مائة يوم في البيت الأبيض

الأمل معقود على الرئيس أوباما الذي بدأ فعلياً بتغيير نهج السياسة الأميركية في العالم  منطلقاً من شعار التغيير وأخرجنا فعلياً من سطوة اليمين المحافظ

اضافة اعلان

بعد مرور أكثر من مائة يوم على تولي الرئيس باراك اوباما سدة الحكم في البيت الأبيض تظهر استطلاعات الرأي تأييدا كبيرا لسياساته الداخلية والخارجية، فقد حصل على نسبة 69% من تأييد الرأي العام. وهذه النسبة تجعله في مقدمة معظم الرؤساء الذين سبقوه قبولاً لدى الشعب.

خطوات الإنعاش الاقتصادي، التي تبناها بمبلغ 750 بليون دولارا، بدأت بالانعكاس الايجابي التدريجي على المواطن، والبنوك والشركات. وسيكون هناك مزيد من التدخلات الجراحية لمعالجة اثار الأزمة الاقتصادية التي أثرت على الاقتصاد العالمي بشكل كلي، ولن تكون النتائج سريعة فستأخذ مدى لا يقل عن ثلاث سنوات.

عودة الدولة لتأدية دورها في التدخل في الشأن الاقتصادي وكبح جماح تغول السوق وانفلاته، أصبحت لازمة لمعالجة الأزمة الاقتصادية، التي اجتاحت العالم، وإعادة الدور الذي فقدته لصالح النيوليبرالية وحكم السوق، وكما تشير التقارير فإن هناك ارتياحاً لدى الشارع الأميركي تجاه السياسات والإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الإدارة الجديدة في المائة يوم الأولى من عمرها.

أما في مجال السياسية الخارجية، فإن الإدارة تأخذ بالمنهج الشمولي الواقعي للتعامل مع القضايا الدولية، وتبتعد عن استخدامات القوة بشكل حروب استباقية معتمدة على الدبلوماسية والحوار فقد عين أكثر من مبعوث خاص لتولي ملفات القضايا الإقليمية الراهنة مثل العراق وأفغانستان، وفلسطين، والسودان، وهذا مؤشر ايجابي على محاولة الولوج للتعامل مع القضايا بشكل مباشر وجدي وعدم ترك القضايا المزمنة لحلول الزمن والوقت، فقد خاطب العالم الإسلامي والعربي من دولة يحكمها الإسلام المعتدل وهي تركيا وأنه لا عداء مع الإسلام أو المسلمين محاولاً تحسين صورة الولايات المتحدة في العالم الإسلامي.

وجه أوباما، كذلك، رسالة مباشرة للشعب الإيراني في عيد النيروز، في مبادرة تاريخية، مقترحاً تجاوز ثلاثين عاماً من العداء. وفي مجال الصراع العربي- الإسرائيلي  فهو يؤيد حل الدولتين، وينظر إلى المبادرة العربية بشيء من الايجابية، مع الحفاظ على أمن وبقاء إسرائيل كثابت في سياسته الخارجية.

وفي العراق فأوباما مع انسحاب مسؤول، خلال جدول زمني محدد ونقل السلطة الأمنية للحكومة والاستراتيجية تجاه أفغانستان تستند الى اجتثاث الإرهاب والقاعدة وطالبان، من تلك الدولة، بالإضافة إلى التركيز على الدور الباكستاني كنقطة انطلاق وتعزيز عديد القوات المتحالفة على الأرض.

في كل الأحوال فإن الشعب الأميركي يرى أن أوباما أفضل رئيس أميركي منذ عشرين عاماً، وهناك رضا عن أدائه وقد أنجز الكثير خلال الثلاثة الأشهر الأولى من حكمة.

في منطقة الشرق الأوسط ما تزال الأوضاع، كما هي، ولم يحرز أي تقدم ملموس، أو يذكر، مجرد تصريحات وزيارات متتابعة وإشارات ايجابية هنا وهناك من دون حلول عملية تنعكس بالرضا على الأوضاع. فالصراع العربي – الإسرائيلي المعقد الجوانب والمتعدد الأطراف يحتاج الى ضغط مباشر على إسرائيل للقبول بما هو مطروح ضمن إطار الشرعية الدولية، فهل يستطيع الرئيس اوباما فعل ذلك؟

والحالة العراقية ما زالت تقطر دماً والشعب هو الذي يدفع الثمن، ما الذي تغير؟ كما يشير بعض العراقيين انها من السيئ إلى الأسوأ. أما أفغانستان فهي مستنقع خطير إن تورط بدخوله بصورة أكبر سيلاقي مصير من سبقوه والتاريخ شاهد على ذلك؟

الحل هناك (في أفغانستان) هو سياسي أكثر منه عسكريا، والأمل معقود على الرئيس الجديد الذي بدأ فعلياً بتغيير النهج للسياسة الأميركية في العالم والمنطقة منطلقاً من شعار التغيير وأخرجنا فعلياً من سطوة اليمين المحافظ الذي حول العالم الى ثكنة عسكرية، وسجون ثابتة ومتحركة.

آن الأوان لتغيير صورة الولايات المتحدة من خلال الأفعال، وليس الأقوال، بحل القضايا المعقدة ووضع النقاط على الحروف، عندها سيكون الرضاء عالمياً وليس أميركياً فقط.