ماذا تغير فينا؟!

نعم تغيرنا، تغير كل شيء فينا، تغيرت القيم والأفكار، تغيرت المعتقدات والواجبات، تغيرت النظرة للشهيد والجريح والمقاوم، تغيرت المفردات والمسميات، من ينكر أننا تغيرنا لا يريد أن يرى الشمس في رابعة النهار.اضافة اعلان
تغيرنا، فبات الشهداء عند البعض قتلى، وبات الاحتلال عند أولئك أنفسهم شريكا، وبات الفاسد يتقرب منه الجميع، وبتنا نسأل عن مذهب الجار وديانته قبل أن نسأل عن أخلاقه، وبات التطبيع وجهة نظر بعد أن كان جريمة لا تغتفر، وبات فتح خطوط تواصل مع الاحتلال بطولة يتغنى بها البعض، وباتت القدس والأقصى عند البعض لا قيمة لهما، والمهم سلامة الحرم!!.
نعم تغيرنا، وكيف ننكر ذلك ونحن نرى يوميا سيلا من الشتم المذهبي والطائفي والحقد الأرعن من قبل البعض، تغيرنا حتى بتنا نلمس من البعض تأييدا مبطنا للإرهابيين على شاكلة داعش والنصرة وما لف لفهما، فيما لا تتحرك فينا شعرة ونحن نشاهد ما يجري في اليمن يوميا، ولا يثيرنا حجم المعاناة الإنسانية التي يتعرض لها الأطفال هناك!.
نعم تغيرنا، كيف ننكر ذلك والبعض منا يرفض السماح لجثمان شهيد دخول مسجد للصلاة عليه لأن الشهيد من فتح!، فيما يرفض البعض الصلاة على متوفى في مسجد سني لأن الميت من طائفة أخرى!، ونؤمن أننا تغيرنا أكثر ونحن نشاهد أبناء البلد الواحد يحاصرون أشقاءهم، ويقطعون عنهم الكهرباء والأموال، ويغلقون الحدود عليهم.
تغيرنا ونحن نسمع البعض يصف مقاومين يوجهون بنادقهم باتجاه الكيان الصهيوني بأنهم متهورون ويقومون بأفعال صبيانية وأنهم إرهابيون، تغيرنا عندما أدرجت دول عربية تنظيمات لم يعرف عنها إلا مقاومة الكيان على قوائم الإرهابيين، وتركت شركات تطبع مع كيان صهيوني مغتصب الأرض ويسعى لهدم أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين من دون حساب.
تغيرنا، وكيف ننكر ذلك ونحن نشاهد ما فعله بعضنا بسورية، ونسمع ما يقوله البعض بأن محاربة إيران أكثر أهمية من محاربة الكيان الصهيوني، ويتحدث البعض عن النووي الإيراني ويتناسون النووي الصهيوني الرابض بالقرب منهم، وتنقل سفارة الولايات المتحدة الى القدس المحتلة من دون أن يقوم العرب باستدعاء سفير الولايات المتحدة للاحتجاج على أقل تقدير، فيما يطرد الرئيس الفنزويلي القائم بالأعمال الأميركي من بلاده من دون أدنى اعتبار للولايات المتحدة وغيرها.
نعم تغيرنا، حتى إننا بتنا نهاجم من ينتقد الكيان الصهوني والولايات المتحدة ونتهمه بأنه يمارس فقاعات كلامية لا يهدف منها إلا إلى الحصول على شعبوية، فيما لا يتجرأ البعض منا على توجيه لوم لأميركا أو حتى نقد الكيان الصهوني.
نعم تغيرنا وتغيرنا كثيرا ونحن نشاهد البعض منا على قنوات عربية يعتبر أن للصهاينة حقا في فلسطين، وأن على الفلسطينيين أن يخرسوا للأبد إن لم يوافقوا على صفقة القرن التي يعدها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ويعتزم طرحها للعالم.
أيعقل بعد كل ذلك أن يسأل البعض، هل تغيرنا أو ماذا تغير فينا، فنقول نعم تغير فينا كل شيء، حتى بات البعض يريد منا أن نرى الجميل قبيحا والبخيل كريما، والجاسوس وطنيا، والصهيوني المحتل صديقا، والمقاوم مغامرا، ويريدون أن نقبل الناس بناء على مذهبهم ودينهم وليس بناء على مواقفهم وتصريحاتهم وأخلاقهم.
حقا.. تغير فينا كل شيء، فلم تعد الأيام كالأيام ولا المواقف هي ذاتها، تغيرنا حتى بتنا بحاجة لمرآة لكي نعرف أنفسنا، وبتنا بحاجة لأكثر من دورة إعادة تأهيل حتى نعود لسابق عهدنا.