ما الذي دار بين الملك وبايدن؟

مكرم أحمد الطراونة

في لقاء جمعنا بالملك في واشنطن، وصف جلالته زيارته للولايات المتحدة بأنها من أنجح الزيارات في شقيها؛ السياسي والاقتصادي، وقد قدم الزميل سلامة الدرعاوي في تحليله المنشور في عدد الأحد ملخصا مهما للجانب الاقتصادي من الزيارة.اضافة اعلان
سياسيا؛ لماذا كانت هذه الزيارة مميزة وناجحة رغم أنها تحمل في طياتها مباحثات ونقاشات بشأن مواضيع غاية في التعقيد والحساسية، سواء فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وإعادة الروح إلى عملية السلام، أو بالملف السوري بعد عشر سنوات من تفجره؟
من الأمور المهمة التي تم التفاهم بشأنها، هو وجود ضرورة ملحة للبدء في إجراءات بناء ثقة متبادلة بين الجانبين؛ الفلسطيني والإسرائيلي، تمهيدا للعودة إلى طاولة المفاوضات، مع التأكيد على أن على كل طرف من أطراف هذه المعادلة واجبات عليه القيام بها.
إسرائيليا، هناك اتفاق على ضرورة وقف الاستفزازات في المسجد الأقصى، واحترام الوضع القائم فيه، مع التشديد على وقف الاستيطان وتهويد الأراضي، والمحافظة أيضا على الوضع القائم في حي الشيخ جراح، خصوصا أن الأردن، وعلى لسان وزير الخارجية أيمن الصفدي، كان قد وصف عملية تهجير سكانه بجريمة حرب.
تثبيت الهدنة في غزة، التي تمت بوساطة مصرية، أمر تم التوافق على أهميته، بالتزامن مع تخفيف إجراءات الحصار الاقتصادي على الضفة، ودعم السلطة الفلسطينية حتى تستطيع أن تمارس دورها، خصوصا الدعم الاقتصادي، وكان واضحا أن الإدارة الأميركية ترى أن عليها إجراء خطوات إصلاحية في مجال الحوكمة والحريات.
إدارة بايدن ترى أن الأردن قادر على دعم كل هذه الجهود بالتنسيق مع الطرفين، من أجل إحلال تهدئة طويلة الأمد تفسح المجال لاستئناف المفاوضات وفق مبدأ حل الدولتين. الاتجاه العام في أوساط المشرعين الأميركيين وأركان الإدارة كان واضحا في دعم الأفكار الأردنية بهذا الاتجاه، وقد نوقش ذلك في إطار الجهد الأردني لدعم الحق الفلسطيني.
فيما يختص بالملف السوري، كان الموقف الأردني واضحا ويرتكز على عدد من النقاط، على رأسها تأكيد الأردن أن الحل في سورية يجب أن يكون سياسيا، وأن المملكة ستدعم أي جهد دولي يهدف إلى وقف الاقتتال وإحلال السلام فيها، وتخفيف آثار الحرب على الشعب السوري، كما سيدعم جهود عودة اللاجئين إلى ديارهم، الأمر الذي يحتاج إلى إعادة إعمار البلد، وتوفير خدمات ومشاريع البنية التحتية.
مناقشة الملف السوري، لم تنته في هذه الزيارة، فالإدارة الأميركية كان واضحا أن لديها محاذير عديدة، لكن الأردن استطاع أن يؤشر إلى تساؤلات يجب على البيت الأبيض البحث عن إجابة عنها، إذ لا يكفي أخذ موقف سلبي من النظام السوري وحلفائه كإيران دون أن تكون هناك خيارات وبدائل منطقية لما يجري في هذه الدولة، وتأثيره بالإقليم. ربما نشهد في المستقبل تعاونا أردنيا روسيا أميركيا للتعامل مع الأمور بواقعية أكثر، والنظر في مسألة تغيير سلوك النظام السوري وليس النظام نفسه.
بالنسبة للأردن، فإن إنهاء هذا الملف يشكل أولوية قصوى، فما تشهده الحدود مع سورية خطير على أمن الدولة، حيث الإرهاب، والزيادة المضطردة بتجارة المخدرات والسلاح، ناهيك عن أن حل الملف سيضمن عودة آمنة وطوعية للأشقاء السوريين الموجودين في الأردن. الإدارة الأميركية تتفهم جيدا الأولوية الأردنية بهذا الجانب.
بقي القول إن هناك تساؤلات عديدة سيقت على مواقع التواصل الاجتماعي حول إن كان للإدارة الأميركية رأي في عملية الإصلاح السياسي في الأردن، ولجنة تحديث المنظومة السياسية، وقد تحدث هؤلاء عن مخاوف من تدخل أميركي بهذا الشأن. في الواقع فإن هذا الموضوع لم يتم نقاشه لا مع الإدارة الأميركية ولا حتى في الاجتماعات العديدة التي عقدها الملك مع المشرعيين الأميركان.
هل تحدث الأميركان عن باسم عوض الله؟ سؤال أيضا طرح في مواقع التواصل الاجتماعي، وجوابه أنه لم تأت الاجتماعات العديدة على أي ذكر لعوض الله، لا من بعيد ولا قريب.