ما آثار إلغاء "العمل" على برامج التشغيل وحماية حقوق العمال؟

رانيا الصرايرة - ما الآثار التي ستترتب على إلغاء وزارة العمل، وتوزيع مهامها على وزارات معنية، بخاصة فيما يتعلق ببرامج التشغيل وحماية حقوق العمال؟ سؤال شغل بال القائمين على تنفيذ هذا الجانب.

اضافة اعلان

وكان وزير التخطيط والتعاون الدولي ناصر الشريدة، اعلن في مؤتمر صحفي الاحد الماضي عن خريطة طريق تحديث القطاع العام، اذ بين أنه ستدمج عدة وزارات، في حين ستلغى وزارة العمل ونقل مهامها الى وزارات اخرى، بحيث ستنتقل المهام المرتبطة بالعمالة الوافدة من تصاريح وتفتيش وغيرها إلى وزارة الداخلية، كما سيربط صندوق التنمية والتشغيل والمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي بوزارة التواصل الحُكومي.

أبو نجمة: إلغاء وزارة العمل مؤشر على نية الحكومة بالتخلي عن واجبها إزاء قضايا سوق العمل


وتضم وزارة العمل، 19 مديرية ووحدة ضمن مركز الوزارة، و19 مديرية في الميدان في جميع المحافظات، بالإضافة لـ12 مكتب عمل شبيه بالمديريات، بينما يبلغ عدد موظفيها وعامليها 701.


إلى ذلك، أكد رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن مازن المعايطة، أن الاتحاد سيدرس توجه الحكومة لإلغاء وزارة العمل ونقل مهامها إلى عدة وزارات معنية، دراسةً شاملة، تأخذ بالاعتبار الأبعاد والجوانب المتعلقة بهذا الإلغاء، بهدف مراعاة مصالح العمال وضمان عدم تأثرهم سلبيا به في نطاق الخطة الحكومية لتحديث القطاع العام.


واضاف المعايطة، أن مثل هذا القرار بحاجة للبحث والدراسة مع الاتحاد، لضمان عدم إلحاق الضرر بأحد أهم عناصر الانتاج وهم شريحة العمال، مؤكدا أن الاتحاد يدعم أي جهود إصلاحية ومبادارت للنهوض بالإدارة العامة، مع الحفاظ على حقوق العمال وعدم التجاوز عليها.


وأشار إلى أنّ، “فكرة إلغاء وزارة العمل، تجربة جديدة وليست موجودة في دول العالم الأخرى”، مبينا أن تنظيم سوق العمل وسياسات التشغيل وقضايا أخرى تتعلق بالتدريب المهني والتقني، والحماية الاجتماعية وعلاقات العمل بين الشركاء الاجتماعيين (العمال وأصحاب العمل) وغيرها الكثير، هي من اختصاص الوزارة والمؤسسات والهيئات التي يرأس وزير العمل مجالس إداراتها.


مصدر مسؤول بالوزارة، طلب عدم الكشف عن اسمه، عبر عن استغرابه من إلغاء وزارة كـ”العمل” لها أهمية كبيرة، مؤكدًا أن القرار كان مفاجئا لهم وللمسؤولين بالوزارة، مبينا أن وزير العمل نايف استيتية أوعز لكوادر الوزارة، باستكمال أعمالهم كالمعتاد، حتى تتوضح الصورة لهم بشكل أكبر.


وأشارت الأمينة العامة للجنة الوطنية لشؤون المرأة سلمى النمس، الى أن إلغاء وزارة العمل ونقل مديرياتها، سيأخذ عامين حتى ينفذ على أرض الواقع بحسب ما أعلن عنه.


وتساءلت “خلال هذه المدة، هل ستمارس وزارة العمل أعمالها حاليا أم ستجمد؟ وفي حال جمدت، كيف سيتمكن العمال وأصحاب العمل من متابعة معاملاتهم؟ ماذا عن البرامج التي تنفذها الوزارة حاليا وتضع خطة تنفيذية قائمة على مواعيد لإنهاء أنشطتها، هل ستتوقف؟، مضيفة “لا أعتقد بأنه قرار صائب، وعلى الجهات التي اتخذته مراجعته”.


بدورها، أكدت مديرة مركز تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان لندا كلش، أن هذا القرار لن يصُب في صالح العاملين بسوق العمل، لافتة إلى أن التعديلات الهيكلية الجديدة ستسهم بشكل كبير في تراجع بيئة العمل اللائق، وزيادة ما يتعرض له العمال من انتهاكات.


وتساءلت كلش “بعد إلغاء وزارة العمل، من سيراقب وسيستقبل شكاوى العمال؟ هذه الوزارة لها ارتباط بجميع الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية، ويقع على عاتقها حماية حقوق العمال وحل النزاع بينهم وبين أصحاب العمل، فكيف لهذه الارتباطات أن تُوزع بين وزارات مختلفة، كل حسب اختصاصها”.


