ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ (1)

ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ (1)
ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ (1)

وقفات من السيرة   

 

علي بادحدح

مجتمع فريد وتربية أصيلة، صياغة إيمانية، ومنهجية إسلامية، تلك هي صبغة الأمة التي أخرجها محمد صلى الله عليه وسلم للوجود في المدينة النبوية، صبغة شملت الرجال والنساء، والصغار والكبار، وهذه صفحة من صفحاتها.

اضافة اعلان

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لما كان يوم أحد حاص أهل المدينة حيصة وقالوا: قُتل محمد. حتى كثرت الصوارخ في ناحية المدينة فخرجت امرأة من الأنصار محرمة فاستُقبـِِلت بأبيها وابنها وزوجها وأخيها لا أدري أيهم استقبلت به أولاً. فلما مرت على أحدهم قالت: من هذا؟ قالوا: أبوك، أخوك، زوجك، ابنك، وهي تقول: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: أمامك، حتى دفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت بناحية ثوبه ثم قالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لا أبالي إذ سَلِمت من عَطَب.

وعن سعد بن أبي وقاص، قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة من بني ذُبيان وقد أصيب زوجها وأخوها وأبوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحد، فلما نُعوا لها قالت: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: خيراً يا أم فلان هو بحمد الله كما تحبين. قالت: أرونيه حتى أنظر إليه. قال: فأشير لها إليه حتى إذا رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل. أي هينة قليلة.

نعم إن الأم تنسى ولدها لتسأل عن الرسول الله صلى الله عليه وسلم وتطمئن عليه؟

والزوجة تنسى زوجها، والأخت تنسى أخاها، لتقول: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

كل مصيبة بعدك جلل يا رسول الله.

لقد أحب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم حباً عظيماً، وقدموا في سبيل الدفاع عنه أموالهم وأرواحهم وفلذات أكبادهم طيبة بذلك نفوسهم، وكلهم يقول: (نحري دون نحرك يا رسول الله)(فداك أبي وأمي يا رسول الله).

إنهم يرون فيه الإيمان الذي يفدونه، والإسلام الذي يحبونه، والمنهج الذي يطبقونه.

واليوم تتجدد إساءات المناوئين ويقوم أغيلمة الصحافة في الغرب بالإساءة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ويظهر السؤال الكبير: ما الذي قدمه كل منا في سبيل الدفاع عن عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم والذب عنه؟

إن على كل منا مسؤولية في ذلك، ويبدأ الطريق من أنفسنا بأن نتبع هديه ونقتفي أثره لنعطي الغرب والشرق صورة صحيحة لهدي نبينا وإمامنا وقدوتنا وقرة أعيننا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولنرفع لواء التعريف بسيرته الإنسانية، ورسالته الحضارية للبشرية جمعاء، ولنعلن تسخير الوسائل والإمكانيات للدعوة الإسلامية لشعوب الأرض كلها لنصحح الصورة الخاطئة، ونرد الشبهة الكاذبة، ونقيم الحجة الدامغة.