ما هو ترتيب الأردن عالميا في حوادث المرور؟!

حادث سير في أحد شوارع عمان - (تصوير: ساهر قدارة)
حادث سير في أحد شوارع عمان - (تصوير: ساهر قدارة)

جميل علي مجاهد *

كثيرا ما نقرأ الأخبار والتصريحات التي تشير إلى أن الأردن يحتل المرتبة الثالثة عالميا في حوادث المرور وأحيانا أخرى إلى أن الأردن يتصدر دول العالم في حوادث المرور.اضافة اعلان
لكن ما هي الحقيقة؟ وما هو ترتيب الأردن مقارنة مع دول العالم؟ وأين يمكن أن تجد المعلومات الصحيحة بالنسبة لحوادث المرور لدول العالم؟
إن أفضل مصدر للمعلومات هو منظمة الصحة العالمية والتي لديها العديد من الإحصائيات لدول العالم في وفيات حوادث المرور، فالمنظمة تهتم بصحة الإنسان وأسباب الوفيات؛ إذ تعد حوادث المرور أحد المسببات العشرة الرئيسية للوفيات على المستوى العالمي.
من منطلق المحافظة على صحة الإنسان؛ بدأت منظمة الصحة العالمية اهتمامها الكبير بحوادث المرور وجمع الإحصائيات والأرقام من جميع دول العالم، فقامت بإصدار تقرير تحليلي في العام 2004 عن حوادث المرور وأسبابها وطرق معالجتها ثم أصدرت أول تقرير إحصائي العام 2009 ومن ثم أصدرت التقرير الإحصائي الثاني في العام 2015.
تعتمد منظمة الصحة العالمية على المعلومات التي تزودها بها الجهات الرسمية والمعنية بجمع المعلومات عن حوادث المرور ونتائجها في دول العالم؛ حيث تواجه المنظمة مشكلة أثناء جمع المعلومات تتلخص في أن بعض الدول تقلل من أرقام الحوادث ونتائجها لكي لا تتأثر السياحة لديها، أو لعدم امتلاك تلك الدول جهة رسمية مهتمة بجمع الإحصائيات حول حوادث المرور.
ولكن يبقى السؤال ما هو المعيار لقياس حوادث المرور والمقارنة به مع دول العالم الأخرى؟ إن عدد الوفيات وحده بدون ربطه بعدد السكان أو المركبات لا يعد معيارا صحيحا، فعلى سبيل المثال اذا كان عدد الوفيات في الأردن سنويا 700 وفاة وفي مصر 7000 وفاة، فلا يجوز اعتبار الأردن أفضل من مصر اعتمادا على عدد الوفيات فقط وبدون ربطه بعدد السكان أو المركبات، فعدد السكان في مصر يصل الى حوالي 80 مليون نسمة وعدد المركبات يتجاوز 7 ملايين مركبة، في حين لا يتجاوز عدد سكان الأردن 9 ملايين نسمة وأعداد المركبات لا تتجاوز مليونا ونصف مليون مركبة.
لذلك فإن المعيار هو احتساب عدد الوفيات لإجمالي السكان أو لإجمالي المركبات المسجلة، وبذلك تكون الأرقام أكثر سهولة للمقارنة، فأين يقع ترتيب الأردن باستخدام هذه المعايير؟
قامت منظمة الصحة العالمية بالحصول من الجهات الرسمية المعتمدة في دول العالم ومن ضمنها الأردن على المعلومات الضرورية حول السلامة المرورية في هذه الدول بما في ذلك أعداد الوفيات والسكان والمركبات، ولكن المنظمة تقوم بالتعديل على أرقام بعض الدول اعتمادا على عناصر عدة من خلال دراسة بحثية، فالباحث يستطيع استنتاج الأرقام المقاربة للحقيقة بعد الاطلاع على بعض المعلومات والتي من أهمها عدد المركبات وأنواعها في الدولة وأطوال الطرق، ومدى قوة تنفيذ القانون وتوجهات الدولة والميزانية المرصودة لإدارة سلامة المرور وغيرها من العناصر التي تساعد في التحقق من أعداد الحوادث والوفيات الناتجة عنها؛ فدولة ذات ميزانية ضعيفة لإدارة سلامة المرور، وذات ضعف في تطبيق القانون ولا تملك قوانين للمشاة ولا نقلا عاما منتظما يتوقع أن يكون عدد الوفيات فيها مرتفعا.
قامت الأردن بتزويد منظمة الصحة العالمية بالمعلومات المطلوبة عن وضع السلامة المرورية في الأردن بما في ذلك عدد الوفيات وأعداد السكان والمركبات للعام 2013؛ حيث بلغت أعداد الوفيات في ذلك العام وفق الإحصائية الرسمية 768 وفاة، ولكن وفق تقديرات منظمة الصحة العالمية واعتمادا على الدراسة البحثية التي قامت بها وعلى المعلومات التي حصلت عليها من الجهات الرسمية، قامت بتعديل أرقام الوفيات وقدرتها بـ1913 وفاة خلال العام 2013 بدلا من الرقم الرسمي وهو 768 وفاة، وبذلك يكون تقدير منظمة الصحة العالمية لمعيار عدد الوفيات لعدد السكان حوالي 26.3 وفاة /100 الف نسمة، وهو أعلى من المعدل العالمي للعام 2013 والذي بلغ 18 وفاة/ 100 الف نسمة، ويضع الأردن في مصاف أسوأ 20 دولة في العالم، وثالث أسوأ دولة عربية بعد ليبيا والسعودية.
فالسؤال المطروح حاليا؛ لماذا قامت منظمة الصحة العالمية بإعادة تقدير أعداد الوفيات في الأردن؟ وما هي دقة المعلومات التي تم تزويد منظمة الصحة العالمية بها عن الأردن؟
هل تم مخاطبة المنظمة للاستفسار عن ذلك، خاصة وأن الأرقام الصادرة عن المنظمة هي المعتمدة عالميا للمقارنة مع الدول الأخرى؟.
صحيح أن الأردن لا يحتل المرتبة الأولى في وفيات حوادث المرور، لكن ذلك لا يلغي فداحة حوادث المرور ونتائجها على المجتمع الأردني، فما تزال أعداد الوفيات عالية جدا لدولة صغيرة ذات موارد محدودة مثل الأردن.

*رئيس هيئة تنظيم قطاع النقل البري السابق