوالي 12.6 %، وفي 2014 قدرت بـ11.9 %، أما الربع الأول من العام الحالي فقد قدر معدل البطالة بـ12.9 %.
وأشار حينها إلى أنّ اللجوء السوري أثّر على نسب البطالة بما لا يقل عن نقطتين مئويتين.
وتقدر آخر الأرقام الرسمية نسب الفقر خلال 2010 بأنها تصل إلى 14.4 % وهي آخر أرقام معلنة.
وعودة إلى الخبراء؛ فقد أجمعوا على أنه لم يكن هناك أي تقدم بموضوعي الفقر والبطالة، إذ أشار وزير تطوير القطاع العام الأسبق د.ماهر مدادحة إلى أنّ إنجازات الحكومة كانت "متواضعة" في هذا المجال.
وأشار إلى "تدني مستوى الإنجاز الحكومي" في معالجة المشكلتين.
ولفت إلى أنّ هناك تضاربا وتناقضا في الأرقام المعلنة حيث أنّ النمو الاقتصادي عندما كان يتراوح حول 7 %، وكانت البطالة تتراوح حول 12 %، واليوم عندما قدر النمو بـ2.5 % بقيت أرقام البطالة تحول حول ذات المعدلات.
ويرى المدادحة أن عدم معالجة البطالة يعني بالضرورة عدم معالجة الفقر، إذ يشير إلى أن معدلات الفقر ستراوح مكانها ان لم ترتفع، خصوصا مع تراجع القوى الشرائية للطبقة الوسطى.
ويضيف المدادحة إلى أنه بعيدا عن الأسباب الاقليمية والداخلية التي ساهمت في عدم معالجة المشكلات الاقتصادية والتي من ضمنها الفقر والبطالة، إلا أنّه لا بد من الإقرار بأنّ هناك "خللا إداريا واضحا في كيفية ادارة المشكلات الاقتصادية".
ويذهب المدادحة إلى أنّ الوضع الاقتصادي "يدعو للقلق" و"مازلنا لم نتجاوز مراحل الخطر".
ويدعو المدادحة إلى ضرورة انتهاج سياسة اقتصادية واضحة في معالجة الفقر والبطالة وتغيير السياسات ذاتها التي اعتدنا عليها منذ سنوات دون أن تساهم في حل المشكلات.
أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك قاسم الحموري قال إن "الحكومة الحالية لم تنجز أي تقدم في موضوعي الفقر والبطالة؛ خصوصا أنها لم تعمل على الاستثمارات التي من شأنها أن تزيد التوظيف والتنمية".
وأشار إلى أنّ الاستثمارات المحلية تراجعت وكان هناك هجرة للاستثمارات، فيما أنّ الاستثمارات الاجنبية تراجعت ولم تستغل الحكومة اللجوء السوري، خصوصا في استقطاب الاستثمارات السورية التي كانت من الممكن أن تشغل اللاجئين والأردنيين.
وكان كتاب التكليف السامي الأول أكد ضرورة "التصدي لانعكاسات الظروف الاقتصادية والتحديات المالية المتوقعة على المواطنين، خاصة الفئات الفقيرة وذات الدخل المحدود من خلال تعزيز شبكة الأمان الاجتماعي، واستحداث آليات جديدة لتوجيه الدعم لمستحقيه بالتشاور والحوار مع مختلف القطاعات ومؤسسات المجتمع المدني والقوى السياسية المختلفة، بما يضمن الحياة الكريمة لهم، ويقوي الطبقة الوسطى التي تعتبر صمام الأمان في المجتمع والرافعة الحقيقية لإنجاح عملية الإصلاح الشامل".
أما في كتاب التكليف الثاني والذي كان في 9 آذار (مارس) 2013 فقد طالب الملك الحكومة بـ" اتخاذ إجراءات ناجعة لمحاربة الفقر والبطالة وحماية المستهلك، تضمن توسيع الطبقة الوسطى وتمكينها، إضافة إلى المضي قدماً في برامج الإصلاح الاقتصادي والمالي، وتحسين أداء الاقتصاد، وضبط عجز الموازنة العامة للدولة، والمحافظة على الاستقرار النقد".

