مجلس النقباء والدور المتجدد

قبل أزمة "مشروع قانون ضريبة الدخل"، شهد مجلس نقباء النقابات المهنية انتقادات عديدة من النشطاء النقابيين لما اعتبروه "تراجع دوره في القضايا العامة".. حتى أن اجتماعات المجلس لمناقشة القضايا النقابية والعامة كافة، كانت تعقد على فترات متباعدة، حتى شك البعض أن المجلس "ألغى" دوره بالعمل العام من تلقاء نفسه.

اضافة اعلان

طبعا، عزي تراجع دور المجلس لعوامل عديدة، منها سيطرة قوى وتجمعات نقابية مختلفة ومتباينة على مجالس النقابات المهنية.

ولكن هذا المجلس الذي استطاع في السابق أن يشكل رقما صعبا في العمل العام، وكانت له جولات وصولات في هذا العمل، دفعت حكومات للتعامل معه ومع العمل النقابي بقسوة وبقسوة شديدة في بعض الأحيان، عاد ليتبوأ مكانه البارز في العمل العام، وذلك قبيل وبعد إضراب 30 أيار احتجاجا على مشروع قانون ضريبة الدخل.

مجلس النقباء، في أوقات سابقة، تفوق على الأحزاب في العمل العام، ما أسهم بالمزيد من الانتقادات التي وجهت له باتجاه أنه احتل الدور المناط بالأحزاب.

هذا المجلس، وبدفع من تاريخه، والقوى النقابية الحية التي تشكله، وهي مجمل مجالس النقابات المهنية؛ حيث يضم بعضويته نقباء النقابات المهنية؛ استعاد دوره الفاعل، واستطاع أن يقود حركة الشارع في "أزمة الضريبة".

ونجح المجلس باحتضان حركة الشارع ضد السياسات الحكومية، وخصوصا السياسة الضريبية التي تجلت بمشروع قانون ضريبة الدخل؛ حيث أدت الحركة الشعبية الاحتجاجية إلى رحيل حكومة هاني الملقي، ومجيء حكومة عمر الرزاز التي سحبت فورا مشروع قانون الضريبة لسحب فتيل الأزمة.

ولم ينته دور مجلس النقباء، فهذا الدور المتصاعد، بالرغم من خفوت صوت الاحتجاجات الشعبية، يسهم بطمأنة الشارع.. إذ توجد جهة تحظى باحترامه تواصل العمل من أجله، ومن أجل التخفيف من أعبائه.

وظهر من تحركات مجلس النقباء التي تلت الإعلان عن تشكيلة الحكومة، ولقائه برئيس الوزراء عمر الرزاز، أنه يواصل دوره الفعال برفض مشروع قانون ضريبة الدخل، وأنه ما يزال متمسكا بموقفه الذي حظي بشعبية كبيرة بما يتعلق بهذا المشروع.

وهذا ما ظهر أول من أمس، عندما التقى مجلس النقباء باللجنة الوزارية المكلفة بمناقشة التعديلات بمجمع النقابات؛ حيث أعاد تأكيد موقفه، مطالبا الحكومة بعرض التعديلات عليه قبل إرسالها إلى ديوان التشريع.

يبدو أن مجلس النقباء الحالي، استطاع استعادة دوره بالحياة العامة.. ولذلك، عليه أن يكون حذرا في كل تعاملاته وفعالياته على الصعيد العام، فأي تراجع سيحسب عليه، ولن يرحمه الشارع بالنقد.

المجلس استعاد بريقه ودوره، وهو كما هو متوقع، سيحافظ على هذا الدور، وسيعززه ويطوره، بحيث يصبح إحدى أهم المؤسسات الفاعلة بالمجتمع.. وهذا الأمر يجب أن يدفع الأحزاب السياسية للتحرك والتقدم وتفعيل دورها، بدلا من استمرارها بالحديث عن المعوقات التي تحول دون ممارسة دورها، فالزمن لن يرحمها، وإذا بقيت تمارس دورها الحالي من دون فعالية، فستبقى كذلك بالمستقبل.