متعايشات مع "الإيدز" يطالبن بإلزامية الفحص قبل الزواج

Untitled-1
Untitled-1

حنان الكسواني

عمان - لم تأت مطالبات متعايشات مع فيروس نقص المناعة المكتسب (الإيدز) “بإجبارية” إدراج فحوصات مخبرية للكشف عن الفيروس المعدي قبل الزواج من فراغ، وإنما جاءت من رحم معاناتهن مع المرض جسديا ونفسيا.اضافة اعلان
فيما لجأت مصابات بالفيروس، الذي يصادف يومه العالمي في الأول من كانون الأول (ديسمبر) المقبل الى خيار الطلاق بعد أن “تعمد” أزواجهن نقل الفيروس اليهن، رضخ بعضهن الى الامر الواقع وتعايشن مع زوج ومرض، وأطفال مصابين أو غير مصابين.
وترى متعايشات، انهن ضحايا أزواج لم يتركوا لهن أي مجال للاختيار، “إما بالاستمرار قدما معهم في حياة زوجية والسير قدما معهم في رحلة العلاج، أو رفض مبدأ الزواج قبل عقد القران”، بحسب قولهن لـ”الغد”.
وبما أن الفيروس انتقل للزوجات بنسبة 98 % من أزواجهن، فقد طالبن في ظل ضعف البرامج التوعوية حول هذا المرض، بـ”ادراج فحوص مخبرية للمقبلين على الزواج بجانب فحوص الثلاسيميا “للكشف عن المرض الوراثي الذي قد ينتج عن زواج الأقارب”.
غير أن هذه المطالب، اصطدمت بجداري “الوصمة المجتمعية، وجرائم الشرف معا في حال كشف فحص ما قبل الزواج أن الإصابة للفتاة، بخاصة ان أكثر أسباب انتقال الفيروس من شخص الى آخر هو عن طريق ممارسة الجنس غير الآمن، يليه عملية نقل دم ملوث بالفيروس وابر ملوثة به”، بحسب مدير جمعية (سواعد) للتغيير المجتمعي، والمدير السابق للبرنامج الوطني لمكافحة (الإيدز) الدكتور عبدالله حناتلة.
ويستدرك حناتلة قائلا “في حال توفير الحماية القانونية والمجتمعية للمصابات، ستتم مطالبة الحكومة رسميا بإلزامية الفحص للمقبلين على الزواج”.
وفي ظل غياب هذه الحماية للمرأة والرجل معا، وفي ظل مجتمع ما يزال يصم ويميز المصابين بفيروس (الايدز) فإن “فحص المقبلين على الزواج سيبقى اختياريا” بحسب الحناتلة، الذي اكد لـ”الغد” أن مركز (سواعد) “يوفر فحص الكشف عن فيروس الإيدز مجانا لمن يرغب بصرف النظر عن جنسيته”.
من واقع تعامله مع المصابين المقيمين على الأراضي الأردنية، يرى حناتلة أن “المنظومة القانونية والحكومية غير مهيأة حتى الآن لتوفير الحماية للإناث، كما أن برامج التوعية والتثقيف حول الحد من انتشار الفيروس تجمدت في ظل انتشار فيروس كورونا”.
غير أن مركز مكافحة الأمراض الأميركي أوصى بأنه “يتعين سنويًّا إجراء فحص لكل شخص يصل عمره كحد أعلى 64 عامًا لفيروس نقص المناعة المتكسب (الإيدز)” مقترحا “الزامية الفحص للحوامل؛ في ظل احتمال انتقال الفيروس إلى أطفالهن أثناء الحمل أو الولادة أو الرضاعة الطبيعية”، مشددا على “أهمية الانتظام بتناول الأدوية التي تكافح الفيروس ويقلل كثيرًا من خطر انتقال الفيروس إلى الطفل”.
الطالبة الجامعية سوزان (اسم مستعار) لجأت الى المحكمة الشرعية للحصول على “حريتها” وخلاصها من زوج كان سببا في ايذائها نفسيا وجسديا حسب قولها لـ”الغد”، حيث “طلبت من القاضي تعويضها ماديا ومعنويا جراء الضرر الذي وقع عليها بعد ان تفاجأت ان زوجها نقل اليها الإيدز قصدا”.
كما أثبتت العشرينية سوزان من خلال التقارير الطبية وشهادة الخبراء في مجالي الطب الشرعي والقانون أن “إصابتها بالمرض بعد الزواج مستندة الى ملف زوجها الطبي وسيرته المرضية”.
ويؤكد مؤسس مبادرة “القانون والإيدز” المحامي محمد الناصر، أن “عدم التبليغ عن الإصابة بمرض معد بشكل قصدي يعد خطرا بالمعنى القانوني”، مشيرا الى أن هذا الفعل يشكل “جريمة يعاقب عليها القانون الأردني”.
بينما أشار قانون الصحة العامة وتعديلاته البند الخامس- الأمراض المعدية (المادة 22) الى أن “كل من أخفى عن قصد مصابا أو عرض شخصا للعدوى بمرض وبائي أو تسبب عن قصد بنقل العدوى للغير أو امتنع عن تنفيذ أي إجراء طلب منه لمنع تفشي العدوى، يعتبر أنه ارتكب جرما يعاقب عليه بمقتضى أحكام هذا القانون”.
لم يكن أمام المتعايشة رباب (اسم مستعار) من خيار سوى اختيار زوجها، فقد دفعتها ظروفها الاجتماعية والاقتصادية كي تكون الزوجة الثالثة لمريض تجهل إصابته بالفيروس وهو الوحيد الذي كان يعلم بأوضاعه الصحية.
“توفي زوجي وتركني وحيدة بعد أن تكالب علي الفقر والمرض” على حد تعبير رباب (39 عاما) التي أكدت لـ”الغد” انها “لم تفكر ابدا الانفصال عنه لأنها رضيت بما قسمه الله لي، وهو بين يدي ربنا القادر على محاسبته وليس البشر”.
وتذهب دراسات إلى أن 80 % من العربيات المصابات بالايدز “أصبن بالمرض من خلال زواج شرعي”، موضحة أنه “لا يحق طلب ممارسة الجنس الآمن مع زوجها أو حتى أن تطلب منه إجراء التحليل للتأكد من سلامته”.
وتكشف الأرقام الراشحة من المركز الوطني لمكافحة الإيدز التابع لوزارة الصحة عن 9 إصابات جديدة لأردنيات العام الماضي، ليصل العدد الإجمالي الى 87 سيدة منذ تسجيل أول إصابة في العام 1986، بحسب مديرة المركز الدكتورة هيام المقطش.
وتتفق المقطش برأيها مع حناتلة بأن “يكون الفحص اختياريا بسبب ارتباط المرض بوصمة وتمييز مجتمعي”، مشيرة الى أن الوزارة خصصت مستشفيي البشير والأمير حمزة الحكوميين، بالإضافة الى المراكز الصحية الشاملة، لعلاج مرضى الإيدز “مجانا”.
وأكدت “ان التوعية والتثقيف بالمرض هو أكبر نجاح لمكافحة الفيروس المعدي”.
يشار الى أن نتائج مسح السكان والصحة الأسرية (2017-2018) كشفت عن أن 90 % من الشباب الأردنيين ذكوراً وإناثاً والذين سبق لهم الزواج “لا يعرفون عن مرض (الايدز)، غير أن 52 % من النساء اللاتي سبق لهن الزواج وأعمارهن بين 15- 49، و54 % من الرجال يعرفون أن استخدام الواقي الذكري هو وسيلة لمنع انتشار هذا الفيروس”.