وبينت أن قانون العمل ومواده الذي أوكل العديد من مهام تنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل بالوزارة، وتحديدا بوزير العمل، ومفتشي الوزارة وأدوارهم، بالإضافة لتنظيم شؤون العمال المهاجرين، والتعليمات والأنظمة المتعلقة بتنظيم العمل عبر الوزارة تحديدا، والقرارات الصادرة عن الوزير، إلى جانب مصير اللجنة الثلاثية، وسلطة الأجور، مبينة ان القرار سيولد ثغرات تشريعية وقانونية كبيرة.


تجدر الإشارة بأن مهام الوزارة، تتمثل بالإشراف على شؤون العمل والعمال وممارسة الصلاحيات والمسؤوليات المتعلقة بالشؤون المنصوص عليها في سائر التشريعات، ورعاية العمال خارج المملكة وتنمية علاقات العمل مع الدول المستقبلة لهم، وتنظيم الشؤون المتعلقة بالعمال الأجانب في المملكة والإشراف عليهم وتحديد شروط عملهم، وتنظيم سوق العمل الأردني، ووضع التعليمات اللازمة لتوفير فرص العمل والتشغيل للأردنيين في المملكة وخارجها، وبالتعاون مع الجهات المختصة.


إلى جانب تسجيل نقابات العمال وأصحاب العمل، والمساهمة والمشاركة بأعمال اللجنة الثلاثية، لتمكين اللجنة من القيام بالمهام والصلاحيات المنوطة بها، والواردة في نظام اللجنة الثلاثية لشؤون العمل رقم (21) لسنة 2012 وقانون العمل، وتتولى الوزارة توفير فرص عمل للأردنيين في المملكة وخارجها، بالإضافة لتنمية التعاون والتنسيق مع منظمات العمل العربية والدولية، وبما يخدم قطاع العمل.


المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، أكد أن تبعات اتخاذ مثل هذا القرار ستكون “كارثية” على أطراف الإنتاج كافة في سوق العمل، أكان العمال أو أصحاب العمل أو النقابات.


وقال في بيان، إن إلغاء وزارة كوزارة العمل، يعبر عن تغيير في توجهات وخيارات السياسات الاقتصادية، هي غير اجتماعية بالمطلق، وتعبر بوضوح عن خيارات اقتصادية يمكن أن تكون الأكثر قسوة في تاريخ الدولة الأردنية، مشددا على أن إلغاء الوزارة سيؤدي بالتأكيد لإضعاف شروط العمل الضعيفة أصلا، عند غالبية العاملين بأجر في الأردن.


وأوضح أنه لا يمكن فهم قرار إلغاء الوزارة، إلا باعتباره تقويضا جديدا لسياسات سوق العمل في الأردن، ومحاولة لإضعاف شبكة الحماية الاجتماعية في المملكة، التي يفترض بأننا نحاول تعزيزها في هذه المرحلة، مشيرا إلى أنه سيترتب على إلغائها “فوضى مركّبة”، لا مفر منها في سوق العمل الذي يعاني أصلا من فوضى حاليا.


وقال البيان إن قرار إلغاء الوزارة، سيجعل الحكومة أمام مشكلة تشريعية كبيرة، تتعلق بتعديل عشرات القوانين والأنظمة التي تنيط بالوزارة أدوارا عديدة، “ما سيدخلنا في تخبط تشريعي، سنحتاج لسنوات طويلة لنتخطاه” في الوقت الذي كان يجب فيه تكثيف الجهود، لمواجهة المصاعب التي يعاني منها سوق العمل حاليا وعلى رأسها معدلات البطالة المرتفعة”.


وطالب البيان، بالحفاظ على الوزارة، وتعزيز دورها وإمكانياتها لتنظيم سوق العمل وحماية معايير العمل وشروطه على أرض الواقع، لأن الحفاظ على معايير العمل اللائق، وتطبيقها لا يتعارض مع تعزيز الاقتصاد والاستثمار، بل يعززه.

اقرأ  أيضا:

"التربية" و"التعليم العالي": تساؤلات عن أهداف الدمج

تطوير محور الموارد البشرية يتطلب إسنادا فنيا وتنظيم التعيين والترقية

ما آثار إلغاء "العمل" على برامج التشغيل وحماية حقوق العمال؟

إعلاميون يعتبرون إنشاء"التواصل الحكومي" خطوة رائدة

"الثقافة والشباب".. دمج يستفز سؤال الجدوى ومحاذير "السلبيات"

أولوية الإلغاء.. لـ"التخطيط" أم لـ"العمل"؟

إلى من يلجأ القطاع الخاص مع إلغاء وزارة العمل؟

دمج "النقل" و"الأشغال"..هل يجود الخدمات الحكومية؟