ما الذي تجلبه روسيا وتركيا إلى سورية؟

الرئيسان التركي رجب أردوغان والروسي فلاديمير بوتن - (أرشيفية)
الرئيسان التركي رجب أردوغان والروسي فلاديمير بوتن - (أرشيفية)

افتتاحية - (نيويورك تايمز) 11/8/2016

ترجمة: علاء الدين أبو زينة

يشكل الرئيس الروسي فلاديمير بوتن والرئيس التركي رجب طيب أردوغان لاعبين أساسيين يقفان على جوانب متعارضة من الحرب الأهلية السورية. فقد وفر السيد بوتن الدعم العسكري الحاسم الذي يبقي الرئيس السوري، بشار الأسد، في السلطة؛ بينما ساعد السيد أردوغان في تسليح مجموعات المعارضة التي تسعى إلى الإطاحة بالسيد الأسد.
ولذلك، عندما التقى الرجلان في سانت بطرسبرغ يوم الثلاثاء الماضي لرأب الصدع في نزاعهما الممتد منذ تسعة أشهر حول مجموعة متنوعة من القضايا، كان أحد الأسئلة هو ما إذا كان بإمكانهما إحراز أي تقدم في اتجاه إنهاء صراع يقال أنه قتل أكثر من 470.000 سوري وشرد ملايين آخرين. وفيما ينطوي على مأساة بالنسبة لسورية، فإن الجواب هو: كلا.
بعد الاجتماع، قال وزير الخارجية التركي لوكالة أنباء تابعة للحكومة إن لدى الطرفين "وجهات نظر مشتركة" حول الحاجة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في سورية، وضرورة تسليم المساعدات الإنسانية، وإيجاد حل سياسي لإنهاء الأزمة. لكن أي إشارة لم ترد إلى أنهما ضيقا إطار قضايا خلافاتهما الأساسية -التي تشمل  قصف روسيا لحلفاء تركيا من الثوار، وكذلك مصير السيد الأسد- حتى بينما يستمر الوضع في سورية بالتدهور.
في الوقت الحالي، ينصب التركيز على حلب التي كانت أكبر المدن السورية حتى اندلاع الحرب الأهلية قبل خمس سنوات، والمقسمة الآن بين قطاعات تخضع إما لسيطرة الثوار أو الحكومة. وكان جيش السيد الأسد وحلفاؤه الروس قد أغلقوا آخر الطرق المؤدية إلى مناطق الثوار في حلب في شهر تموز (يوليو). ثم تصاعد القتال على مدى نهاية الأسبوع الماضي عندما تمكنت قوات الثار وحلفاؤها الجهاديون -وخاصة "جبهة النصرة" التي أعلنت انفصالها أخيراً عن القاعدة- من كسر الحصار المتواصل منذ شهر. وشجع نجاحهم قوات الأسد على تكثيف ضرباتها الجوية لأهداف الثوار. ويقول مسؤولو الأمم المتحدة إن مليوني إنسان يواجهون الخطر وفي حاجة ملحة إلى الماء والغذاء والدواء. وما يزال من غير الواضح ما إذا كان الثوار يمكن أن يستمروا في الاحتفاظ بجزئهم من المدينة.
يوم الأربعاء، قالت روسيا التي شاركت في قصف المناطق التي يسيطر عليها الثوار إنه سيكون هناك وقف إطلاق للنار لمدة ثلاث ساعات يومياً للسماح لقوافل المساعدات بدخول حلب بأمان، مع أن الخبراء قالوا إنهم هذا القدر من الوقت هو أقصر كثيراً من أن يكون فعالاً. ومن المؤكد تقريباً -وهناك ما يبرر الشك- أن السيد بوتن كان دائماً شريكاً ازدواجياً، وفشل في الوفاء بالتزاماته السابقة.
ربما كان ذلك العرض محاولة لتشتيت الانتقادات التي انطلقت يوم الاثنين عندما استمع مجلس الأمن الدولي إلى شهادة اثنين من الأطباء الأميركيين الذين عادوا للتو من معالجة الأطفال المحتضرين والجرحى في حلب. وقد هاجم دبلوماسي روسي على الفور تلك الشهادة ووصفها بأنها "دعاية"، والتي يمكن أن تعرقل التحرك "في اتجاه إيجاد حل سياسي في سورية".
كان هدف مجلس الأمن الدولي هو تحقيق حل سياسي تفاوضي يمكن أن يضع نهاية للحرب عن طريق تشكيل حكومة ائتلافية من القوى المؤيدة للأسد وقوى المعارضة، والتي تحكم البلد، بينما يخرج السيد الأسد بيسر من السلطة. لكن سنوات من الحديث والجهود الدبلوماسية الفاشلة لم تسفر عن إحراز أي تقدم في تخفيف معاناة السوريين، ناهيك عن وضع نهاية للقتال.
الآن، تحاول الولايات المتحدة وروسيا مرة أخرى إعادة استئناف المفاوضات باقتراح اتفاق يمكن أن توقف الحكومة السورية وفقه قصف قوات الثوار، ويكون هناك وقف لإطلاق النار، في حين يبدأ الأميركيون بتقاسم المعلومات الاستخبارية مع روسيا في مقابل توجيه ضربات جوية مستهدفة ضد "الدولة الإسلامية"، وكذلك "جبهة النصرة". ويقول بعض المسؤولين الأميركيين إن تقاسم المعلومات الاستخبارية الأميركية، الذي يترافق مع الضربات الأميركية الجوية الخاصة، هو أمر ضروري لمنع "جبهة النصرة" من كسب السيطرة على مزيد من المناطق.
على الرغم من قيام الرئيس أوباما بتصعيد المعركة تدريجياً ضد "الدولة الإسلامية"، فقد رفض إشراك الولايات المتحدة في معركة عسكرية مباشرة ضد السيد الأسد، ومن المتوقع أن يحتفظ بهذه السياسة حتى يتولى خليفته المنصب. أما كيف قد يقارب المرشح الجمهوري دونالد ترامب هذه المشكلة، فذلك يبقى غير واضح، لكن المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، تحدثت عن مزيد من التدخل العسكري، بما في ذلك إقامة مناطق حظر للطيران لحماية المدنيين. ويحتاج الناخبون الأميركيون إلى سماع ما هو أكثر بكثير عن نوايا المرشحَين. لكن الأمل الوحيد في إنهاء المذبحة يظل معلقاً على العمل من أجل استئناف للمفاوضات.

*نشرت هذه الافتتاحية تحت عنوان: What Russia and Turkey Bring to Syria

اضافة اعلان

[email protected]