المحصلة في المالية العامة والمؤشرات النقدية

رغم تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي وتخفيض العجز من ناحية رقم مطلق أو نسبة إلى الناتج المحلي الاجمالي، إلا أن الدين العام ظل النقطة السوداء في سجلات الحكومة، فيما كان اداء السلطة النقدية مؤثرا وفاعلا، والانتقال في المدد الزمنية المناسبة بين تبني سياسة توسعية أو انكماشية تبعا للموقف مما حقق العديد من الفوائد للاقتصاد الوطني وقاده إلى دفة الامان والتي تكللت بالحفاظ على الاستقرار النقدي.
وباتت معدلات التضخم في البلاد هي الاقل منذ سنوات ، وخفض البنك المركزي الأردني اسعار الفائدة عدة مرات لتنشيط الاقتصاد، واستفادت الخزينة نتيجة الاقتراض الداخلي عشرات الملايين جراء تلك القرارات النقدية.
واعتبر ماليون أن ملف الاستثمار لم يحقق الانجازات والتقدم رغم حالة الامن والاستقرار الذي تمر به المملكة دون دول الجواء، حيث أرجعوا ذلك إلى ازدياد العبء الضريبي على المواطن وعدم تحفيز النمو الاقتصادي.
الخبير المالي والاقتصادي سامر الرجوب قال إن التضخم رغم التراجع الكبير في أسعار النفط العالمية والسلع الأساسية نتيجة انخفاض الطلب لم ينعكس بشكل صحيح محليا، وكان أكثر من مقدرة الحكومة على السيطرة على الأسعار والتي شهدت نوعا من الفوضى السعرية في السنوات الأخيرة.
وأما بالنسبة لمعدل النمو فبين أنه تميز بالتذبذب متراوحا بين الصعود والنزول خلال الفترة بين العامين 2012 - 2015، لكنه حقق اتجاها تصاعديا خلال تلك الفترة ما بين 2.9 % و3.3 %، لكنه عاد وانخفض مع نهاية الربع الأول من العام 2015 ليصل 2 %.
وبين أن الناتج المحلي الإجمالي الفردي تحسن ولكن بشكل ضعيف بين الأعوام 2012 و 2015، وبما لا يتجاوز السبعة بالألف خلال آخر ثلاث سنوات، وحسب المقاييس العالمية يشكل هذا المعدل الفردي 23 % من المعدل العالمي.
بدوره اتفق الخبير الاقتصادي والمالي مفلح عقل مع الرجوب، مؤكدا على أن حكومة النسور لم تنجح في معالجة الاقتصاد المحلي رغم بذلها جهدا في تحسين قطاع الاستثمار، الا أن وجود الأردن ضمن منطقة متوترة سياسية زاد من سوء الوضع.
وبلغ صافي الاستثمار المباشر المتدفق للداخل خلال العام الماضي 1.19 مليار دينار، مقارنة مع تدفق مقداره 1.229 مليار دينار في العام 2013.
وبذلك فقد تراجع تدفق صافي الاستثمار المباشر الداخل خلال العام 2014 بنسبة 3.2 % مقارنة مع تدفقه خلال العام 2013.
ورأى أن تنفيذ الحكومة لبرامج الاصلاح الاقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي زاد من الأعباء على المواطن الأردني ورفع الضرائب وبالتالي اسعار الخدمات.
وبين عقل أن النمو الاقتصادي الذي تظهر نتائجه ما هو الا انعكاس عن ارتفاع معدل نمو السكان وليس نموا اقتصاديا حقيقيا.
قال إنه كان على الحكومة أن تقوم بأداء أفضل لإدارة الأمور الاقتصادية رغم أنها نجحت في تحقيق الاستقرار خلال تلك السنوات.
