متى ستتغير أسعار الفائدة على الدينار؟

مع تراجع أداء الاقتصاد العالمي وتراجع أسعار العديد من السلع الأساسية المستوردة وعلى رأسها النفط الذي تشكل فاتورته نحو 20 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي، فإن الضغوط التضخمية على الاقتصاد لم تعد الهم الأساسي للمواطن أو البنك المركزي.

اضافة اعلان

لقد بات التخوف هو انتقال عدوى الاقتصاد العالمي لتطال قطاعات الاقتصاد الحقيقية، مثل الإنشاءات والصناعات التحويلية وغيرها بسبب التراجع المتوقع في الصادرات والطلب المحلي، أي إن التخوق انتقل من التضخم الى سيادة حالة من الركود والتباطؤ بسبب متغيرات عالمية نتفاعل معها.

ولتجاوز التراجع المتوقع فإن السياسات المتاحة لصناع السياسة تعتبر محدودة فمن جهة فإن وزارة المالية قدمت موازنتها للعام المقبل والتي تعتبر ضمن الإطار المالي المتوقع ولا تعتبر توسعية، أي لا يتوقع منها تحفيز الاقتصاد الوطني بما يوازي التراجع المتوقع، وتبقى السياسة النقدية المتمثلة بسعر الفائدة، فحتى الآن فإن سياسة البنك المركزي التي ثبتت صحتها ركزت على محاربة التضخم والإصرار على معدلات فائدة لم تعد متسقة مع سعر الفائدة على الدولار الهابط في حينه، وكذلك لم يخضع البنك المركزي لكافة الضغوط التي كانت تطالب بتغيير سعر الصرف.

ولكن الأزمة المالية حملت العديد من المتغيرات التي يفترض أن تتفاعل معها السياسة النقدية، فمن جهة فإن الاقتصاد العالمي يمر بمرحلة ركود وبخاصة في الولايات المتحدة، كذلك شهدت قيمة الدولار ارتفاعا خلال الشهرين الماضيين مما يعني أن خفض سعر الفائدة بات ممكنا من دون مخاوف من تراجع في سعر قيمة الدينار المربوط بالدولار.

 محليا فإن السوق المالي يعاني من تراجع ليس فقط بسبب المخاوف مما يجري في الأسواق العالمية، بل بسبب شح السيولة والتشدد في معايير الإقراض، وهذا واضح من آراء العديد من المتعاملين في السوق الذين يطالبون بخفض سعر الفائدة لكي يستعيد السوق جانبا من نشاطه، رغم قناعتنا التامة أن سعر الفائدة يجب أن لا يتغير بسبب فئة معينة على حساب الأخرى.

وهذا يقودنا الى الحديث عن النمو بشكل عام والذي يجب أن يتصدر أولوية الاهتمامات الرسمية، ضمن هذا السياق يعتبر سعر الفائدة أحد أهم الأدوات التي يمكن توظيفها لتجنب حدوث تباطؤ أو ركود مع ما يستتبع ذلك من تداعيات على البطالة والفقر.

 وبخفض أسعار الفائدة من خلال شهادات الإيداع سيتراجع العبء المالي المترتب على البنك المركزي نتيجة جهوده لامتصاص السيولة خلال الفترة التي كان الهم الأول فيها خفض نسبة التضخم، ولما بات التخوف من الركود هو الهم الاقتصادي الأول، فإن السياسة النقدية يجب أن تكون استباقية ومرنة، مع استمرار التشدد في نسب الاحتياطي الإلزامي  وشروط الائتمان التي وفرت حماية للنظام المالي والنقدي. فهل نشهد تراجعا في أسعار الفائدة لتدعيم خطوات الحكومة الهادفة الى التخفيف على المقترضين وتحريك الاقتصاد الوطني؟