مبادرة الديوان الملكي تجاه طمليه تحرضه على هزيمة الألم

مبادرة الديوان الملكي تجاه طمليه تحرضه على هزيمة الألم
مبادرة الديوان الملكي تجاه طمليه تحرضه على هزيمة الألم

أمانة عمان توافق على شراء ما قيمته ألف دينار من أعمال الكاتب ليسدد ثمن العلاج

غسان مفاضلة

عمان- شرعت الاستجابة الملكية الفورية للعناية بالزميل الكاتب محمد طمليه حال وصول نبأ تدهور وضعه الصحي قبل أيام، أبواب السؤال حيال جوهر العلاقة بين المؤسسات الثقافية والشؤون الحياتية للكتاب والمبدعين.

اضافة اعلان

فبعد أن رفعت مدينة الحسين الطبية، التي يتلقى طمليه علاجه فيها منذ أربع سنوات، يدها عن مواصلة علاجه بناءً على تقاريرها الطبية التي تفيد بعدم جدوى الاستمرار في العلاج، بحسب شقيقه أحمد طمليه الذي وجد نفسه إزاء العديد من الالتزامات المالية التي يتطلبها الوضع الحرج الذي آل إليه صاحب "المتحمسون الأوغاد".

ومن أجل تأمين الحد الأدنى من العيش الذي يليق بطمليه، الذي اطلّ على قرائه منذ نحو ربع قرن عبر مقالته، في غير صحيفة يومية وأسبوعية، بروحها الناقدة التي تفيض بالمرارة والسخرية، لم يجد شقيقه منفذاً سوى العمل على تسويق نسخ من كتاب طمليه، الذي صدر أخيراً "إليها بطبيعة الحال" والذي أهداه إلى جلالة الملك حينما استقبله العام الفائت للاطمئنان على صحته.

ولفت شقيق طمليه إلى المرارة، التي أحسّ بها في الظرف العصيب، وهو يراجع بعض المؤسسات ذات الصلة بالشأن الثقافي، من أجل تأمين الحد الأدنى لحياة كريمة تليق بحضور طمليه وإبداعاته، وهو الحد الذي يجب أن يتوفر للجميع، بخاصة للمثقفين والمبدعين.

ويتوقف شقيقه بهذا الصدد، عند الحماس الذي أبداه الشاعر حيدر محمود الذي نسّب إلى أمين عمان قبل نحو شهر ونصف بشراء ما قيمته ألف دينار من كتب طمليه، التي وافق عليها الأمين، ولكن من دون نتيجة رغم مراجعاته المتكررة بهذا الشأن حتى الآن.

وما أن أثار الصديق باسم سكجها موضوع طمليه في زاويته اليومية في الزميلة "الدستور" مطلع هذا الأسبوع، حتى أمر الملك عبدالله الثاني في اليوم نفسه بمتابعة علاج طمليه والعناية الفائقة به ضمن سياق اهتمام جلالته بأبناء وطنه وتقديره لدور الكتاب والصحافيين. وقام مدير دائرة الإعلام والمعلومات في الديوان الملكي أمجد العضايلة ورئيس وحدة شؤون الثقافة الكاتب مفلح العدوان بزيارة منزل طمليه للاطمئنان عليه.

وقال سكجها لـ"الغد" إن الاستجابة الملكية الفورية لحال طمليه، والمبادرة بعلاجه ورعايته الكريمة، لا تفاجئ أحدا في المجتمع الأردني، فمكرمات جلالته ليست غريبة عن أبناء الوطن. مضيفاً، بأن الأمل معقود على أن تقتدي المؤسسات الثقافية الحكومية والأهلية بلفتات جلالته في رعاية المثقفين والمبدعين.

وفي السياق ذاته، أشار سكجها إلى أن أوضاع الكتاب والمثقفين الأردنيين، ومعاناتهم في ظل الظروف المعيشية الصعبة من أجل مواصلتهم البقاء على قيد العمل والإبداع، تحتاج من المؤسسات كافة إلى مزيد الاهتمام والرعاية.

يشار إلى أن طمليه أصدر منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي، عددا من المجموعات القصصية منها: "ملاحظات حول قضية أساسية" و"جولة العرق" و"المتحمسون الأوغاد"، كما أصدر منذ مطلع تسعينيات القرن ذاته، صحيفتين اسبوعيتين ساخرتين هما "الرصيف" و"قف"، إضافة إلى اصداره كتابا مشتركا مع الفنان عماد حجاج بعنوان "يحدث لي دون سائر الناس"، وكتابه الأخير "إليها بطبيعة الحال".

واستطاع طمليه من خلال التقاطاته لمفارقات الواقع الاجتماعية والسياسية، وبأسلوبه الناقد والساخر أن يجمع بين الصنعة الصحافية والرؤية الأدبية، وأن يرينا وجهاً آخر تم التعتيم عليه بشكل منهجي ومنظّم. وبموهبته وبراعته الحاذقتين، استطاع أيضاً، أن يتحايل على المفاهيم والقيم التي جعلت من التواطؤ والارتهان معطيات بديلة للنبل والانعتاق.

رهافة طمليه وتوقده، وحيرته الطوّافة على أسئلة المعنى والجدوى، قادته سابقاً إلى "المطالبة بإنزال أقصى عقوبة عليه، جراء خطأ ارتكبه ولا يعرف ما هو.. وذلك عن الضرر الذي ألحقه بكل من قابله في العتمة".

ومنذ أن ألمّ به المرض، قرّر ترويج الإشاعة لإقناع الجميع أن "السرطان" أقل خطورة من "تبسّط القدمين".. وسنهزمه. كما جاء في مقالة له آنذاك.

وها هو يتساءل الآن: "أين يذهب الإنسان إذا أراد أن يعيش فقط؟".