العيب في المديونية
في المديونية العامة والتي "شطحت" أرقامها، فيرى الخبراء الماليون أن الحكومة تهاونت كثيرا وسمحت بتفاقم الدين حتى اقترب أخيرا من مستوى 22 مليار دينار.
وقفزت المديونية بمقدار 4 مليارات دينار في عهد الحكومة التي تسلمت زمام الأمور في اواخر العام 2012 وبمعدل 1.33 مليار دينار سنويا، وحينما تسلمت الحكومة مهامها كان الدين العام عند مستوى 17.6 مليار دينار، بينما بات يبلغ أخيرا 21.6 مليار دينار بزيادة نسبتها 23 %.
بالمقابل تدافع الحكومة عن نفسها في مجال المديونية بأنها تعود إلى سببين رئيسين أولهما انقطاع الغاز المصري وتحملها خسائر نتيجة توليد الكهرباء من السولار وزيت الوقود الثقيل بنحو 2.5 مليار دينار، إلى جانب اللجوء السوري وكلفه الباهظة وضعف المساعدات الدولية.
ويشير خبراء إلى أن الحكومة استسهلت مسألة الدين واللجوء للاقتراض الأمر الذي يزيد الضغط على شرائح المجتمع الأردني كافة ويزيد نسب الفقر والبطالة.
وبات الدين يشكل أخيرا 79.8 % من الناتج المحلي الإجمالي المقدر للعام الحالي وبانخفاض مقداره 1 % عن مستواه من الناتج للعام الماضي.
وقال الخبير الاقتصادي محمد البشير إن "حكومة النسور استهانت في نمو المديونية والاقتراض نتج عن العجز في الموازنة بسبب تضخم النفقات وضعف التحصيل الضريبي وانكماش الاقتصاد وتدني الانفاق الرأسمالي".
وبين البشير ان الحكومة الحالية لم تعمل على اصلاح السياسة الضريبية إذ كان بإمكانها رفع وتيرة الاستهلاك على السلع والخدمات بتخفيض ضريبة المبيعات ورفع ضريبة الدخل وتحصيل الضرائب المنشطة للاقتصاد، ووضع حلول للطاقة وخاصة مع انخفاض أسعار النفط الذي يعتبر هدية للحكومة الحالية لحل مشكلات الاقتصاد.
واضاف البشير "الحكومة تستدين لسد العجز والنفقات الجارية، ولا تخصص اي جزء لغايات الاستثمار والنفقات الرأسمالية"، وأوضح أن الحكومة تعتمد في سياستها على المنح والمساعدات، وتهرب من إدارة الازمة ولا تعمل على ايجاد حلول فعلية.
وقال الخبير الاقتصادي مازن مرجي "الحكومة بدأت عملها بالإدارة عبر الازمات ولم تبحث عن حلول فعلية والتي كانت متوفرة بين يديها".
وبين مرجي أن أغلب برامج الحكومة في الإصلاح الاقتصادي تعتمد على الاقتراض؛ مشيرا إلى ان النمو الاقتصادي للمملكة شبه معدوم، والاستثمارات أقل، وأن سياسته تقتصر على التقشف والضغط على الموطنين.
وأضاف مرجي "على الحكومة إصلاح السياسة الضريبية عن طريق رفع وتيرة الاستهلاك على السلع والخدمات من خلال تخفيض ضريبة المبيعات ورفع ضريبة الدخل. وأوضح مرجي "حكومة النسور عملت على محاور اساسية لتحسين الاقتصاد وهي جيب المواطن وتركيز على الاستدانة من الداخل والخارج ودخول في برنامج تصحيح اقتصادي، والاقتراض عليه وإدارة بالأزمات".
وبين مرجي أن أمام هذا التصاعد في المديونية وبقاء الحكومة على نفس الاستراتيجية يستحيل في المستقبل القريب أو البعيد ان تتمكن الحكومة من سداد هذا الدين، مشيرا إلى ان هذه المديونية تؤثر على استقلالية القرار الأردني.