ماذا عن انفلونزا الخنازير ؟

لا أعرف إن كنت الوحيدة التي ترى بأن تعاطي المؤسسات الرسمية، مع أخبار “انفلونزا الخنازير” لا تتناسب طرديا مع المخاوف التي بدأت مبكرا في السيطرة على اتجاهات وعواطف الناس.اضافة اعلان
فكل مايرد بخصوص هذا الوباء لا يعدو عن كونه أخبارا متناثرة من هنا و هناك، تأخذ حيزها من الاهتمام والنشر حسب مرجعيات وسائل الإعلام. ويتبعها أحيانا رد ضعيف المحتوى من مسؤولين مترددين في الكشف عن حقيقة الأمور التي تجري. أو لربما لا يعرفون حقا ما حجم المشكلة حتى يكشفوا عن تفاصيلها، لشريحة غير بسيطة من المهتمين و المتابعين.
وحتى عندما يكون حريا بالكاتب أن ينوه حول الموضوع، فإن مسؤوليات اعتبارية أحيانا تمنعه من الدخول بقوة لمناقشة الأمر، حين تتعلق المكاشفة بمحددات أمنية ومخاوف استباقية لمؤشرات قد لا تتعدى منطقة الأوهام، ولكن مع ذلك فهي بحاجة إلى ايضاح يستلزم تسليط الضوء عليها، حتى لا تكبر كرة الثلج في رؤوسنا أكثر!
وبالمناسبة فهي ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي تتعاطى بها دوائرنا وهيئاتنا الرسمية مع عناوين تثير قلق المجتمع، من زاوية أنهم متأكدون من معلوماتهم التي تطمئنهم “وحدهم”، أو لأنهم لا يعيرون انتباها لأحاديث الناس
و مناقشاتهم في الأماكن الخاصة و العامة، وعبر وسائل التواصل الإعلامية والاجتماعية، باعتبارها مجرد إشاعات لا ترقى للتوقف عندها حتى لا تصل إلى مرحلة الحقيقة، بتوقيع التصريحات الرسمية.
هذا الشأن و غيره من الأقل خطورة أو أكثرها، صار من  غير اللائق التعامل معه مهنيا على الأقل ونحن على أعتاب الثلث الأول من القرن الحادي و العشرين، بنفس أسلوب وآلية التعامل الستينية. ففي نهاية الأمر يمكن الكشف عن الحقائق بسرعة أكبر بمئات الأضعاف السابقة و نحن نشهد اليوم على انتهاء حقبة الإشاعات فعليا، لتحل محلها نظرية جديدة في الاتصال لا اسم محددا لها حتى الآن، إنما تعتمد و كما نرى ونشعر و نشاهد على أداة الأخبار الزخمة، وطرق توصيلها المكثفة في أقل زمن ممكن، تجعل من الخبر العادي جدا عنوانا رئيسا وموضوعا عاجلا يحمل صفة الأولوية في المتابعة و التصديق.
الأخبار العشوائية بخصوص مرض انفلونزا الخنازير، واحدة من تلك المواضيع التي يتابعها المجتمع باهتمام و قلق بالغين، متلقفا أي نبأ أو صورة أو حكاية مكتوبة على صفحة مدون، تطمئنهم أو على العكس تزيد من مخاوفهم تجاه هذا البعبع، الذي اعتقدنا أننا قد تخلصنا منه و للأبد منذ بضع سنين، و اعتبر كثير منا أنه بالون رعب وجد ليزيح ضوء الاهتمام عن قضايا أكثر مصيرية.
وزارة الصحة و المسؤولون فيها من دائرة الاعلام و العلاقات العامة، مطلوبون أمام الناس  أن يبادروا للتحدث معهم باحترام
 و واقعية و جدية، تتلاءم مع حجم المتابعة و الاهتمام. و لا يقتصر دورها على الردود المختصرة المقتضبة، حين تضطر إلى الإجابة عن أسئلة بعض وسائل الإعلام اللحوحة.
هذا الجزء الهام و الحيوي من المسؤولية الاجتماعية، لا يقل اعتبارا و ثقلا عن بقية الأدوار الموكلة إليهم في الوزارة. فكل ما يحتاج إليه الناس اليوم رسالة إعلامية واضحة المعالم، تخبرهم عن الوضع الحقيقي والتوقعات المحتملة، آخذين بعين الاعتبار أنهم في بلد ينعم شعبه بالذكاء و التفهم و حسن التعامل في القضايا التي تمس حياة و صحة أفراده.