ما بعد إعلان محمود عباس

   ثلاث احتمالات أساسية ستترتب على إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس نيته عدم الترشح للانتخابات الرئاسية مرة أخرى معلنا بذلك عزمه على اعتزال الحياة السياسة وربما بقاؤه ضمن دائرة المستشار للنظام السياسي الفلسطيني بشكل او بآخر.

اضافة اعلان

الاحتمال الاول يتمثل بتقديم اسرائيل او اميركا شيئا ما ينقذ ماء الوجه السياسي للرئيس عباس وبالتالي يثنيه عن عدم الترشح، والثاني ان لا يترشح ولكن لا تعقد الانتخابات ما يجعله رئيسا بحكم الامر الواقع وهذا امر قد يستمر لشهور، والثالث ان يطلب عباس من منظمة التحرير انتقاء غيره وان تعقد الانتخابات بمن حضر.

هذه الاحتمالات تحمل أوزانا متساوية من حيث إمكانية الحدوث بالرغم من عدم تفاؤلنا بالأول منها بأن يقدم نتنياهو والمجتمع الدولي شيئا مقدرا يثني عباس عن استقالته، لأن نتنياهو على الأرجح سيعتقد انه إن فعل ذلك سيكون قد فتح الباب على مصراعيه لمزيد من المطالب الفلسطينية. هذا بالاضافة لقناعة نتنياهو في ان الوقت في صالحه وان لا ضرورة للاستعجال بإحقاق الدولة الفلسطينية.

المجتمع الدولي يبدو ميالا للسيناريو الثاني، ويعتقد في جله ان عباس سيستمر رئيسا لأشهر بحكم الأمر الواقع، والقناعة السائدة أن هذه الاشهر ستشهد تنازلات وتسويات فلسطينية من نوع استراتيجي على غرار ما حدث مع اولمرت، الذي استمر رئيسا للوزراء لأشهر بعد ان اعلن اعتزاله السياسة، وقد وصل لدرجة قال فيها ان على اسرائيل ان تتخلى عن الكثير وتقدم "تنازلات مؤلمة" رغبة منه بعقد اتفاق نهائي مع الفلسطينيين قبل مغادرته السياسة.

اما الاحتمال الثالث، فهو الذي يرتب الكثير من الاعباء على الدبلوماسية العالمية والاقليمية وبخاصة الاردنية، لاننا سندخل مرحلة البحث عن بديل لا بد ان يتحلى بمواصفات معينة يعلوها قبول شعبي فلسطيني وقدرة سياسية في التعامل مع المجتمع الدولي والتعقيد الاقليمي.

الشخصية المطلوبة فلسطينيا في هذه المرحلة يجب ان تجمع ما بين شعبوية مروان البرغوثي، الذي يُعتقد أنه سيخرج من السجن بعد ان يتم انتخابه كرئيس، ولأن القانون الاسرائيلي لا يسمح بسجن الرؤساء، وما بين شخصية كسلام فياض المقبول دوليا ويتمتع بقدرات إدارية ممتازة وشفافية غير مسبوقة فلسطينيا.

عملية البحث عن بديل لعباس لن تكون يسيرة، لكنها ضرورة لا بد منها، واذكّر أن عباس سبق أن استقال كرئيس للوزراء وأصر على استقالته بالرغم من كل محاولات ثنيه عن ذلك إبان ايام عرفات، لذلك فمن الأسلم افتراض أنه سيصر على الاستقالة ما لم يحدث ما لا يمكن رؤيته ضمن اللحظة الزمنية الراهنة.

هناك احتمال رابع تناوله البعض وهو أن يتم حل السلطة الفلسطينية، لأن ذلك سيشكل أداة ضغط هائلة على اسرائيل والاقليم والعالم بسبب ما سيترتب عليه من فوضى سياسية وأمنية وديمغرافية، لكننا ومع قبولنا واقرارنا بفتك هذا السلاح السياسي وقوته لنؤكد على قناعتنا أنه طرح نظري بعيد عن أي منطق واقعي ونعتقد ان هذه السلطة ستبقى على قيد الحياة ولن تشهد حلا.