ماذا بعد إعلان صفقة القرن؟

بعد ثلاثة أعوام من عزم الرئيس ترامب طرح مبادرة صفقة القرن بشأن القضية الفلسطينية، ولدت الصفقة هزيلة مجحفة بحق الشعب الفلسطيني والحقوق العربية الإسلامية في فلسطين والقدس والمقدسات، وبنفس الوقت كانت محبطة لقوى السلام في العالم بما فيهم قوى السلام في المجتمعات اليهودية في خارج وداخل إسرائيل، لما تركته من دعم لليمين المتطرف الصهيوني في إسرائيل، وتبديد الأمل في المستقبل للسلام العادل الذي تقبله الشعوب وتعيش فيه إسرائيل إلى جانب دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس في حدود 1967.اضافة اعلان
السيناريوهات المستقبلية المحتملة في ظل خلط الأوراق الذي أحدثته الصفقة، بدأت أولا على المستوى الفلسطيني حيث الرفض المطلق شعبيا ورسميا من الفلسطينيين بكافة توجهاتهم وأطيافهم لما تم طرحه، وهذا يعني فشلا كليا للصفقة كونها أخرجت الشريك الرئيسي في العملية السلمية في فلسطين، فبدون الفلسطينيين مع من سيعقد الإسرائيليون السلام؟ وحتى لو وافق على أي مبادرة سلام كل دول العالم ورفضها الفلسطينيون فلن يكون هنالك سلام حقيقي، ويدرك الرئيس ترامب ونتنياهو بأن معاهدات السلام مع الأنظمة دون قناعات وقبول الشعوب لها كما حدث في المعاهدات السابقة، لا تصنع سلاما حقيقيا أبدا.
إن الرد الفلسطيني على إعلان الصفقة يشكل عنوانا لمرحلة جديدة من مراحل النضال الفلسطيني، والذي من المتوقع أن يخلق أوضاعا جديدة على أرض الواقع لن تستطع إسرائيل احتواءه مستقبلا، وإن الزمن لن يكون في مصلحة استمرار احتلال الأرض الفلسطينية وتجاهل حقوق الشعب الفلسطيني، لأن تكلفة الاحتلال الإسرائيلي أمام النضال الفلسطيني ستكون باهضة جدا على الإسرائيليين.
الأردن يقود الجهود الدبلوماسية في العالم لدعم تحقيق السلام العادل والدائم، ويقوده الملك شخصيا ومن خلفه كافة القوى الرسمية والشعبية، ويشكل الموقف الأردني صوت العقل والحكمة التي لا بديل عنها، وبات الموقف والرؤية الأردنية القاسم المشترك لكل الأطراف، ويحظى بدعم دولي على كافة الصعد الرسمية وكذلك مختلف المؤسسات الدولية والقوى والمنظمات الداعمة للسلام في العالم وعلى رأسها مؤسسات الشعب الفلسطيني التي أعربت عن ثقتها وتقديرها للموقف الأردني، وثقتها بأن الأردن هو صاحب الرؤية الموضوعية والمقبولة لدى الفلسطينيين على المستويات الرسمية المتمثلة بالسلطة الفلسطينية ومختلف قيادات الفصائل، وكذلك على المستوى الشعبي الفلسطيني الذي يؤكد على أن طريق السلام العادل والشامل مرتبط بتحقيق قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967 وحقوق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة والتعويض.
ومن المنتظر أن تنشط الدبلوماسية الأردنية في المستقبل القريب لإعادة القناعات الإقليمية والدولية لأسس السلام العادل في المنطقة والبناء على كل الجهود الإيجابية وقرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية، والتأكيد على حقوق الشعب الفلسطيني السياسية، وهذا ما يتطلب موقفا عربيا قوميا مسؤولا يدعم الأردن وجهوده لاستعادة الحقوق الفلسطينية المغتصبة وتجنيب مستقبل المنطقة ما لا تحمد عقباه.