ما يمكن توقعه من الهجوم الأوكراني المضاد

‏جنود أوكرانيون يستعدون لإطلاق قذيفة هاون على مواقع روسية في دونيتسك، 5 نيسان (أبريل) 2023 – (المصدر)
‏جنود أوكرانيون يستعدون لإطلاق قذيفة هاون على مواقع روسية في دونيتسك، 5 نيسان (أبريل) 2023 – (المصدر)
ترجمة: علاء الدين أبو زينة تارا لو* ‏- (مجلة تايم) 20/4/2023 ليس تحديد مسار الحرب بالأمر السهل أبدًا -لكن التسريب الأخير لوثائق الدفاع الأميركية جعل التنبؤ بالحرب الأوكرانية أكثر تعقيدًا؛ حتى أن الفوضى التي أثارها التسريب دفعت القادة الأوكرانيين إلى تغيير خططهم في ساحة المعركة، ‏‏وفقًا لشبكة (سي إن إن)‏‏.‏ ‏لكن فصل الربيع عاد، وفي ساحات القتال في أوكرانيا، يعني هذا أن الوقت ربما يحين قريبًا لشن هجوم أوكراني مضاد طال انتظاره. وبينما أشار الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي،‏‏ إلى‏‏ أن بلاده في حاجة إلى الأسلحة قبل أن تتمكن من شن الهجوم، اقترح ‏‏قادة آخرون‏‏ أن الوقت يقترب لتوجيه الضربة -خاصة وأن التقدم الروسي الضعيف استنزف القوات الروسية.‏ يقول جورج باروس، المحلل المتخصص في ملف روسيا وأوكرانيا في “معهد دراسة الحرب”، أن منظمته تحرص على عدم التنبؤ بما سيحدث تاليًا، في ما يعود جزئيًا، كما يقول، إلى تجنب التدخل في الصراع. لكنه استعرض في مقابلة مع مجلة “تايم” جغرافية وتاريخ الصراع، وهو ما قد يلمح إلى ما سيأتي لاحقًا.‏

