ما تفكر به إسرائيل وانعكاسه على الأردن

هناك قراء إسرائيلية تكتسب زخما مفادها ان حركة حماس تصر على اطلاق صواريخ القسام من اجل عودة الاحتلال الى غزة. كلمة دان غيلرمان، مندوب اسرائيل في الامم المتحدة، تصب في هذا الاتجاه. ويضيف أن هناك تفكيراً عربياً جديداً يقوم على التراجع عن حل لدولتين لصالح الدولة الواحدة! وفي مقالة بالجروسالم بوست قبل أيام قليلة، يفيد غيدي غريشتاين(وهو بالمناسبة وكما رأيته في مشاركات عديدة في واشنطن من أذكى جيل الشباب في اسرائيل) بأن هذا التكتيك الذي تتبناه الحركات الاسلامية يهدف للقضاء على اسرائيل من الداخل. ويضيف غيدي ومعه الكثيرون بأن الدول العربية لا تضغط بشكل حقيقي لحل الدولتين لأن هناك الكثير ممن يفكر في حل الدولة الواحدة.

اضافة اعلان

مشكلة هذه القراءة "للنوايا العربية" انها قراءة سطحية ومبسطة ولا تعكس الواقع بشكل كامل. لكن يأخذ هذا التفكير زخما جديدا بعد اندلاع المواجهات بين فتح وحماس واطلاق القسام. المشكلة في هذا التحليل عدم قدرته على تفسير دخول حماس في اللعبة السياسية والموافقة على اتفاق مكة. كانت حماس، لو بقيت في المعارضة، بوضع أفضل للتحرش بإسرائيل على أمل عودة الاحتلال. لكنها فضلت الانخراط في العملية السياسية بما يتناسب مع برنامجها السياسي الذي بدا في فترة قابلا للتعديل والمواءمة مع الواقع.

ويحذر غيدي من انه أفضل لاسرائيل ان لا تتدخل في غزة لان ذلك قد يؤدي الى انهيار السلطة وبالتالي لن يكون هناك عنوان للفلسطينيين للتحدث معه. الخلل الكبير في هذا المنطق هو الافتراض الضمني أن هناك عنواناً في اسرائيل للتحدث معه وان هناك حالة من التواصل مع الشريك الفلسطيني! لا شك هناك مسؤولية فلسطينية لعدم القدرة على بلورة الشريك، لكن بالتأكيد لم يكن في اسرائيل في العقد الاخير اي شريك لأي عملية سلام او حتى اتفاق جزئي.

ويرى أصحاب هذا الاتجاه بأنه أفضل لاسرائيل أن تكون بجانب فتح. ولهذا التحليل صدى في الولايات المتحدة. اذ حذر دينس روس من ان على اسرائيل ان تنتبه الى الصراع الدائر بين الفلسطينيين وان تهتم بنتيجة الصراع لئلا تنتصر حماس ويتحول الصراع الى صراع ديني. لكن المشكلة ان التدخل لا يصب في صالح فتح لسببين؛ تأييد اسرائيل لفتح يقلل من مصداقيتها الوطنية ويعطي تيار "فتح المتأسرل" في فتح قوة إضافية على حساب التيار الأقرب لفتح التي نعرفها. وهذا قد يخلق انطباعاً بأن فتح تنظيم "اسرائيلي". والسبب الآخر ان تدخل اسرائيل لا يساعد فتح في الصراع مع حماس لان التجربة تفيد أن الشعب الفلسطيني ينزع الشرعية عمن يراه قريباً من الإسرائيليين.

ويرى أصحاب هذا الاتجاه ان استمرار الصراع وانتصار حماس سيؤدي الى حل السلطة. الحقيقة غاب عن الاستراتيجيين العرب النظر بجدية الى سيناريو انهيار السلطة وعودة الاحتلال. فإذا عاد الاحتلال وبلعت اسرائيل المزيد من الاراضي وشكل الفلسطينيون تهديدا ليهودية الدولة، فما العمل عندها؟ هل ستلجأ اسرائيل الى خيار الترانسفير؟ يستبعد العرب فكرة الترانسفير لان الشعب الفلسطيني تعلم ولأن الوضع الدولي لن يسمح. هذا الاستبعاد لا يأخذ بعين الاعتبار ان التفكير الصهيوني هو ترانسفيري في الاساس واحلالي، وبالتالي من سيمنع اسرائيل لو رأت في الترانسفير بأنه الحل الوحيد المتبقي. أنصح بمتابعة كتابات بني موريس في هذا الاتجاه واصراره على ان الترانسفير واقع لا محالة.

هنا يدخل الموضوع الاردني على الخط. هل هناك بالفعل استراتيجية اردنية جاهزة للتعامل مع سيناريو كهذا؟ بالرغم من التطمينات من بعض صناع القرار، فالمطلوب فتح الموضوع للنقاش العام لبلورة خيارات امام الاردن بدلا من الاستمرار في سياسية ردات الفعل. معاريف ادعت ان هناك مخططاً اردنياً لمملكة هاشمية كبرى شريطة قبول اسرائيل بالمبادرة العربية. بمعنى آخر عودة للخيار الاردني.

تحركات الكونفدرايين الاردنيين والفلسطينيين تعطي معنى لادعاءات معاريف. لكن ما لا نعرفه جميعا فيما اذا كان للأردن استراتيجية للتعامل مع تداعيات فشل حل الدولتين وانهيار السلطة. الحديث مع بعض المسؤولين الاردنيين عن هذا الموضوع لا يدل على وجود خطة (ب) في الاردن. فلا يطرح الاردنيون: ماذا سنعمل في العام 2008 والذي تشير التقديرات بأنه لن يشهد هو الآخر تحقيق حل الدولتين. 

[email protected]