متى يتوقف هؤلاء؟

في نهاية كل موضوع، تكتشف أن هناك "شلة" تخطط وتعبث وتقرر وتنفذ. وفي لحظة تكتشف أن الوطن الجميل، تحول من مكان آمن للعيش والعمل والعطاء والبناء، إلى مكان تجتمع فيه "الشلل"، وكل مجموعة لديها أهدافها ومخططاتها ومشاريعها ورجالاتها، عدا عن الحرب القائمة بينهم والتحالفات غير المعلنة وحسابات المصالح الخاصة ومصالح "الشلة" العميقة المُتفِقة ضمنا على كل شيء.اضافة اعلان
هذه ليست نظرية المؤامرة، فحين نتحدث عن الهوية الأردنية مثلا، نجد مجموعات وليس مجموعتين فقط. كل مجموعة أو "شلة" تتكون من سياسيين وكتاب وأحزاب ونواب ومسؤولين في الحكومة وأفراد يحملون معاولهم الجاهزة للهدم بفتح المواضيع والترويج لها والبحث عن تفاصيل مؤرقة، وللدفع باتجاه الفرقة والفتنة، بعضها بنوايا ظاهرة للعيان، لا تأبه بوطن ولا سكان، وبعضها بنوايا مخفية مخيفة، توجهها المصالح الخاصة أو الشهرة والنجومية وعلى حساب وطن يئن وشعب منذ التاريخ كان شعبا واحدا، سكن أبناؤه هذه البلاد لآلاف السنين وعاشوا بكل حب. لكن أولئك يريدون له أن يصبح شعبين بأي ثمن. وإذا جادلتهم في الهوية والمواطنة، بدأوا حربا ضدك باسم الوطن البديل، متجاهلين الفرق، ومتجاهلين أن كل الشعب، صاحب الهوية الواحدة، يقف جميعا ضد الوطن البديل.
في قضية التعديلات الدستورية الأمر مشابه، ونلاحظ أن كل هذه الحرب ضد الحكومة المنتخبة سببها أن "الشلل" قد رشحت رئيسها مسبقا، ولا تريد أن تصبح الحكومة منتخبة عبر الأغلبية البرلمانية التي يأتي بها قانون انتخاب عادل، فهناك وعود قديمة متجددة، قدمها رؤساء "الشلل" المعروفة، وأصبحت كضريبة عليهم دفعها، ما يجعل قبول الحكومة المنتخبة "شرا" و"خطرا" و"تنازلا" غير مقبول بالنسبة لهم. وهو الأمر نفسه بالنسبة لقانوني الانتخاب والأحزاب، فـ"الشلل" تنشط غير مهادنة، ترفض رفضا قاطعا التنازل قيد أنملة والتحول والتغيير نحو التمثيل العادل.
قضية تُثار بشكل غريب في ساعة واحدة، تنشط وراءها عشرات "الشلل" كقضية إقالة محافظ البنك المركزي السيد فارس شرف. وفجأة تكتشف أن هناك قصصا لا يُصدقها عقل وراء هذه الإقالة، تبدأ من محاولات رسم الموضوع أن "شرف" يتم تحضيره لمنصب مهم إلى درجة أن كل البلد "حرامية" وأن "شرف" استقال لرفضه التلاعب بالمال العام، مع أن حقيقة الأمر، أن "الشلل" تلعب أيضا بقوة في هذه المساحة، وتستخدم كل أنواع الروايات، حتى تلك الرواية التي تقول إن استقالته جاءت بسبب تجهيزه لمنصب مهم، فما هي إلا أذية له ليتم إقصاؤه بسبب ما يشاع عنه، خدمة لمصالح "شلة" معينة، وتحقيقا لمآربها.
أريد أن أفهم شيئا واحدا، يتعلق بموضوع بسيط جدا وهو سجن "ارميمين"، وهي القرية السياحية الوادعة التي تم بناء سجن في أرضها، وثار سكانها منذ ذلك التاريخ مطالبين بنقل السجن منها، وكيف استطاعت "الشلل" أن تصور الأمر باعتباره نقلا لسجن سلحوب فقط، ثم استطاعت مرة أخرى إقناع مدير الأمن العام أن أهل ارميمين "مبسوطون" و"راضون"، حسب تصريحاته، بوجود السجن في القرية، مع أنني شخصيا، على اتصال مع أكثر من 300 شخص وعلى رأسهم الأخ واصف الصايغ والذي تعلم الصحافة الأردنية جميعا أنه متفرغ كليا ويناضل هو وتلك المجموعة ساعة بساعة لنقل السجن من ارميمين أو إغلاقه أو تحويله لمركز تدريب أو علاج سياحي، ولكن "الشلل" بعثرت الحكاية واقتحمت مواقعهم على "فيسبوك" ثم صوّرت القضية كأنها شيء آخر!
متى سيتوقف هؤلاء؟ ومتى سيصبح هذا الوطن وكل أبنائه "شلة" واحدة قوية لديها أهداف واحدة ومصلحة واحدة هي مصلحة الوطن العليا العظيمة؟!