روسيا حصنت منطقة كانت مكشوفة

أشار القادة العسكريون الأوكرانيون إلى أن الهجوم المضاد قد يضغط في اتجاه الجنوب. في شباط (فبراير)، قال فاديم سكيبيتسكي، نائب رئيس مديرية الاستخبارات العسكرية الأوكرانية،‏‏ إن‏‏ أوكرانيا تخطط “لدق إسفين في الجبهة الروسية في الجنوب -بين شبه جزيرة القرم والبر الرئيسي الروسي”.‏ ومن جهتها، يبدو أن روسيا قلقة بشكل خاص بشأن سيناريو واحد، كما يقول باروس: خطر أن تهاجم أوكرانيا إقليم زابروجيا. وتظهر صور الأقمار الصناعية أن القوات الروسية حصنت المنطقة لحماية الخطوط اللوجستية، بما في ذلك العوائق المصممة لمنع عبور الدبابات.‏ وهذه المنطقة مهمة بشكل خاص لأوكرانيا لأسباب رئيسية عدة. على سبيل المثال، تعيش أعداد كبيرة من الناس في المنطقة، بما في ذلك في ميليتوبول وتوكماك. كما تقع المنطقة أيضًا على طول بحر آزوف، وموانؤها مهمة لأوكرانيا للحفاظ على تدفق التجارة الخارجية.‏ ‏ كما أن المنطقة ضرورية أيضًا للجيش الروسي لأنها قطعة الأرض الرئيسية التي تربط الأراضي الأوكرانية الجنوبية التي تحتلها روسيا بالبر الروسي الرئيسي، بما في ذلك شبه جزيرة القرم. والطرق التي تمر عبر الإقليم هي طرق الإمداد الرئيسية لآلاف الجنود المتمركزين في الجنوب. ويقول باروس إنه إذا تمكنت أوكرانيا من استعادة المنطقة، فإنها ستخلق “أسوأ عنق زجاجة على الإطلاق” بالنسبة للقوات الروسية. ومن دونها، سيتعين على روسيا الاعتماد على جسر واحد يمتد بين شبه جزيرة القرم وكراسنودار كراي، والذي يقول باروس إنه ما يزال في حالة استنفاد منذ أن هاجمته أوكرانيا في تشرين الأول (أكتوبر). لكن أوكرانيا قد تستغل نقاط ضعف أخرى‏. وكما اقترح سكيبيتسكي، فإن أوكرانيا يمكن أن تضرب ساحة معركة مألوفة: باخموت. وفي ‏‏مقابلة‏‏ مع شبكة “سي إن إن” في آذار (مارس)، أشار إلى أن الروس “يفقدون قوات كبيرة (في باخموت) وأن طاقتهم تنفد هناك”.‏ ‏وأضاف: “قريبًا جدًا سنستفيد من هذه الفرصة، كما فعلنا في الماضي بالقرب من كييف وخاركيف وبالاكليا وكوبيانسك”.‏ ‏ووفقًا لباروس، فإن أوضاع القوات الروسية في المنطقة “تدهورت” بعد ستة أشهر صعبة بشكل خاص من القتال من دون توقف عملياتي حول باخموت. قبل شهر، قدر المسؤولون الغربيون أن ما يصل إلى 30.000 جندي روسي قتلوا أو جُرحوا في المعركة، ‏‏حسب ما ذكرت‏‏ “هيئة الإذاعة البريطانية” في 7 آذار (مارس). ويشير باروس إلى أنه في أواخر العام 2022، تباطأت الهجمات الروسية في المنطقة، وكانت روسيا في حاجة إلى جلب بعض قوات النخبة التابعة لها للحفاظ على تقدمها.‏ ‏ويضيف باروس: “المثال الكلاسيكي للهجوم المضاد هو استغلال الظروف المحلية لحالة الإرهاق والحاجة إلى الترميم لدى خصومك، والتي أعتقد أنها سمة مميزة للمكان الذي يوجد فيه الروس في باخموت الآن”.‏ أظهرت الحرب في أوكرانيا أنه لا يمكن التنبؤ بها‏. و‏على الرغم من المؤشرات المذكورة، أظهرت أوكرانيا أيضًا أنها تستطيع استخدام المعلومات التي تتشاركها مع بقية العالم لصالحها في ساحة المعركة.‏ ‏في الصيف الماضي، على سبيل المثال، أبرقت أوكرانيا بصوت عال خططها للهجوم في الجنوب، حيث‏‏ أعلن‏‏ زيلينسكي في تموز (يوليو) أن أوكرانيا تخطط لاستعادة مدينة خيرسون بحلول أيلول (سبتمبر). وردًا على ذلك، ‏‏أعاد الروس نشر‏‏ العديد من قواتهم في الجنوب، مما أدى إلى “تفريغ الشمال وجعله جاهزًا للاستغلال”.‏ ‏ولكن، بدلاً من ذلك، شنت أوكرانيا هجومين مضادين متزامنين، وإنما متداخلان، حيث هاجمت في كل من الجنوب والشمال، في هجومين كانا “يعزز أحدهما الآخر”، كما يقول باروس. وفي نهاية المطاف، “أجبرت أوكرانيا الروس على الاختيار من بين مجموعة من القرارات السيئة” واستولت على أراضٍ في كلتا المنطقتين.‏ ‏ويقول باروس: “أحد الأسباب الرئيسية لنجاح الأوكرانيين في الشمال هو أنهم تمكنوا من اللعب بنجاح على الروس”.‏ ‏*تارا لو Tara Law: صحفية في مجلة “تايم”.‏ *نشر هذا المقال تحت عنوان: What to Expect From Ukraine’s Counter-Offensive اقرأ أيضا في ترجمات:اضافة اعلان