ما بعد المفاوضات غير المباشرة مثل ما قبلها

ما بعد المفاوضات غير المباشرة سيكون مثل ما قبلها، لم تفوت إسرائيل الفرصة لإيصال مضمون الرسالة بوضوح، فسارعت مع وصول بايدن الى المنطقة بالإعلان عن إقامة 1600 وحدة سكنية استيطانية في الضفة والقدس الشرقية.

اضافة اعلان

بين الفعل الإسرائيلي ورد الفعل العربي الرسمي تتلخص فصول إدارة الصراع. ما بعد أوسلو وقيام السلطة الفلسطينية عام 1994 أصبح موقف الدول العربية ومنظمة التحرير أسير الخطة الإسرائيلية وتابعا لإدارتها للازمة. ووجد الفلسطينيون أنفسهم في انتفاضتهم الثانية وحيدين أمام قوة القهر الإسرائيلية. ولم يكن مسموحاً وجود موقف فلسطيني موحد ومنسق، فاستشهد أحمد ياسين وسُمم ياسر عرفات. ودخلت حماس الانتخابات في ظل أوسلو التي رفضتها وما تزال ترفضها ومارست نفاقاً مكشوفاً كي تصل إلى قيادة السلطة، ما أدى في النهاية الى خسارة وحدة الموقف الفلسطيني.

خريطة الموقف العربي الرسمي والشعبي السلبي موزعة اليوم بين ما هو مقروء وما هو غير مقروء. الموقف العربي الرسمي السلبي مقروء تماماً فهو يفتقر للإرادة ويدير الصراع بردود أفعال تستجيب للضغوط الأميركية والإسرائيلية. يشابه الموقف الرسمي السلبي موقف الأغلبية الشعبية الصامتة التي تتمنى أن تصحوَ يوماً من نومها لتجد أن الصراع قد حل بأي ثمن.

ما هو غير مقروء من الموقف السلبي العربي يمثله موقف الأحزاب والدول الرافضة للموقف الرسمي العربي والفلسطيني من دون طرح للبديل أو طرح بدائل تعرف قبل غيرها أنها غير قابلة للتطبيق في ظل الظروف الدولية والإقليمية القائمة. ولا تجد أمامها من بديل غير التعويل على نضال الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع الذي لا يجد من يساعده في مواجهته لبطش الآلة العسكرية الإسرائيلية.

الموقف الرسمي العربي باقٍ على نهجه منذ ان أنشأ منظمة التحرير ورشاها بالتمثيل الشرعي للقضية. ثم عاد يرشيها ثانية باستقلال القرار الفلسطيني ليحملها وحدها مسؤولية القضية كاملة. ورشاها ثالثة لتكون الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني بمن فيه فلسطينيو الضفة والأردن غير آبه بتحذيرات الأردن من أخطار ذلك على أراضي الضفة، وهي ما نجني نتائجها اليوم.

فيما يشبه تبادل الأدوار الذي أفضى الى السير في حلقة مفرغة، صار الموقف العربي الرسمي يتدارى مرة بموقف منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، ومرة يتدارى موقف منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية بالموقف العربي الرسمي.

القرار العربي والفلسطيني الرسمي الأخير الذي تدارت أطرافه بعضها ببعض ليذهب بالفلسطينيين الى المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل، يسير في نسق الموقف الرسمي العربي والفلسطيني المقروء، والذي ليس له ما بعده سوى مراوحة الوضع على حاله لصالح إسرائيل في تنفيذها لمخططاتها الاستيطانية وخلق ظروف واقعية على الأرض تجعل قيام دولة فلسطينية يستحيل يوما بعد يوم.

هل كان قرار المشاركة بالمفاوضات غير المباشرة إنقاذاً لقمة طرابلس، أم عوناً لإدارة اوباما للتفرغ للملف النووي الإيراني، أم كسباً للوقت يتيح للضغط الأميركي والعربي ان يعطي مفعوله على القرار الفلسطيني؟ إسرائيل تريد ذلك كله، وبالإضافة إليه تريد إطالة المفاوضات حتى موعد الانتخابات الأميركية الذي يتيح لها فرض شروطها على إدارتها التي تتطلع الى ولاية ثانية.